عيد السوريين عيدين .. “خلصنا من رسائل المسابقات”
نوع جديد من السعادة يحمله العيد للسوريين هذه السنة، ليضاف إلى قائمة “السعادات” الجديدة التي اختبرها خلالها، وهو انتهاء برامج المسابقات التي أرّقت ليله ونهاره بعشرات الرسائل الخلوية التي لا تنتهي ولا تتوقف وبصيغ متنوعة، بغية دفعه للاشتراك في هذه المسابقات و التي “تعده بالملايين”.
دون كلل أو ملل، استمرت شركات الاتصال الراعية لهذه المسابقات في عملية “الترغيب” المعتمدة على ضخ الرسائل ليلا ونهاراً ليتحول هذا الضخ من الترغيب، إلى نوع من “الترهيب” القائم على الضغط على أعصاب المواطن بطريقة جديدة مغلفة “بالنوايا الحسنة”.
“هل تعلم أن لديك 5000 فرصة ربح، لكنها غير فعالة؟”، ” رسالة وحدة ممكن تعمل الفرق وتغيرلك حياتك”، “حلمك سيصبح حقيقة “، وغيرها الكثير من الرسائل التي وبمجرد الاستجابة ولو برسالة واحدة، سيفتح المشترك الباب على نفسه لسيل من الأسئلة ، وإذا استمر باللعبة، يكون الرابح الأول هو شركة الاتصالات.
“وإذا كنت من الصابرين أو العنيدين ولم تقبل الرضوخ لهذا الضغط المتواصل، وإرسال رسالة بكلفة 100 ليرة سورية، فالشركة أعند منك بالتأكيد وهي سترسل الأسئلة سواء بادرت أو لم تبادر .”
وتأتي فقرات المسابقات الرمضانية كتقليد رمضاني قديم على الشاشات السورية وغيرها، وعرفت الشاشة برامج متعددة من “الفوزاير” ومسابقات رمضان التي كانت تعتمد على الاتصال عبر الهاتف الأرضي وربح مبالغ غير كبيرة لكنها كفيلة بجلب السعادة للجمهور والرابح على حد سواء، فتأتي المسابقة رديفاً للترفيه الذي ينتظره الصائم بعد وجبة الإفطار.
ومع تحول معظم ما يعرض على الشاشات إلى تجارة بحتة تعتمد على حاجة الناس وصعوبة ظروفهم، واللعب على وتر الإغراء بربح مبلغ يغير الحال، يتحول الشهر الفضيل إلى فرصة مثالية لهؤلاء التجار الذين يقفون وراء شركات الاتصال لزيادة ثروتهم.
وتساءل أحد السوريين ” يا ترى ما هو كم الأرباح التي تحققها هذه الشركات والبرامج من الرسائل التي ترسل إليهم؟، ولماذا لا يكون هناك قانون يمنع الشركة من الإزعاج المتكرر بهذه الطريقة، خاصة بالنسبة للرسائل التي تصل ليلاً؟”.
فيما نشر أحد الناشطين، منشوراً تهكمياً، قال فيه ” إنه ذهب إلى إحدى شركتي الاتصال العاملتين في سوريا، لإيقاف خدمة العروض والإعلانات، ليرتاح من هذه الرسائل، وبعد أن تمت العملية بنجاح حسب موظفة الشركة، إلا أنه وأثناء خروجه من باب مركز الخدمة وصلته رسالة المسابقة مرة أخرى”.
وتعمل في سوريا شركتان للاتصالات الخليوية، وذكرت تقارير نشرت في بداية 2019، أن أرباح الشركتين بلغت عشرات المليارات في نهاية عام 2018.
ومع انتهاء الشهر الكريم، ربما على السوريين توجيه الشكر لهذه الشركات ورسائلها المزعجة، لأنها أعطتهم مجالاً جديداً للشعور بالسعادة و”بعض” الراحة بانتهائها، يشابه شعور النصر بالحصول على جرة غاز بعد حرمان طويل.
رنا سليمان _ تلفزيون الخبر