“السينما تودع بسمتها”.. رحيل المخرج السينمائي السوري عبد اللطيف عبد الحميد
“السينما تودع بسمتها وضحكتها”، بهذه الكلمات نعى فنانون ومتابعون، مساء الخميس المخرج السينمائي المحبوب “عبد اللطيف عبد الحميد”، صاحب البصمة الكبيرة في السينما السورية.
وتمكّن “عبد الحميد” من صناعة إرث فنّي لما يقارب الـ40 عاماً، ورسم مدرسة خاصة في عالم السينما سميت “سينما عبد اللطيف عبد الحميد”، قدّم من خلالها العديد من الأعمال التي حفرت عميقاً في ذاكرة السوريين ووجدانهم.
ولد صاحب العلامة الفارقة في السينما السورية عام 1954، وعمل ممثلاً وموسيقياً ومخرجاً ومغنياً في المسرح الطلابي ومسرح المركز الثقافي.
ودرس “عبد الحميد” الأدب العربي بجامعة تشرين، قبل أن يوفد إلى موسكو لدراسة المعهد العالي للسينما الذي تخرج منه عام 1981، وأنجز خلاله 3 أعمال هي: “تصبحون على خير، درس قديم، رأساً على عقب”.
وعمل “عبد الحميد” في مؤسسة السينما السورية كمخرج متفرغ منذ بداية عام 1982، وألف وأخرج جميع أفلامه، وحاز فيلمه الشهير الأول “ليالي ابن آوى” عام 1988، على جوائز مهمة وعلى إعجاب الجمهور وبقي في الذاكرة حتى أيامنا هذه.
وكان لعام 1991، علامة فارقة في تاريخ المخرج اللطيف (كما يناديه زملاؤه)، وفي تاريخ السينما السورية، إذ ظهر فيلمه الثاني “رسائل شفهية”، الذي قد يكون أشهر أفلام السينما السورية قاطبة.
وتوالت بعدها أفلام “عبد الحميد” التي دمجت بين الكوميديا والتراجيديا في آن معاً، ونقلت بيئة الريف السوري بكل بساطتها وعفويتها، إذ قال الراحل في إحدى مقابلاته الإعلامية حول اتجاهه للريف السوري: “أعشق حياة الريف والطريقة التي يتحدثون بها والعفوية والتلقائية الموجودتين في الحياة الريفية”.
و تميّزت سينما “عبد الحميد” بالبساطة والعفوية وقدرتها على دخول قلوب المشاهدين، ولوّنها المخرج العبقري بالصبغة الريفية لتصنع علامة فارقة في السينما السورية.
وعمل “عبد الحميد” في المؤسسة العامة للسينما وأنتج معظم أفلامه من خلالها، إذ شهد النصف الثاني من ثمانينيات القرن العشرين انعطافة حادة في مسيرة السينما السورية بعد فترة من الركود تمثلت بالأفلام الجماهيرية التي أخرجها الراحل.
وحصل “عبد الحميد” على العديد من الجوائز منها: “جوائز سيف دمشق الذهبي والزيتونة الذهبية في مهرجان حوض المتوسط في كورسيكا والجائزة الذهبية من مهرجان الفيلم الأول الدولي في انوناي بفرنسا عام 1990 عن فيلمه الأول ليالي ابن أوى”.
ونال جائزة الجمهور الشاب في مهرجان مونبلييه بفرنسا لفيلمه “رسائل شفهية”، ولعبد الحميد العديد من الأفلام الطويلة الأخرى ذات الطابع الريفي كفيلم (قمران وزيتونة) الحاصل على الجائزة الفضية في مهرجان دمشق السينمائي عام 2001، وفيلم “ما يطلبه المستمعون” عام 2003.
ولم تمنع الحرب “عبد الحميد” من كتابة وإخراج العديد من الأفلام التي تحدثت عن آثار الحرب على المجتمع السوري ومنها فيلمه “أنا وأبي وأمي وأنت” عام 2016، وفيلم “طريق النحل” عام 2017، وفيلم “عزف منفرد” عام 2018، ليعود من باب فيلمه الروائي الجديد “الطريق” إلى عوالم الريف البسيط.
يُشار إلى أن الوسط الفني السوري، نعى الراحل بكلمات مؤثرة تدل على محبته في قلوب زملائه والمشاهدين.
يُذكر أن “عبد اللطيف عبد الحميد”، استطاع أن يحفر اسماً سيخلّده تاريخ الفن السوري بعد رحلة طويلة خلف الكاميرا وأمامها نقل خلالها الحب والمال والسلطة والسياسة والواقع بكل بساطة وعفوية.
تلفزيون الخبر