أضواء ساعة باب الفرج بحلب تعود عبر “الليدات” معلنةً نجاتها من الحرب
لأول مرة منذ ست سنوات، عادت الأضواء مجدداً لتغطي ساعة باب الفرج الشهيرة في مدينة حلب، لتظهر الساعة بشكلها المعروف لدى أهالي المدينة قبل الحرب، تلونت حجارتها العتيقة، معلنةً بدورها أنها صمدت أمام سنوات عجاف طغت على المدينة، وانتصرت.
وأضواء ساعة باب الفرج، كشوارع ومستديرات حلب، هي أضواء “ليدات” مشحونة عبر ألواح الطاقة الشمسية التي أصبحت منتشرة في كافة أحياء المدينة، والوسيلة الوحيدة لإضاءة شوارعها أمام عدم توفر التيار الكهربائي في المدينة.
وساعة باب الفرج التي تقف مقابل مبنى دار الكتب الوطنية، خرجت من الحرب بلا أضرار مباشرة، عدا الأعطال الفنية الموجودة فيها أصلاً، والتي يتم حالياً العمل على إصلاحها وإعادة دوران عقاربها، بحسب ما تحدثت عنه مصادر إعلامية.
ويعود بناء برج الساعة الحجري إلى عام 1898 بتكلفة بلغت حينها 1500 ليرة ذهبية، أما الآلة الميكانيكية فهي إنكليزيّة الصنع من ماركة “j w benson ” الشهيرة.
ولساعة باب الفرج ساعة توأم موجودة في كنيسة أثرية بإنكلترا، وكانت الساعة الانكليزية تعطّلت أيضاً كما تعطلت أختها في حلب، إلا أنه تم العثور على شركة مختصة لإعادة إصلاحها، لتعود للعمل خلال ثمانية أشهر، الأمر الذي يعطي الأمل لأهالي حلب لإصلاح ساعتهم.
و كانت منطقة ساعة باب الفرج خلال سنوات الحرب الست منطقة خطرة وخط تماس مع المسلحين المتشددين، ورغم أن أولئك المسلحين لم يتمكنوا من السيطرة على تلك المنطقة، إلا أنها كانت تعتبر منطقة خالية من السكان وخط اشتباك أول، وبالنتيجة مسقط لمئات القذائف.
وتنتشر في مدينة حلب منذ سنوات ظاهرة إضاءة الشوارع والمستديرات عبر الليدات وألواح الطاقة الشمسية، والتي يبدو أنها أصبحت وسيلة رسمية، تلجأ لها بلدية حلب، لإضاءة معالم وشوارع المدينة.
وترى في كل ساحة (دوار) في مدينة حلب ألواح الطاقة الشمسية مرتفعة في المنتصف، والتي يبدو أنها أصبحت رمزاً موحداً لكافة مستديرات المدينة، وبديلاً عن الأعمال المقامة فيها، حتى أن معظم المعالم الأثرية والمهمة في المدينة، كالقلعة وساحة سعد الله الجابري، أصبحت تضاء بنفس الطريقة.
وتساعد الألواح الشمسية المنتشرة على تأمين التيار الكهربائي البديل لإنارة الشوارع وإشارات المرور ولو بشكل قليل، ويستمر التيار الذي تولده هذه الألواح لحوالي منتصف الليل في بعض المناطق، ولأوقات أقل في مناطق أخرى، الأمر الذي يلاقي استحسان من قبل الأهالي.
و يلاحظ أن هذه الطريقة البديلة تسبب حالة نفسية جيدة بين الأهالي أكثر من كونها وسيلة لتشغيل إنارة الشوارع وإشارات المرور التي تنظم حركة السيارات، فالمدينة سابقاً كانت تغط في ظلام دامس منذ ساعات الليل الأولى، أما الآن فترى بعض الشوارع مضاءة حتى منتصف الليل.
و عانت مدينة حلب ولا زالت بشكل كبير من سوء الوضع الكهربائي فيها، طيلة سنوات الحرب التي تعيشها، واختفت الكهرباء عنها بشكل كامل منذ حوالي الثلاث سنوات بعد توقف المحطة الحرارية في السفيرة عن العمل.
وعاشت المدينة مجبرة على الأمبيرات واستغلال أصحابها، وأصبح تجار الأمبيرات يعتبرون أنفسهم “وزراء” في المدينة، فمولداتهم كانت الوسيلة الوحيدة لإضاءة المدينة، أمام الإهمال واختفاء الحلول من قبل الحكومة، التي كانت تعد وتعد وتعد.
ويرى أهالي مدينة حلب أن “الأمبيرات” هي الحل المجبر المطروح، إلا أنه ليس الحل الموافق عليه بشكل دائم من قبل أي أحد من سكان المدينة، وتزداد المطالبات بعد تحرير كامل مدينة حلب بإعادة التيار الكهربائي النظامي إلى المدينة، لإيقاف تجارة الأمبير التي طغت طيلة سنوات الحرب باستغلالها لحاجة المدينة.