هل سيرجع العيد عند السوريين كما كان قبل الحرب ؟
يستعد السوريون لاستقبال عيد الأضحى، فالشوارع مكتظة بالناس، وعربات الخضار والفواكه مليئة بما لذ وطاب، وأغلب الجيران تفوح من منازلهم روائح المنظفات، استعداداً لأي ضيف يطرق باب منزلهم .
وبالرغم من أن الشكل الظاهري للعيد موجود بشكل من الأشكال، إلا أن البهجة التي يتحدث عنها “أبو سمير” لأبنائه وأحفاده، “اختفت سنة ورا سنة”، وباتت التفاصيل التي يحاول الحفاظ عليها أمثال “أبو سمير” باهظة الثمن وصعبة الوجود .
“رائحة الهيل والقهوة المرة، كانت تستقبل كل زوار منزلنا مع أول طرقة على الباب، وخاصة أنهم يقصدون منزلي صباح العيد لتذوقها”، هذا ما قاله “أبو سمير” قبل أن يرتجف صوته متابعاً “ما زلت أصنع القهوة كل عيد، ولكنها اليوم، تذكرني بولدي الشهيد” .
ويتذكر محمد، صاحب 40 عاما، “جمعة” أول يوم بالعيد، قائلاً لتلفزيون الخبر “كنت أتجادل مع زوجتي في صباح كل عيد، دعوة من سنلبي على الغداء، أهلي أم أهلها، ونخرج دوماً بالحل، أن نأكل نصف الوجبة هنا ونصفها الأخر هناك، أما اليوم وبعد سفر أخوتي، باتت مجبرة على البقاء معي لنأكل كامل الوجبة عند أهلي” .
ولا تقتصر اختفاء بهجة العيد، عند ركوة قهوة أبو سمير، أو سفر أخوة محمد، بل أنها طالت “حلة” أم سمير أيضاً، التي خلت من المكسرات والسمن العربي، وبات منظر سفرتها “مصدراً للإحراج” أمام أبنائها المجتمعين في بيت كبيرهم .
أما الطفل علي، صاحب التسع سنوات، فيخاف أيضاً من اختفاء بهجة العيد، فمجموع “عيدياته” يتناقص تدريجياً مع كل عيد، بالرغم من أن احتياجاته للمفرقعات، والحلويات باتت أكبر من السنين السابقة، حتى أن “المراجيح” التي تنصب في أول الحارة، باتت تسعيرتها أغلى .
ولعل العادات الاجتماعية في العيد (كالزيارات والعيديات والهدايا)، بدأت بالاختفاء تدريجياً بسبب الظروف الاقتصادية، والحرب التي عززت عادات أخرى بدلاً منها، كزيارة المقابر صباح أول يوم من العيد، الذي جعل منها محطة لقاء لأشخاص لم يلتقوا منذ سنين .
ويتمنى السوريون الذين يشعرون باختفاء بهجة العيد، أن تعود كما كانت، لتمتلئ “حلة أم سمير بالمكسرات، وترتفع عيدية علي، ويجتمع أخوة محمد من جديد، لتتمكن زوجته من أكل نصف وجبتها الأخرى في بيت أهلها، أما ركوة قهوة أبو سمير، ستبقى تغلو على مجمره، كما قلبه .
يزن شقرة _ تلفزيون الخبر