اقتصادالعناوين الرئيسية

نظام “BOO” في سوريا .. خطوة نحو جذب استثمارات بلا أعباء أم فجوة ثقة جديدة بين المواطن والدولة!

أعلنت وزارة الكهرباء في حكومة الإنقاذ قبل أيام فتح باب الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة، ووجهت من خلال بيان رسمي دعوة للمستثمرين ذوي الخبرة لتقديم عروضهم لتمويل محطة طاقة كهروضوئية، في موقع بريف دمشق بقدرة 100 ميغاواط، وذلك وفق نظام (BOO)، واشترط البيان إنشاء محطة تحويل (GIS) 230 كيلوفولت وربطها بشبكة 230 كيلوفولت عبر خط هوائي عدرا 2 – تشرين (دخول وخروج) بكامل التجهيزات اللازمة لضمان التشغيل والاستثمار الآمن.

 

ويأتي الإعلان في إطار سعي الحكومة السورية الجديدة لتعزيز الاستثمار في قطاع الطاقة، حيث أعلنت عن اعتماد نظام BOO (البناء، التملك، التشغيل) كآلية جديدة لتنفيذ مشاريع الطاقة.

خلافاً لما كان متعارفا عليه في الاستثمارات السورية المطروحة من قبل الحكومات السابقة في عهد نظام الأسد، والتي كانت تتم وفق نظام (BOT).

 

الفرق بين نظامي BOT وBOO

 

نظام BOT (البناء، التشغيل، نقل الملكية): يقوم المستثمر ببناء وتشغيل المشروع لفترة زمنية محددة، يسترد خلالها تكاليفه ويحقق أرباحا، ثم ينقل ملكية المشروع إلى الحكومة.

 

نظام BOO (البناء، التملك، التشغيل): يبني المستثمر المشروع ويمتلكه ويشغله دون التزام بنقل الملكية إلى الحكومة، مما يمنحه سيطرة كاملة على المشروع وعوائده.

 

الإيجابيات والسلبيات لنظام BOO

 

بينما يجذب نظام BOO الاستثمارات الأجنبية، ويوفر حوافز أكبر للمستثمرين، نظرا لامتلاكهم المشروع بشكل دائم، مما قد يزيد من تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع الطاقة السوري.

ويخفف العبء المالي عن الحكومة، بإسهامه في تقليل النفقات الحكومية على مشاريع البنية التحتية، حيث يتولى القطاع الخاص تمويل وبناء وتشغيل المشاريع، ويعد بتحسين كفاءة التشغيل، حيث قد يؤدي إشراك القطاع الخاص إلى تحسين كفاءة وإدارة مشاريع الطاقة، مستفيدا من خبراته وتقنياته المتقدمة.

 

يُخشى مع هذا النظام من فقدان السيطرة الحكومية، فمع امتلاك المستثمرين للمشاريع بشكل دائم قد يقلل من قدرة الحكومة على التحكم في سياسات الطاقة الوطنية، ويضاف في السياق السوري مخاطر اجتماعية، قد يؤدي إليها التركيز على الربحية، مثل إغفال تسعير الخدمات بما يتناسب مع دخل المواطنين، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي.

 

وتعد التعقيدات القانونية التي قد تتسبب بها عقود BOO في ظل غياب الإطار القانوني والتنظيمي المتين الضامن لحقوق كل الأطراف، واحداً من أبرز المخاوف التي تبرز في ظل اعتماد هذا النظام التعاقدي نظام مناسب لمشاريع الطاقة

 

أثبت نظام BOO نجاحا في العديد من الدول كآلية فعّالة لجذب الاستثمارات الخاصة في قطاع الطاقة، خاصة في ظل الحاجة الماسة لتطوير البنية التحتية للطاقة دون تحميل الحكومات أعباء مالية إضافية.

 

ويمكن أن يسهم في تعويض النقص الحاد في الطاقة الذي تعاني منه البلاد منذ سنوات، خاصة بعد تدمير جزء كبير من البنية التحتية للطاقة خلال الحرب. ومع ذلك، فإن نجاح هذا النظام في سوريا يتطلب بيئة استثمارية مستقرة وإطارا قانونيًا واضحا يضمن حقوق جميع الأطراف، من المستثمرين والحكومة والمواطنين.

 

الاستقرار الاجتماعي والسياسي

 

يتميز الوضع السوري بتحديات فريدة، حيث يعاني المجتمع من انعدام الثقة في الدولة والمؤسسات منذ عقود، بدأ في ظل نظام الأسد وتفاقم هذا الوضع بعد عام 2011 مع تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية، ليستمر في تفاقمه، بعد سقوط النظام، نتيجة غياب الخطوات الواضحة لإعادة بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.

 

وعلى سبيل المثال، خلقت سياسة إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية التي أدت إلى فصل آلاف الموظفين، إلى زيادة من حالة عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وتعميق الفجوة بين المواطن ومؤسسات الدولة.

 

وفي هذا السياق، يمكن لنظام BOO أن يلعب دورا في بناء الثقة بين المواطنين والدولة، إذا ما تم تطبيقه بشكل شفاف وعادل، مع ضمان أن تعود فوائد هذه المشاريع على المجتمع ككل.

ومع ذلك، يجب أن يكون هناك ضمانات لعدم استغلال المستثمرين للوضع الاقتصادي المتردي، وأن يتم تسعير خدمات الطاقة بما يتناسب مع دخل المواطنين.

 

يذكر أنه وعلى الرغم من أن نظام BOO يتضمن مشاركة القطاع الخاص في بناء وتشغيل مشاريع الطاقة، إلا أنه يختلف عن الخصخصة الكاملة، في نظام BOO، تظل الحكومة تملك دورا رقابيا وتنظيميا، حيث يمكنها وضع شروط ومعايير تضمن تحقيق الأهداف الوطنية، مثل توفير الطاقة بأسعار معقولة والحفاظ على الأمن القومي.

 

في المقابل، تعني الخصخصة نقل ملكية الأصول العامة إلى القطاع الخاص بشكل دائم، مما قد يؤدي إلى فقدان السيطرة الحكومية على قطاعات استراتيجية مثل الطاقة.

لذلك، يعتبر نظام BOO حلا وسطا بين الحفاظ على السيطرة الحكومية وجذب الاستثمارات الخاصة، مما يجعله مناسبا للوضع السوري الحالي الذي يتطلب موازنة بين الحاجة إلى الاستثمار والحفاظ على السيادة الوطنية، شرط وجود رقابة صارمة على التطبيق، وبنية قانونية متينة، وشفافية عالية.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى