اخبار العالمالعناوين الرئيسية

أغرب العادات الرمضانية حول العالم وأكثرها تميزاً بين الدول

رمضان، الشهر الكريم الذي يجمع المسلمين حول العالم في طقوس روحية واجتماعية مميزة، لا يقتصر فقط على الصيام من الفجر إلى المغرب، بل يمتد ليشمل عادات وتقاليد متنوعة تعكس ثقافات الشعوب وتاريخها. ورغم أن جوهر الشهر واحد، إلا أن كل دولة تضيف لمساتها الخاصة، مما يجعل رمضان فرصة لاكتشاف التنوع الثقافي الإسلامي. في هذا التقرير، نستعرض بعضًا من أغرب العادات الرمضانية حول العالم وأكثرها تميزًا.

 

إندونيسيا: “بادوسان” وطقوس التطهير

في إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، تبدأ الاستعدادات لرمضان بفترة تسمى “بادوسان”، وهي طقوس تقليدية يتم خلالها تنظيف القرى والمدن بشكل جماعي. يعتقد الإندونيسيون أن هذه الطقوس تساعد في تطهير النفس والمكان استعدادا لاستقبال الشهر الكريم. بالإضافة إلى ذلك، يقوم البعض بزيارة قبور الأسلاف لإحياء ذكراهم وطلب البركة، وهي عادة تعكس مزيجًا بين الثقافة الإسلامية والتقاليد المحلية.

 

تركيا: “المحارب” وإيقاظ النائمين للسحور

في تركيا، تنتشر عادة “المحارب”، وهي شخصية تقليدية ترتدي أزياء تاريخية وتجوب الشوارع ليلا لإيقاظ الناس لتناول وجبة السحور. يرافق المحارب طبول وموسيقى تقليدية، مما يعطي السحور طابعا احتفاليا. هذه العادة تعود إلى العهد العثماني، ولا تزال حية في العديد من المدن التركية، خاصة في المناطق الريفية. وتعد هذه الطقوس من أكثر العادات رمضانية تميزًا في تركيا، حيث تجمع بين الترفيه والروحانية.

 

مصر: “الفانوس” رمزا للفرح والبهجة

لا يمكن الحديث عن رمضان في مصر دون ذكر “الفانوس”، ذلك المصباح الملون الذي يزين الشوارع والمحال التجارية. يعود تاريخ هذه العادة إلى العصر الفاطمي، حيث كان الأطفال يحملون الفوانيس ويطوفون بالشوارع مرددين الأغاني التقليدية. اليوم، أصبح الفانوس رمزا للشهر الكريم في مصر، ويتم تصنيعه بأشكال وألوان مختلفة، مما يضفي أجواءً من الفرح والبهجة على الشهر.

 

المغرب: “النفار” وإطلاق المدفع

في المغرب، تنتشر عادة “النفار”، وهي إطلاق مدفع رمزي عند وقت الإفطار للإعلان عن انتهاء يوم الصيام. هذه العادة تعود إلى العصور القديمة، عندما كانت المدافع تستخدم كوسيلة للإعلان عن مواعيد الصلاة والإفطار. بالإضافة إلى ذلك، تشتهر المغرب بأطباقها الرمضانية الفريدة، مثل “الحريرة”، وهي حساء تقليدي يتم تناوله عند الإفطار، و”الشباكية”، حلوى رمضانية لذيذة.

 

الهند: “دستار خواني” وولائم الإفطار الجماعية

في الهند، تنتشر عادة “دستار خواني”، وهي ولائم إفطار جماعية يتم تنظيمها في المساجد أو الأماكن العامة. يجتمع الناس من مختلف الطبقات الاجتماعية لتناول الإفطار معا، مما يعكس روح التضامن والتكافل التي يمثلها رمضان. بالإضافة إلى ذلك، تشتهر الهند بأطباقها الرمضانية المميزة، مثل “الهليم”، وهو طبق لحم مع حبوب يتم تحضيره بطرق تقليدية.

 

ماليزيا: “بوفيه رمضان” وأسواق الليل

في ماليزيا، تشتهر أسواق الليل الرمضانية، حيث يتم بيع مجموعة متنوعة من الأطعمة والمشروبات التقليدية. هذه الأسواق تعج بالزوار الذين يتجولون بين الأكشاك لتذوق الأطباق الماليزية الشهية، مثل “الريندانغ” و”الساتيه”. بالإضافة إلى ذلك، تقام “بوفيهات رمضان” في الفنادق والمطاعم، حيث يتم تقديم وجبات إفطار فاخرة تجمع بين المأكولات المحلية والدولية.

 

الإمارات: “الهيل” وتزيين المنازل

في الإمارات العربية المتحدة، تنتشر عادة تزيين المنازل بالفوانيس والأضواء الملونة، بالإضافة إلى استخدام “الهيل” في تحضير القهوة العربية التقليدية التي يتم تقديمها خلال الشهر الكريم. يعتبر الهيل من التوابل الأساسية في المطبخ الإماراتي، ويضيف نكهة مميزة للمشروبات الرمضانية. كما تشتهر الإمارات بتنظيم فعاليات ثقافية وترفيهية خلال رمضان، مثل المسابقات الشعرية والعروض المسرحية.

 

السنغال: “نداء الإفطار” بالطبول

في السنغال، يتم الإعلان عن وقت الإفطار باستخدام الطبول التقليدية، حيث يجوب الشباب الشوارع وهم يقرعون الطبول لإعلام الناس بموعد الإفطار. هذه العادة تعكس التراث الثقافي الغني للسنغال، وتضفي أجواءً احتفالية على الشهر الكريم. بالإضافة إلى ذلك، تشتهر السنغال بأطباقها الرمضانية المميزة، مثل “الثيبوديين”، وهو طبق سمك مع أرز يتم تحضيره بطرق تقليدية.

 

رمضان عالم من التنوع الثقافي

رمضان ليس فقط شهرا للصيام والعبادة، بل هو أيضا فرصة لاكتشاف التنوع الثقافي والاجتماعي للعالم الإسلامي. من إندونيسيا إلى السنغال، ومن تركيا إلى الهند، تظهر العادات الرمضانية كيف يمكن للثقافة والدين أن يمتزجا لخلق تقاليد فريدة ومميزة. هذه العادات لا تعكس فقط روح الشهر الكريم، بل أيضًا تاريخ وتراث الشعوب الإسلامية، مما يجعل رمضان شهرا يجمع بين الروحانية والثقافة في آن واحد.

 

العادة الرمضانية الأبرز في سوريا: “المسحراتي” و”الولائم العائلية”

 

في سوريا، كما في العديد من الدول العربية، يحتل شهر رمضان مكانة خاصة في قلوب الناس، حيث تنتشر عادات وتقاليد مميزة تعكس التراث الغني والروح الاجتماعية السورية. ومن بين هذه العادات، تبرز عادة “المسحراتي” و”الولائم العائلية” كأكثر الطقوس رمضانية تميزا وارتباطا بالهوية السورية رغم تأثرها بسنوات الحرب.

 

المسحراتي: إيقاظ النائمين للسحور

تعتبر عادة “المسحراتي” من أبرز العادات الرمضانية في سوريا، حيث يجوب شخص يُطلق عليه هذا الاسم الأحياء والشوارع قبل الفجر لإيقاظ الناس لتناول وجبة السحور. يرتدي المسحراتي غالبا زيا تقليديا ويحمل طبلة صغيرة أو دفا، ويقرع عليها بألحان مميزة مرددا عبارات مثل “يا نايم وحّد الدايم، رمضان كريم”. هذه العادة تعود إلى قرون مضت، ولا تزال حية في العديد من المدن السورية، خاصة في الأحياء الشعبية، حيث تحافظ الأسر على هذه التقاليد العريقة، وشهدت تقلصاً ملحوظا في سنوات الحرب السورية، متأثرة بالأوضاع الأمنية والإنسانية والاقتصادية.

 

تأثر العادات الرمضانية في سوريا بالحرب والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية

 

شهدت سوريا، منذ اندلاع الثورة عام 2011، تغيرات جذرية في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك العادات والتقاليد المرتبطة بشهر رمضان. الحرب التي استمرت لأكثر من عقد، أدت إلى دمار واسع النطاق، نزوح ملايين الأشخاص، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. هذه التغيرات أثرت بشكل كبير على الطقوس الرمضانية التي كانت تميز المجتمع السوري، مما أدى إلى تحولات في كيفية الاحتفاء بالشهر الكريم.

 

تأثير الحرب على العادات الرمضانية

تقلص دور “المسحراتي”:

كانت عادة “المسحراتي” من أبرز العادات الرمضانية في سوريا، حيث يجوب الأحياء لإيقاظ الناس للسحور. ومع ذلك، أدت الحرب إلى تقلص هذه العادة في العديد من المناطق، خاصة في المدن التي شهدت دمارا كبيرا أو نزوحا سكانيا، في بعض المناطق، أصبحت هذه المهمة صعبة بسبب انعدام الأمن وعدم استقرار الأوضاع.

 

تراجع الولائم العائلية:

الولائم العائلية التي كانت تجمع الأهل والأصدقاء حول مائدة الإفطار أصبحت أقل شيوعا بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة. ارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقص الوقود أدى إلى تقليص قدرة الأسر على تحضير الوجبات الكبيرة التي كانت تميز رمضان. بالإضافة إلى ذلك، أدى النزوح الداخلي والخارجي إلى تفكك العديد من العائلات، مما قلل من فرص التجمعات العائلية.

 

تغيير في تزيين الشوارع والمساجد:

كانت الشوارع والمساجد تُزين بالفوانيس والأضواء احتفاء برمضان، لكن الدمار الذي لحق بالبنية التحتية في العديد من المدن السورية جعل هذه العادة صعبة التنفيذ. في بعض المناطق، تم تدمير المساجد بالكامل، مما أثر على الطقوس الدينية والاجتماعية المرتبطة بها.

 

التحديات الاقتصادية والاجتماعية

 

ارتفاع الأسعار ونقص المواد الأساسية:

الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها سوريا، بما في ذلك التضخم الحاد وانهيار العملة المحلية، أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير.

أصبحت الأطباق الرمضانية التقليدية، مثل “القطايف” و”المعمول”، بعيدة المنال بالنسبة للعديد من الأسر. كما أن نقص الوقود والكهرباء أثر على قدرة الناس على تحضير الوجبات وتخزين الأطعمة، وبعد سقوط نظام بشار الأسد، واتباع “اقتصاد السوق الحر” بشكل جزئي، انخفضت أسعار معظم السلع الاستهلاكية، وتوفر الوقود، لكن رفع الدعم بشكل كامل، إضافة لعوامل آخرى مثل تأخر صرف الرواتب، الفصل التعسفي لآلاف الموظفين والعمال بحجة إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية، وسوء الأوضاع الامنية، جعل الأوضاع الاقتصادية في مختلف مناطق البلاد لاتزال تتسم بالسوء.

 

النزوح واللجوء:

أدى النزوح الداخلي والخارجي إلى تغيير ديموغرافي كبير في سوريا. العديد من العائلات التي كانت تجتمع في رمضان أصبحت مشتتة بين مخيمات النزوح أو دول اللجوء. هذا التفكك العائلي أثر على العادات الرمضانية التي كانت تعتمد على التجمعات الكبيرة وتبادل الزيارات.

 

ويأتي شهر رمضان الأول بعد سقوط نظام بشار الأسد، ينتظر معه السوريون إعادة بناء حياتهم وترميم ما دمرته سنوات الحرب عمرانيا، إنسانياً، اجتماعياً، اقتصادياً، وأمنيا.

تلفزيون الخبر 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى