“تحديد الكل..إرسال” .. هل اختُصِرَت زيارات العيد “بصورة” ؟
اختصارات كثيرة نالت من الكثير مما كان في سالف الأزمان يحمل أحد تفاصيل بهجة العيد ويميّزه عن غيره من الأيام، فعيد السوريين الذي كان يبدأ صباحاً بتكبيرات الصلاة ثم زيارة القبور وجولة معايدات الأقارب لم يعد محافظاً اليوم على هذا التراتب.
وبات أكثر السوريين يكتفون “بصورة” ربما تكون قد وصلتهم أيضاً، أو قاموا بالبحث عنها واختيارها بألوان زاهية وكلمات معبرة لتفي بالغرض ويتم من خلالها اختصار كثير من قرع الأبواب.
فهل باتت هذه الطريقة في المعايدة خيار السوريين المناسب نظراً لشيوعها مؤخراً ؟ للوقوف على ذلك، أجرى تلفزيون الخبر استطلاعاً لحالات مختلفة تعددت وجهات نظرها تبعاً لظروفها.
“الضرورة اقتضت ذلك”، يقول وسيم لتلفزيون الخبر، متابعاً “اليوم يوجد في العائلة الواحدة حالات فقد كثيرة .. كثيرون من غادروا البلد .. وكثر من استشهدوا ومن فقدوا، فاللعيد اليوم حالات استثنائية.. وأكثرها فيما إذا كنت مسافراً لاسبيل لديك سوى هذه الطريقة في المعايدة أو مكالمات الفيديو مع الأقارب”.
أما عن مَن لم يغادروا فيقول أحدهم: “أنا أسكن في صحنايا وكل من تبقى من أقاربي في ضاحية قدسيا وما حولها .. اجتمعت مع إخوتي أول أيام العيد عند زيارة والدي ووالدتي في مقبرة باب الصغير ..” أما عن الزيارات، يردف ” لايمكنك إلا أن تحسب لليتر البينزين بعد أزمته الأخيرة..، لابد من زيارات العيد لكن للضروري منها”.
زهير، عامل في أحد مخابز العاصمة يرى أن “الإمكانيات المادية اليوم هي السبب”، مضيفاً “يادوب كفى الراتب مستلزمات العيد والأولاد، وزيارات العيد يعني “فت” معايدات على أولاد إخوتي وأخواتي”، معبراً بالقول: “أيام زمان الولد كان يرضى ب ١٠٠ ليرة عيدية اكتر شي، اليوم اختلف الوضع”.
سارة شابة في العشرينيات، قالت لتلفزيون الخبر: “هيك أسرع..، شيء ممل الزيارات، ما الأحاديث التي يمكن أن افتحها مع خالتي وعمتي وزوجة عمي وأخوالي وأعمامي؟ ..، فغالباً كل أحاديثهم عن همومهم ومعاناتهم ووضع البلد”، “أنا لا أحب الزيارات العائلية أساساً”.
تضيف “أصمم صورة أختار لها ألواناً “مفرفشة”، وأكتب عليها ما أريد وأذيلها باسمي، لأرسلها للجميع ولأرد بها على كل معايدة ترسل إلي”، مردفة “بوقت المعايدات بطلع مع رفقاتي أفضل”.
يزن شاب يعمل في شركة حوالات في دمشق، قال لتلفزيون الخبر: “ضغط العمل ماقبل العيد كان كبيراً وأنا بانتظار العطلة للراحة وتعويض النوم، فروتين رمضان آخر أيامه كان متعب”، مضيفاً “أقضي أغلب وقتي في العيد بتعويض النوم والراحة ومتابعة التلفزيون والفيسبوك”.
ويتابع “بعد العيد أقوم بزيارة أقاربي المقربين، ليس بالضرورة خلال العيد”، “هيك بيكون الواحد ارتاح والشوارع هادية”، منوهاً إلى أنه “يصاب بتلبك معوي من حلويات العيد التي لا يمكن أن “يفشّل” من يقدموها له خلال زيارتهم في العيد”.
وفي حالة أخرى، تقول ريم: “سابقاً كنت أصحى على صوت أمي وهي تحاول أن تجري اتصالات أول يوم العيد مع أخوالي الذين يعملون خارج الوطن، كانت أغلب عباراتها “علق الخط أو ما علّق”، وذلك عبر الهاتف الأرضي ذو القرص”.
تردف ريم “اليوم تبدو المعايدة “بصورة” هي الحل الأنسب لأمي، خاصة في ظل بطء الإنترنت خلال ايام العيد وتعذر مكالمة الفيديو أو الصوت وارتفاع أسعار المكالمات العادية”، متابعة “لكن لايخلو الأمر من بعض الزيارات العائلية، فأنا لا أزور منزل عمي، مثلاً، خلال السنة إلا في العيد”.
ويختصر أبو شادي، رجل خمسيني الحكاية بالقول: “العيد في آخر السنوات بات يقتصر على شراء “الآس” وزيارة قبر أمي قبل صلاة العيد أو بعدها، أما عن إخوتي فقد توزعوا خلال السنوات الماضية كلٌ في مكان وأرض وعالم”، خاتماً “كل شي اتغير ماعلّقت على المعايدة”.
يذكر أن البلاد تشهد هذا العام تحسناً ملحوظاً في إحياء مظاهر العيد وأشكاله، هذا إذا تم استثناء الحديث عن ارتفاع أسعار مستلزمات العيد من حلويات وثياب، وذلك في ظل عودة كثير من المهجرين إلى سوريا وانقشاع غيمة الحرب عن سماء الوطن.
روان السيد – تلفزيون الخبر