كاسة شاي

سطور في ذكرى وفاة أسطورة هوليود “مارلون براندو”

يصادف الأول من تموز ذكرى وفاة الممثل الهوليودي الأشهر مارلون براندو، الذي يعد أحد أساطير هوليود القدماء، وممن طُبِعَ في ذاكرة الأجيال.

مارلون براندو من مواليد عام 1924، وُلِدَ في مدينة أوماها بولاية نبراسكا الأمريكية، ونشأ متنقلاً مع عائلته بين شيكاغو وكاليفورنيا، وفي النهاية استقر في مدينة نيويورك التي درس فيها بالمدرسة الدرامية حوالي السنتين.

تعلم مارلون براندو في المدرسة الدرامية تقنيات تدمج بين عواطف الممثل الشخصية مع الدور التمثيلي الذي يؤديه، وقد تتلمذ تحت يد ستيلا أدلر، وفي منتصف الأربعينيات بدأ مارلون براندو مشواره مع التمثيل، وفي أول دور له أدى شخصية المسيح في مسرحية “هانيل”.

وظهر براندو بداية في عدد من المسرحيات في برودواي، وتعاون مع شركة روجرز وهاميرشتاين وكانت مسرحيته الأولى بعنوان “أتذكر يا أمي”، ومسرحية “ولادة علم”، التي تكلمت عن قيام “إسرائيل”، و كان براندو أحد أعضاء الاتحاد الأمريكي لفلسطين الحرة.

و بدأ مارلون براندو مع مطلع الخمسينيات بلعب الأدوار الرئيسية في الأفلام، وشارك في فيلم الرجال، وأدى دورا تفوق على نفسه فيه في فيلم فيفا زاباتا، وفي أفلام عربة تسمى الرغبة، ورجال ودمى.

وحاز براندو على أول جائزة سينمائية له في مهرجان “كان” عن دوره في فيلم فيفا زاباتا، الذي شاركه في بطولته الممثل المكسيكي انطوني كوين، كما حاز على جائزة الأوسكار عن فيلمه على الواجهة المائية عام 1954.

وأسس براندو عام 1955 شركة إنتاج خاصة به، سماها “شركة بينيبيكر للإنتاج”، نسبة لاسم والدته قبل الزواج، تزوج براندو في 11 أكتوبر 1957 بالممثلة آنا كاشفي، من ويلز. زواجه الثاني كان من الممثلة المكسيكية موفيتا كاستانيدا، في 1960. في 1961، ظهر براندو كمخرج لأول مرة في فيلم جاك ذو العين الواحدة.

وفي عامي 1960 و1961 أثناء تصويره فيلم “Mutiny on the Bounty” في تاهيتي، اكتشف الجزيرة المرجانية تيتياروا التي اشتراها في عام 1966، وفي ربيع عام 1965، توفي والده.

وكان له دور فعال في الوقوف إلى جانب منظمات الحقوق المدنية، والتي طالبت بإنهاء نظام التمييز العنصري، وتميز براندو بالتمرد الدائم، فرفض جائزة أوسكار بسبب الاضطهاد ضد الهنود الحمر السكان الأصلين لامريكا، وأرسل إحدى النساء من إحدى القبائل لتسلم الجائزة بدلا عنه.

وكان براندو، بالإضافة لدعمه لقضية السود والهنود الحمر، داعماً ومناصراً للقضية الفلسطينية، وانضم للاتحاد الأمريكي لفلسطين الحرة عام 1947، وفي الستينات والسبعينات، وهاجم أكثر من مرة ما أسماه “تسلط اليهود على صناعة السينما في هوليوود من أجل الترويج لوجهة نظرهم”، واتهم بمعاداة السامية بسبب ذلك.

وتميز براندو عن جميع معاصريه بأنه امتلك شخصية متفردة متمردة، فكان معشوق النساء في هوليوود، غالباً ما يبدو على مظهره اللامبالاة والاستهتار، بالإضافة لعدم التزامه بأوامر المخرجين، وعدم حفظه لحواراته أثناء التصوير، كل ذلك زاد من شعبية براندو.

وحصل براندو على جائزتي أوسكار، والعديد من جوائز الغولدن غلوب، و قدم العديد من الأفلام أيقونية مثل ثلاثية العراب التي مثل في جزئها الأول عام 1972، ومازالت حتى اليوم شخصية “دون كورلياني” إحدى أهم الشخصيات التي عرفتها هوليوود على مر تاريخها.

و لعب براندو العديد من الأدوار التي انتقد فيها الحكومات الأمريكية المتعاقبة على معاملتها للسود والهنود الحمر، و صُنِفَ عام 1999 كرابع أعظم شخصية في هوليوود من قبل معهد الفيلم الأمريكي.

وجعل براندو من نفسه أسطورة في نصرة المظلومين، وشارك في أواخر الثمانينات في بطولة فيلم الموسم الأبيض الجاف، الذي دار محوره حول موضوع التمييز العنصري في جنوب إفريقيا أما آخر أفلامه فكان فيلم “النتيجة” عام 2001 بطولة روبرت دي نيرو، و توفي في الأول من تموز عام 2004، بسبب فشل رئوي، عن 80 عاماً.

وصفه النجم جاك نيكلسون “لا يوجد أحد من قبل أو منذ ظهوره كان مثل مارلون براندو، لقد كان هدية هائلة، وبدون عيوب لكل من يحب السينما، إنه مثل بابلو بيكاسو تماماً لكن في السينما، براندو كان عبقرياً لدرجة أنه كان بداية ثورة، وبنهايته كانت نهاية ثورة خاصة في عالم التمثيل، إنه تحفة خالدة وهو الذي منحنا حريتنا”.

وخلال مسيرته الفنية المتميزة، حصل براندو على جائزة الأوسكار كممثل رئيسي مرتين عامي (1955، 1973)، وحصل على جائزة الجولدن جلوب مرتين عامي (1955، 1973)، كما فاز بثلاث جوائز من الأكاديمية البريطانية أعوام (1953، 1954، 1955) وجائزة أفضل ممثل في مهرجان كان السينمائي عن فيلم فيفا زاباتا.

أما مسيرته في الحياة، فلم يحقق براندو في حياته، نموذج عائلة “فيتو كورليوني” المترابطة التي قدمها في فيلم العرّاب، بل على العكس تماما، فقد أنجب تسعة أبناء وفشل في ثلاث زيجات، وفقد ابنه الأكبر بالسجن بسبب اقترافه جريمة قتل عام 1990، ثم انتحار ابنته عام 1995.

قبل عام من وفاته، أعد بنفسه ترتيبات جنازته وأبلغ الجميع بأنه مستعد للموت وأعرب عن أمله بأن يكون النجم جاك نيكلسون في مقدمة المعزين في جنازته، وأن يلقي المطرب الشهير مايكل جاكسون كلمة في تأبينه، كما أبدى رغبته في أن يحرق جثمانه وأن ينثر رماده بين أشجار النخيل في أحد جزر تاهيتي التي كان يملكها.

وينسب لبراندو قوله “هل سيهتف لي الجمهور لو كنت أعمل سباكًا؟، التمثيل بالنسبة لي طريقة لتأمين العيش، الكذب لكسب الرزق، هذا هو التمثيل، كلكم ممثلون، وكلكم بارعون، لأنكم جميعاً كاذبون، عندما تقول شيئاً لا تعيه أو تُحجم عن قول ما تعيه، ذلك هو التمثيل، إذن جميعاً نُمثّل، لكن بعض الناس يُدفع لهم مقابل ذلك مال”.

وجدير بالذكر أنه وبعد رحيله بإحدى عشر عام، وتحديداً في 23 تشرين ثاني 2015، قدم المخرج ستيفن ريلي، فيلماً وثائقيا بعنوان “اصغ إلي يا مارلون”، يبدأ بصوت براندو وهو يقول في ارتجال “اصْغِ إليَّ مارلون .. أنت إزاء جزء منك يتحدَّث إلى جزء آخر منك. اصْغِ إلى صوتي”.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى