رمضان في اليونان
يشكل مسلمو اليونان أقلية في هذا البلد الذي يعتبر ذو أغلبية مسيحية، حيث يبلغ عددهم هناك 250 ألف نسمة فقط من إجمالي سكان اليونان الذين يبلغون 11 مليون، ورمضان بالنسبة لهذه الأقلية له طابع خاص ويشكل فرصة لتأكيد تمسكهم بعباداتهم في مختلف أنحاء اليونان.
يستقبل المسلمون اليونانيون رمضان قبل بدايته بما يقارب الأسبوع، فيقوم أصحاب المحال التجارية بتزيين محلاتهم، ويقومون بتوزيع الإمساكيات التي تكون في الغالب بمثابة إعلان لهم، وينتهز التجار فرصة قدوم شهر رمضان لاستيراد التمر من مختلف البلدان، وصناعة الحلوى التي تلقى رواجا كبيرا خلال هذا الشهر·
ومن أكثر المشاهد التي تشير للوهلة الأولى إلى قدوم شهر البركات، تكدس المتاجر وازدحامها بأغلبية المسلمين في أماكن المتاجر والمحال، من أجل شراء مستلزمات هذا الشهر الكريم، الذي تكون له أكلاته الخاصة وحلوياته التي يحبها الكبار والصغار.
وتقوم المساجد بتنظيم المسابقات الرمضانية، التي تتضمن مسابقات للقرآن والسنة، بالإضافة إلى الأنشطة الرمضانية والثقافية التي يقبل عليها الكبار قبل الصغار، بالإضافة إلى نشاطات الإحسان والرحمة التي ترتفع خلال هذا الشهر، حيث يسعى أغلب المسلمين للتبرع بالمال إلى الصناديق الخيرية الأخرى التي تتقصى أحوال المسلمين المحتاجين سواء في اليونان أو خارجها.
في أثينا التي قدم لها مسلمون من جنسيات مختلفة للعمل أو الدراسة، توجد عشرات المصليات العربية والآسيوية التي وضعت برامج النشاطات الخاصة بالشهر الكريم، ومن المعتاد أن تدعو بعض المساجد أحد الأئمة المعروفين من الخارج للمساهمة في إحياء شعائر رمضان، كما أن بعض المسلمين يستغلون شهر رمضان للسفر إلى الأراضي المقدسة للعمرة.
وفي ثراكي شمال اليونان تقطن أغلبية مسلمة حافظت بمرور الزمن على عاداتها وتقاليدها، ويقول مفتي مدينة كوموتيني جمال إدريس متسو لأحد وسائل الاعلام أن شهر رمضان له مكانة خاصة لدى الجميع حيث تبدو مظاهر الالتزام بالعبادات على الجميع، فلا يلمح الزائر مسلما مفطرا في الشوارع، كما تقفل المقاهي نهارا.
وبعد صلاة العصر من كل يوم يجتمع المسلمون في المساجد حيث يستمعون إلى أحد حفاظ القرآن وهو يتلو جزءا كاملا من القرآن الكريم، وعند الإفطار تجتمع عدة أسر في بيت واحد، ثم تنطلق بعدها إلى المسجد للصلاة، ومأكولات الأقلية المسلمة في ثراكي مشابهة تماما للمأكولات التركية، شأنها شأن سائر عاداتهم وتقاليدهم، كما يتكلمون اللغة التركية فيما بينهم.
ولا تختلف عادات مسلمي الجزر اليونانية -رودوس وكو- عن عادات ثراكي، حيث أوضح الشيخ شكري داماد أوغلو إمام جزيرة كو لإحدى وسائل الاعلام أن مسلمي الجزيرة خلال رمضان يقيمون نشاطات تشمل حلقات تلاوة القرآن في البيوت وفي المساجد تتم قراءة جزء كامل من القرآن بعد صلاة العصر، ثم ما بين المغرب والعشاء يُقرأ ما تيسر من القرآن. ثم تلقى كلمة إرشادية بالمصلين.
ويحاول الآباء مكافأة أبنائهم على الصيام ببعض الهدايا التشجيعية، ولا يشتكي مسلمو كو من أي تضييق في إقامة شعائرهم الدينية، وإحياء مناسباتهم من جمع وأعياد وغيرها، على حد قول أوغلو.
أما مسلمو كريت وأغلبهم من الجالية العربية، فيقيمون إفطارات جماعية بشكل يومي في المسجد كما يقول أشرف كبارة أحد مسؤولي مسجد مدينة خانيا لأحد وسائل الاعلام، مضيفا أن برنامج رمضان لا يختلف من سنة إلى أخرى، حيث تبدأ الدروس يوميا من بعد صلاة العصر إلى المغرب، ثم تتابع بعد ذلك إلى موعد صلاة التراويح، وتتنوع الدروس اليومية بين قراءة القرآن والتفسير وشرح الأحاديث النبوية الشريفة.
ومنذ سنوات قليلة ظهرت أزمة اللاجئين الذين في أغلبيتهم هم مسلمون، وظهرت معاناة اللاجئين المستمرة نظرا لوضع المخيمات السيء ولأن هؤلاء ينتظرون فرصتهم للخروج ومتابعة سفرهم إلى دول أوروبا الأخرى.
وفي شهر رمضان، يوزع بعض المتطوعين الطعام على اللاجئين أثناء الإفطار، وتساعد بعض المنظمات الانسانية هؤلاء اللاجئين خصوصا بعد الاتفاق مع تركيا الذي انقطع بموجبه الطريق إلى أوروبا.