حرب تموز .. ذكرى انتصار الدم على النار
بعد 33 يوما من القصف الصهيوني العشوائي برا وبحرا وجوا على لبنان والذي طال الحجر والبشر مخلفا مجازر ودمارا هائلا خصوصا في ضاحية بيروت الجنوبية، أعلنت الأمم المتحدة عن وقف الحرب وتم إصدار القرار 1701.
على مدى هذه الأيام وباستخدام كل الأسلحة التي لديها، ومنها غير المشروعة كالقنابل العنقودية، قامت “اسرائيل” بقصف وهدم كل ما يمت للمقاومة الاسلامية بصلة، ولكنها لم تنجح في تحقيق أي هدف من أهدافها المعلنة وغير المعلنة، ولم تنجح عملية “الثواب العادل” حسب التسمية “الاسرائيلية” في الرد على عملية “الوعد الصادق” التي قام بها عناصر المقاومة.
الجنديان الصهيونيان اللذان ادعت “اسرائيل” أن تحريرهما هو هدف الحرب الأول لم يعرف مكانهما إلا بعملية التفاوض غير المباشر، وتدمير البنية الصاروخية لحزب الله لم تحصل بل أعلن الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله بنهاية الحرب أن عدد الصواريخ لديه ازدادت أضعافا، وتشويه صورته بين أنصاره لم تنجح به بل على العكس كان صمود أنصار ومناصري الحزب مشهودا.
هذه الحرب التي بينت التحقيقات “الاسرائيلية” الداخلية فيما بعد أنه جرى الاعداد لها مسبقا وكانت ستتم بعملية خطف الجنود الصهاينة أو بدونها، انتهت بفشل ذريع للجيش “الاسرائيلي” وخصوصا على المستوى الحربي، حيث شهدت إحدى أيام الحرب ما سمي بمجزرة الميركافا حين دمر عدد قليل من عناصر المقاومة في وادي الحجير 35 دبابة من نوع ميركافا أو كما يسميها العدو (عربة الرب) التي كانت تعتبر فخرا لصناعة السلاح “الاسرائيلية”.
وظهرت على وسائل الاعلام الصهيونية تصريحات وأقوال الجنود “الاسرائيليين” المشاركين في الحرب وكأنها هذيان وهلوسات تتحدث عن مدن ملعونة وأشباح تمشي بينهم وتأتي من خلف ظهورهم ومن أمامهم وتقتل رفاقهم، في إشارة إلى التنظيم الكبير في صفوف المقاومة .
في المقابل نجح عناصر المقاومة الاسلامية “حزب الله” بقصف الداخل “الاسرائيلي” واستهدفوا ولأول مرة مدن فلسطينية محتلة، وبلغ عدد المدن المستهدفة حوالي 15 مدينة بينهم صفد وحيفا وبيسان والناصرة وخضيرة وغيرها، ولأول مرة عرف المستوطنون بأن الصواريخ العربية هي فوق رؤوسهم.
وتبقى الذكرى الأجمل التي سيرويها كثيرا هذا الجيل الذي عاصر هذه الحرب البشعة أن التاريخ سجل أن قرار قصف البارجة “الاسرائيلية” المسماة “ساعر 5” جاء على الهواء مباشرة في نهاية أول بيان تلاه السيد حسن نصر الله أثناء الحرب، وكان أحد العلامات المشرقة في تاريخ الصراع العربي مع العدو الصهيوني.
انتهت حرب لبنان الثانية كما سماها الصهاينة بقرار دولي عن الأمم المتحدة 1701 نص على ايقاف الأعمال القتالية وانسحاب كل من الجيش “الإسرائيلي” إلى الخط الأزرق وانسحاب قوة حزب الله إلى شمالي نهر الليطاني واانتشار الجيش اللبناني في الجنوب وتوسيع قوة اليونيفيل.
كثير من الزعماء والملوك العرب انتظروا خسارة حزب الله وسقوطه كي يكملوا ما بدأه “الاسرائيلي” ويبدأ عصر “الشرق الأوسط الجديد” الذي كانت تبشر له كوندليزا رايس وزيرة خارجية الولايات المتحدة آنذاك، ولكن عناصر المقاومة وبدعم سوري أوضحه السيد حسن نصر الله كان لهم رأي أخر.
ومن وصف المقاومة بمجموعة مغامرين بطبيعة الحال لم يعترف بالنصر الذي تحقق وغير موازين القوى في الصراع العربي “الاسرائيلي”، مع التذكير أن الجنديين الصهيونيين اللذان اختطفا “إيهود غولدفاسر” و “إلداد ريغف” لم يتم الافراج عنهما ولم يتم معرفة أي معلومة عنهما إلا بمفاوضات غير مباشرة، عرف أثنائها أنهما قتلا خلال عملية الأسر.
وأفضت المفاوضات لاطلاق سراح العديد من المعتقلين ممن كانوا في السجون الصهيونية بينهم عميد الاسرى العرب الشهيد لاحقا سمير القنطار، وتم الإفراج عن عدد أكبر من الجثث تعود لشهداء الحروب مع “اسرائيل” بينهم جثة الأيقونة الفلسطينية دلال مغربي.
علاء خطيب – تلفزيون الخبر