كاسة شاي

من أم منتظرة إلى فنانة موهوبة .. رنا عباس إحدى “ حكايا الفن “ في اللاذقية

كانت حياتها رتيبة، موّظفة ، تنتظر يوم الإجازة، لتحظى بالمزيد من النوم ربما، أو الخروج مع عائلتها، أو لربما تنتظر وقتاً تجلس فيه مع نفسها لتُسكت ذلك الصوت الذي يصدح في أعماقها بحثاً عن شيء ما.

رنا عباس، وبعد أن تجاوزت الـ 37 من عمرها، وأصبحت أمّاً لطفلتين، هي الآن فنّانة ونحّاتة، لن يصدق من يرى أعمالها أنها تتعلّم النحت منذ ستة أشهر لا أكثر.

جولي ولين كانتا البداية، وفي يوم اعتيادي خرجت رنا مع ابنتيها، لإيصالهما إلى نادي حكايا الفن في اللاذقية، حيث كانت الطفلتان تتلقيان دروساً في الرسم، أما رنا كان عليها انتظارهما، ليعودوا سويّاً إلى المنزل.

وبعد برهة من الزمن وجدت رنا نفسها داخل استديو النحت في النادي، وبين يديها قطعة من الطين عليها تحويلها إلى أذن بشرية.

وبدلاً من انتظار طفلتيها، وإضاعة الوقت الذي نتفنّن في هدره، تقول رنا لتلفزيون الخبر “كنت انتظر ساعة ونصف الساعة لانتهاء درس الرسم، وإعادة طفلتي إلى المنزل”.

وتكمل “استرقت النظر مرّة إلى استديو النحت، دخلت فتاة نضرة مليئة بالحياة، مسرعة إلى الاستديو، وبدأت بالعمل، كان الباب مفتوحاً ألقيت نظرة، وتمنيت أن أحاول”.

وتضيف “أجببت الفن مذ كنت طفلة، ولأنني لم أمارسه يوماً، كنت مصرّة على تعليمه لطفلتي، وبعد أن أصبحت حياتي العملية مُملة، كمهندسة معلوماتية موظّفة لدى الدولة، لم يفارقني مشهد الفتاة، وهي تحرك الطين بين يديها من خلف الباب”.

وعن بدايتها، في النحت تقول “تواصلت مع يزن جبور مدير نادي حكايا الفن في اللاذقية، وكان من أكثر المشجعين، وعرّفني على الأستاذ فادي محمد هو ليس أستاذاً فقط في النحت إنه أستاذ في الصبر والأخلاق والصدق، وبدأت النحت حقاً”.

انقلبت الفكرة، وتغيّرت تغيّراً جذرياً، وبدلاً من انتظار طفلتي لتنهيا درس الرسم، أصبح زوجي وشريك حياتي ينتظرنا في المنزل لأعود من الاستديو، زوجي كان من أكثر المقربين إليّ حماساً للفكرة، وأول “بورتريه” نحته هو وجهه الذي أعشق”، والكلام لرنا..

وتشرح “شعرت بالملل أحياناً، الأستاذ فادي كان صبوراً، و يقول دائماً “عندما تشعرين بالملل توقفي فوراً، العبي مع الأطفال”، بدأت بقطع صغيرة أذن، أنف، قََدَم، ثم تطورت ونحت أكثر من “بورتريه” وعُرِضت إحدى منحوتاتي في احتفالية زلفة الفنية الصيف الماضي”.

في هذا المكان، الآن وأنا أتحدث عنه، ورائحة القهوة تملأ الهواء، تقول رنا ، انظر إلى النافذة، وصوت فيروز، و وجه بشري أنحته أنا بنفسي، عالم جميل مختلف تماماً عمّا عشته سابقاً، عن الوظيفة وساعات الدوام، والأحاديث المكررة، إنه عالم نقيّ لا مكان لشيء فيه سوى لي أنا، رنا الفنانة التي ولدت من جديد.

وقال أستاذ النحت في نادي حكايا الفن فادي محمد لتلفزيون الخبر” هنالك أشخاص كثر بداخلهم فنان أو حالة فنية، إلا أن ظروفهم أو الوضع الاجتماعي، أو ربما البيئة، قادتهم إلى اتجاهات مختلفة”.

ويختم “لكن بمجرد إعطائهم الفرصة، وتواجدهم في المكان الصحيح، ولو بعد فترة، سيظهر الفنان الدفين بداخلهم، فقط يحتاجون الفرصة والتحدى ومواجهة الخوف”.

سها كامل – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى