ماذا تعرف عن الاحتفال بـ “القوزلي” أو “رأس السنة الميلادية على التقويم الشرقي”؟
“بعد العيد مافي كعك ” و “بين القوزلي والقدّاس بيت الفلاح ما بينداس” و العديد من الأمثال الشعبية الأخرى المرتبطة بإحياء “القوزلي” أو الاحتفال برأس السنة الميلادية على التقويم الشرقي.
ويصادف “القوزلي” الرابع عشر من كانون الثاني، حيث تجتمع العائلة مساءاً، و تبدأ السهرة في ليلة الثالث عشر منه، يتزاور الناس، و يعقدون سهرات الغناء والطرب.
و تحدّث الباحث التاريخي حيدر نعيسة لتلفزيون الخبر عن هذه المناسبة، قائلا: “القوزلي” هي مناسبة يعود تاريخها إلى ما قبل الاسلام والمسيحية، حيث كانت الشعوب والقبائل تُحي ليلة رأس السنة الميلادية على التقويم الشرقي بإشعال النيران، وفعل “قزل” أي أشعل النار”.
و قال نعيسة “يوافق عيد أو مناسبة “القوزلي” الاحتفال برأس السنة الميلادية وفق التقويم الشرقي بفارق 13 يوم عن التقويم الميلادي الغربي، حيث يعتبر يوم 14 كانون الثاني غربي، هو يوم 31 من كانون الأول وفق التقويم الشرقي”.
وأوضح نعيسة “و هي مناسبة تحتفل بها العديد من القرى بإشعال النيران عشيّة القوزلي، حيث يتم تكديس وجمع الأحطاب و إشعال النيران في ساحة القرية، ثم يجتمع الأهالي والأطفال ويعقدون حلقات الدبكة والرقص احتفالاً بالعام الجديد”.
وعن الأطعمة المرتبطة بـ “القوزلي” قال الباحث التاريخي حيدر نعيسة “ارتبط البرغل والطحين بالقوزلي إضافة إلى اللبن والكبب المحشية بالسلق والبصل واللحم المفروم، والكعك الذي يُخبز على الصاج أو التنور”.
وتابع نعيسة “ارتبطت هذه المناسبة بالمثل الشعبي الشهير “بعد العيد مافي كعك”، أما في المدينة فيحتفلون بـ “القوزلي” بإعداد الشيشبرك والكبة المحشية باللحمة”.
وعن طقوس القوزلي قال نعيسة ” تُشعل النيران وتُعقد حلقات الدبكة، وتتعاون النساء على إعداد البرغل واللحم والكعك، وإشعال النار يأتي في إطار النذور، تيمناً بأول نذر قدمه هابيل عليه السلام فأشعلته النار، والطائفة المسيحية تُشعل الشموع على أنها نذور تُوفى”.
و أكمل نعيسة “بعد الاحتفال يقوم الأهالي بزيارة أمواتهم وقراءة الفاتحة على أرواحهم، ثم يجتمعون على مائدة واحدة، و يعملون على إزالة الخلافات فيما بينهم بهذه المناسبة، فلا يُقبل أن يبقى أحد مُعرضاً عن الآخر، يتلون الصلوات، يأكلون ويطعمون أطفالهم”.
وعن البعد الديني للاحتفال بـ القوزلي” قال نعيسة لتلفزيون الخبر “القوزلي من المناسبات التي لا جانب ديني صرف لها، فهي مناسبة ذات بُعد اجتماعي يغلب على طابعها الديني أو سواه”.
وشرح نعيسة “تحتفل بالقوزلي حتى يومنا هذا العديد من القرى في الساحل كعرامو ودمسرخو وكرسانا وجناتا و بعض قرى بانياس وجبلة، كما يحتفل فيها أهالي الداخل والسهل والجبل”.
وأضاف نعيسة إن “إحياء القوزلي مرتبط بالعادات والتقاليد أكثر من ارتباطه بالدين، وطالما أن المعتقدات ثابتة وراسخة في القلوب، يستمر الاحتفال بالعادات ولا تفنى، رغم أن الاحتفال بأعياد ومناسبات الغرب تقدم و أدى إلى تراجع بعض عاداتنا والاحتفال بمناسباتنا، لكنهه لم يلغيها أبداً”.
و بمرور الأيام تغيّرت الاحتفالات بالقوزلي، واحتلت شاشات التلفاز السهرات في القرية، و انتشرت وسائل التدفئة البديلة عن الحطب أو إشعال النار، لكنها لم تندثر، ومازالت العديد من القرى تحتفل بهذه المناسبة وتشعل النار وتعقد حلقات الدبكة، كما أن رائحة الكعك مازالت مرتبطة بالقوزلي إلى يومنا هذا.
يذكر أن “الباحث التاريخي حيدر نعيسة هو ابن مدينة اللاذقية، بدأ رحلته بالبحث في الموروث الشعبي، ليصدر موسوعة “التراث الشعبي في اللاذقية”، ولديه كتب مطبوعة، منها “صور ريفية من اللاذقية”، و”من أساطير الشجر”، و”ألغاز شعبية”، و”إطلالات ساحلية”، و”عين علي” وغيرها”.
سها كامل – تلفزيون الخبر