أبرز ما جاء في المناظرة الأولى لمرشحي الرئاسة الأمريكية.. فمن تفوّق؟
انطلقت الأربعاء المناظرة الرئاسية الأولى بين مرشحة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية، كامالا هاريس، ومنافسها الجمهوري الرئيس السابق، دونالد ترامب، في مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا، والتي نقلتها قناة “ABC” الأمريكية.
وتبادل المرشحان للرئاسة خلال مناظرتهما الأولى، الاتهامات بالتشدد وسوء الأداء، في ملفات اقتصادية أبرزها التضخم، وأُخرى اجتماعية، أبرزها الإجهاض، وفي مجال السياسة الخارجية وتحديداً الحربين في غزة وأوكرانيا.
واستمرت المناظرة 90 دقيقة، وسيطرت “هاريس” على المحادثة في بعض الأحيان، واستفزت “ترامب” بالسخرية من سياسته الاقتصادية، ورفضه الاعتراف بخسارته في انتخابات عام 2020، وحتى أدائه في مسيراته.
وقالت شبكة “CNN” الأمريكية، من خلال مجريات المناظرة، إن “هاريس تفوّقت على ترامب، فمنذ اللحظات الأولى لبدء المناظرة، توجهت نائبة الرئيس إلى منصة ترامب وأجبرته على مصافحتها”.
وأفاد استطلاع “CNN”، أن “63% من الناخبين المسجلين ممن تابعوا مناظرة هاريس وترامب، اعتبروا أن أداء هاريس كان أفضل، مقابل 37% فقط لترامب، فيما سارعت حملة الأخير لإعلان فوزه”.
وذكرت “CNN”، أن “كامالا بدت وكأنها نشطة ومليئة برؤية مستقبلية إيجابية، بينما كان دونالد غاضباً وانتقد أمريكا باعتبارها دولة فاشلة، وبدا وكأنه خارج اللعبة”.
وقدّمت نائبة الرئيس الأداء الأكثر إثارة للإعجاب في حياتها السياسية، إذ أُصيب “ترامب”، الذي دخل المناظرة متوقعاً أنه سيثبت مقولة بطل الملاكمة مايك تايسون “كل شخص لديه خطة حتى يتلقى لكمة في الفم”، بالذهول من الضربات المتعددة من “هاريس”، ولم يوجه سوى القليل منها في المقابل، بحسب “CNN“.
وعجز “ترامب” عن التركيز على هجوم متماسك ضد “هاريس” أو تجاهل جهودها لتشتيت انتباهه، ما زاد مخاوف العديد من الجمهوريين الذين أصيبوا بخيبة الأمل بسبب فشله في التعامل بشكلٍ فعّال مع خصمه الجديد.
ومن عجيب المفارقات أن “ترامب” عانى من نفس العجز الذي عانى منه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في مناظرتهما في حزيران الماضي، إذ لم يتمكّن من تثبيت خصمه ولم يستطع التعبير عن خطة قوية للمستقبل، بحسب “CNN”.
وقالت “هاريس” في وقتٍ مبكر من المناظرة، وهي واحدة من عدة مرات لجأت فيها إلى مخاطبة المشاهدين بدلاً من خصمها، “في هذه المناظرة الليلة، سوف تسمعون نفس الكتاب القديم الممل، مجموعة من الأكاذيب والمظالم والشتائم”، وفق ما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست“.
وبعد بضع دقائق، أضافت “هاريس”، أن “دونالد ترامب ليس لديه في الواقع أي خطة لكم، لأنه مهتم بالدفاع عن نفسه أكثر من اهتمامه بالاعتناء بكم”.
ورفض “ترامب” هذه التصريحات ووصفها بأنها “مجرد تصريحات قصيرة”، واتهم “هاريس” بتضليل الجمهور بشأن مواقفها.
واغتنمت “هاريس” الفرصة لتقول إن “الشعب الأمريكي طرد ترامب في عام 2020، إذ قالت “لقد طرد 81 مليون دونالد، لذا دعونا نكون واضحين بشأن ذلك ومن الواضح أنه يواجه وقتاً عصيباً للغاية في معالجة ذلك، لا يمكننا أن نتحمل وجود رئيس للولايات المتحدة يحاول كما فعل في الماضي قلب إرادة الناخبين في انتخابات حرة ونزيهة”.
وكانت هذه واحدة من المرات العديدة التي حاولت فيها “هاريس” إثارة غضب “ترامب”، فقد أشارت إلى الأشخاص الذين حضروا تجمعاته الانتخابية وهم يشعرون “بالإرهاق والملل”، وقالت إنه بدا “مرتبكاً” وإنه ”معجب بالديكتاتوريين”.
وبدأ المرشحان المناظرة بالحديث عن ملف الاقتصاد، إذ هاجمت “هاريس” نية “ترامب” فرض رسوم جمركية عالية على السلع الأجنبية، وهو الاقتراح الذي شبهته بضريبة المبيعات على الطبقة المتوسطة، في حين روّجت لخطتها لتقديم مزايا ضريبية للأسر والشركات الصغيرة، وفق ما ذكرته “رويترز“.
وتحدثت “هاريس” عن خططها لخفض الضرائب، قائلة، إنه “أنا ابنة الطبقة المتوسطة ولدي خطة لتحسين المستوى المعيشي وخفض الضرائب”.
وأعلنت المرشحة الديمقراطية أن إدارة الرئيس “بايدن” اضطرت إلى تنظيف “الفوضى” التي خلّفها الرئيس الجمهوري السابق.
وقالت “هاريس”، إنه “لقد ترك لنا دونالد ترامب أسوأ بطالة منذ الكساد العظيم.. وأسوأ جائحة صحية منذ قرن، وأسوأ هجوم على ديمقراطيتنا منذ الحرب الأهلية، وما فعلناه هو تنظيف الفوضى التي خلّفها”.
في المقابل، انتقد ترامب هاريس بسبب التضخم المستمر خلال فترة إدارة “بايدن”، رغم أنه بالغ في تقدير مستوى ارتفاع الأسعار، وقال إن “التضخم كان كارثة على الناس، وعلى الطبقة المتوسطة، وعلى كل الطبقات”.
كما شن “ترامب” هجوماً لاذعاً على الديمقراطيين، معتبراً أن “انتخاب هاريس سيمثل نهاية للولايات المتحدة”، مجدداً اتهامه لها بأنها “ماركسية”، قائلاً “إنها ماركسية، والجميع يعرف أنها ماركسية”.
واعتبر “ترامب” أن “هاريس” ليست لديها خطة للنهوض بالاقتصاد الأمريكي، قائلاً، إنه “ليس لديها خطة، لقد نسخت خطة جو بايدن التي هي عبارة عن أربع كلمات تقول (حسناً، سنحاول خفض الضرائب)، ليس لديها خطة”.
وأشار “ترامب” إلى أن الاقتصاد الأمريكي كان أفضل خلال فترة ولايته، قائلاً “تركت واحداً من أفضل اقتصادات العالم وسأفعل ذلك مجدداً”.
وتباهى الرئيس الأمريكي السابق بأنه الرئيس الوحيد الذي أجبر الصين على دفع مليارات الدولارات للولايات المتحدة.
وسأل المحاوران “هاريس” عن الكيفية التي قد تتعامل بها مع حرب “إسرائيل” على غزة، وكيف قد تتمكن من الخروج من حالة الجمود، حيث كررت بعض تصريحاتها السابقة بشأن هذه القضية، قائلة إن “إسرائيل” لها الحق في الدفاع عن نفسها، ولكن من المهم أن تعرف كيف.
وأضافت “هاريس”، أنه “يجب أن تنتهي هذه الحرب، يجب أن تنتهي على الفور”، وشددت على حل الدولتين وإعادة إعمار غزة وحق الفلسطينيين في الحصول على دولة مستقبلية.
وردّ “ترامب” بالقول، إن “هاريس تكره إسرائيل”، وإذا تمّ انتخابها فإن “إسرائيل” سيتم إزالتها من الوجود بغضون عامين.
وردّت عليه نائبة الرئيس بالقول، إن “اتهامها بكره إسرائيل غير صحيح على الإطلاق”، مذكرة بأنها دعمت “تل أبيب” طوال حياتها ومسيرتها المهنية.
وعاد “ترامب” للتأكيد على مقولته السابقة قائلاً، “ما يحصل في الشرق الأوسط ما كان ليحصل خلال رئاستي وسأحل هذا الموضوع وسأنهي الحرب بين روسيا وأوكرانيا”.
وعندما سُئل “ترامب” عمّا إذا كان يريد أن “تنتصر” أوكرانيا بالحرب قال، “أريد أن تتوقف الحرب”، ثم واصل الحديث عن تكلفة حرب روسيا في أوكرانيا على الولايات المتحدة، قائلاً، إن “أوروبا تدفع أقل بكثير مقارنةً بالولايات المتحدة”.
وردّت “هاريس” بالقول، إن “حلفاؤنا في الناتو ممتنون للغاية لأنك لم تعد رئيساً، وإلا لكان بوتين يجلس في كييف وعيناه على بقية أوروبا”.
ووصف ترامب هاريس، بأنها “أسوأ نائبة رئيس في التاريخ”، وقال إنها “فشلت في منع الحرب من خلال التفاوض بين أوكرانيا وروسيا قبل الغزو”.
وانتقل المحاوران بعد ذلك إلى واحدة من أهم القضايا بالنسبة للناخبين الأمريكيين، وهي حقوق الإجهاض، وطلب المحاوران من ترامب توضيح موقفه بشأن هذه القضية، بالنظر إلى رسائله المختلطة بشأنها في الماضي.
وبدأ ترامب بالقول، إن الديمقراطيين يريدون السماح بالإجهاض في “الشهر التاسع” من الحمل، إذ قال إن الديمقراطيين “متطرفون” في هذا الشأن، وإن تيم والز، الذي اختارته هاريس لمنصب نائب الرئيس، على وجه الخصوص، دعا إلى الإجهاض في الشهر التاسع.
من جهتها، ردّت “هاريس” على تعليقات ترامب بشأن الإجهاض بالقول، “لا توجد ولاية في هذا البلد حيث يكون من القانوني قتل طفل بعد ولادته”.
وأشارت “هاريس” إلى أن “ترامب” عيّن ثلاثة من قضاة المحكمة العليا الذين ألغوا الحق الوطني في الإجهاض قبل عامين.
وألقت كامالا اللوم على دونالد ترامب في قضايا الحدود، بسبب جهوده لإفشال مشروع قانون أمن الحدود، الذي تم تبنيه من قبل الحزبين.
وروّجت هاريس لعملها باعتبارها “الشخص الوحيد على المسرح” لملاحقة المهربين على الحدود، وقالت “هل تعلموا ماذا حدث؟ اتصل دونالد ترامب هاتفياً ببعض الأشخاص في الكونغرس وقال لهم ألغوا مشروع القانون”.
وردّ “ترامب” بالقول، إن “الديمقراطيون سمحوا للملايين من المهاجرين بالدخول إلى البلاد، ما أدّى إلى انخفاض نسبة الجرائم في العالم وارتفاعها في الولايات المتحدة”.
وأشار “ترامب” إلى ادعاء بأن المهاجرين “يأكلون الحيوانات الأليفة” في سبرينغفيلد بولاية أوهايو.
وردّ “ترامب” بتكرار بعض الادعاءات التي أدلى بها في الماضي بشأن القضايا الجنائية التي يواجهها، قائلاً، إنها “قضايا مزيفة”.
الجدير ذكره أن هذه المناظرة تأتي قبل ثمانية أسابيع من انتخابات الرئاسة الأمريكية في 5 تشرين الثاني المقبل، التي تمثل سباقاً صعباً يجعل من غير الممكن ترجيح فوز أي من المرشحين.