“عقدة المواساة المرورية” مشروع أكبر من “نفق”
يُعتبر مشروع “عقدة نفق المواساة المرورية” الذي يتم تنفيذها حالياً في أكثر المناطق اكتظاظاً بالقسم الغربي من دمشق، من أبرز المشاريع التطويرية والتنموية في دمشق، والذي بات موعد افتتاحه قريباً.
وكانت قد بقيت منطقة تنفيذ المشروع، منذ أكثر من 40 عاماً دون تحديثٍ أو تطويرٍ فعلي.
زمنياً
لا يعتبر مشروع عقدة المواساة المرورية جديداً من جهة التخطيط، وإنما يعود ذلك فعلياً إلى أكثر من 12 عاماً، أي قبل الحرب، وهي الفترة ذاتها التي رافقت إحداث “منطقتين تنظيميتين” في العاصمة.
ويعتبر المشروع واحداً من أهم المشاريع الخدمية والتنموية التي سعت محافظة دمشق إلى تنفيذها وكانت تكلفة المشروع قبل الحرب تقدر بنحو (350 مليون ليرة) أمّا الآن بلغت عشرات المليارات.
مكانياً
ويُعد المشروع الذي بدأ عام 2023 والذي أوشك على الانتهاء، جزءً من مشاريع تطويرية أخرى مرتبطة به، فهو لا يقتصر على كونه “نفقاً” مخصصاً لمرور السيارات.
وإنما مشروع واسع استهدف بالدرجة الأولى تطوير البنى التحتية من شبكات الكهرباء، ومياه الشرب، والصرف الصحي، والاتصالات ضمن المنطقة وكذلك يهدف إلى تخديم الأخرى القريبة منها.
ويربط مشروع نفق المواساة، في منطقة تعتبر صلة وصل رئيسة بين ثلاثة عقد مرورية أساسية، الأولى منها “عقدة الشامي” عن دوار ذي قار للقادمين من نزلة قاسيون عبر منطقة المهاجرين، ومن ثم مروراً بـ “عقدة الربوة” على طريق الربوة الأمويين.
أمّا الثالثة هي “عقدة 17 نيسان” أو دوار “الكارلتون” في منطقة كفر سوسة، حيث يخدم النفق مرور السيارات المتجهة بشكل أساسي بين هذه العقد الثلاثة.
أمّا بالنسبة للشوارع والحركات السطيحة (الدوار) التي تقع على سطح النفق وجانبيه، فتهدف إلى تخديم المنطقة على المستوى المحلي، ولتسهيل حركة المرور فيها، خاصة وأن المشروع ينفذ ضمن منطقة تشكل مركزاً هاماً بالنسبة للعاصمة ويشهد اكتظاظاً سكانياً دائماً.
وتعتبر منطقة المواساة، مجمعاً لعددٍ من المشافي وهي (مشفى المواساة، ومشفى جراحة القلب، ومشفى الأطفال، ومشفى جمعية المواساة الخيرية، والشهيد يوسف العظمة “601”، والمجمع الإسعافي الملحق لمشفى المواساة الذي سيفتتح قريباً أيضاً).
كما يحيط بالمشفى عدّة مراكز وبنى سكنية أخرى مثل بنك الدم التابع لجامعة دمشق، وسكن كلية التمريض الذي تقطنه الآلاف من الطالبات، إضافة إلى حرم المدينة الجامعية بدمشق على زاوية الدوار الشرقية الجنوبية.
ويشكل دوار المواساة حلقة ربط بين منطقة الشيخ سعد والبرامكة بطريق مباشر، وتم توسيع هذا الطريق أيضاً من جهة منطقة الشيخ سعد، وهو ما يعتبر خطاً أساسياً لحركة نقل عامة، تربط بين منطقة المزة ووسط البلد.
التغيرات التي طرأت على المشروع عند التنفيذ
شهد مشروع عقدة المواساة المرورية توسعاً على طبيعة الأعمال التي كان مخطط لهاً، حيث كان من المخطط أن يلحق بالمشروع جسر معلق يربط بين منطقة الشيخ سعد باتجاه الطريق المؤدي إلى دوار الجمارك في منطقة البرامكة.
وتم إلغاء هذا الجسر لاحقاً بحجة التكاليف المالية والتشوه البصري الذي تضيفه الجسور داخل المدن بحسب ما ذكره مدير الدراسات الفنية في محافظة دمشق معمر الدكاك سابقاً.
وكان من المخطط للمشروع في عام 2022، أن يشمل مقطعين مغلقين، الأول أسفل عقدة مشفى الأطفال بإجمالي طول 48 متراً، والثاني أسفل عقدة المواساة بإجمالي طول 70 متراً، وحارتين مروريتين في كل اتجاه، وحارتين في أعلاه بكل اتجاه أيضاً، وبتكلفة 26 مليار ليرة سورية.
لكن اليوم الواقع الراهن للمشروع قد تغير، حيث بات فعلياً بالرغم من بقاء طول الامتداد ثابت من عقدة الربوة شمالاً وحتى أوتوستراد المزة جنوباً ليصل إلى عقدة 17 نيسان في كفر سوسة، بطول 525 متراً.
وأصبح النفق حالياً يتكون من مقطعين مغلقين، الأول مقابل تقاطع مشفى الأطفال من جهة “طريق القصر”، وطول نفقه أصبح 100 متر تقريباً، والمقطع الثاني منه تحت ساحة المواساة أصبح 90 متراً، وما تبقى منه مكشوف.
أمّا بالنسبة لعرض الطريق داخل النفق والطرق الأخرى السطيحة المحيطة به، بقي عدد حارات الطريق الأساسي داخل النفق اثنتان لكل اتجاه ذهاباً وإياباً يفصل بينهما حاجزاً اسمنتياً صغيراً.
بينما زاد عدد حارات الطرق المحيطة به سطحياً إلى 3 حارات مرورية من كل اتجاه. فيما وصلت تكلفة عقدة المواساة المدفوعة 70 مليار ليرة سورية بحسب ما أعلن عنه مؤخراً.
ما علاقة أعمال النفق بمشروع الـ “ماروتا سيتي”؟
حظي المشروع خلال فترة تنفيذه باهتمام حكومي كبير وملحوظ، وشهد مؤخراً زيارة رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس لموقع العمل، الذي يربط كما ذكر سابقاً بين عقدة الشامي ومنطقة دوار المواساة ومنها إلى كفر سوسة ومشروع (ماروتا سيتي) الحديث.
ومشروع (ماروتا سيتي) أو كما يسمى مشروع الـ (66) الذي يقع في خاصرة العاصمة الجنوبية الغربية بعمر أكبر من 12 عاماً.
وإلى جانب مواز، صاحَب تنفيذ مشروع نفق عقدة المواساة المرورية، تنفيذ مشاريع بنى تحتية هامة للمدينة، وأبرزها ما يتعلق بمسألة توفير مياه عذبة لمشاريع المدن الحديثة (ماروتا سيتي) و(باسيليا سيتي).
وهو “مشروع مياه 1200” كما يُسمى، والذي يتم تنفيذه لأول مرة لتغذية المنطقة الجنوبية بالمياه العذبة وكذلك مشاريع المناطق التنظيمية المذكورة.
ووضعت ثلاثة خطوط جديدة للصرف الصحي في المنطقة، وبالتالي تخديم المناطق الأخرى القريبة المذكورة، إضافة إلى إعادة تحديث شبكات الاتصالات والكهرباء والتي تم توسيعها جميعها وأصبحت ضرورة ملحة حالياً نتيجة للتوسع العمراني والقريب منها.
المستقبل
توقعات أولية تشير إلى أنّ المشروع سيُلحق به مستقبلاً طريق مباشر باتجاه مشروع الـ (66)، خاصة وأن المشروع حالياً لا يوجد له مدخل رئيسي من جهته الشرقية والغربية، وربما يكون مشروع “نفق المواساة” الجديد بداية لمشروع جديد يخدم مدينة “ماروتا سيتي” مباشرة دون الحاجة للدخول إلى عقدة 17 نيسان.
إلى جانب هذا المشروع، هناك مشاريع أخرى وضعت في عام 2012، في دمشق، وهي مشروع عقدة الشامي بكلفة تقديرية حينها بنحو 650 مليون ليرة آنذاك، وعقدة الأشمر بكلفة 300 مليون ليرة، وعقدة باب مصلى بقيمة 350 مليون ليرة، وعقدة الجمارك بقيمة 350 مليون ليرة وعقدة “سانا” بقيمة 300 مليون ليرة، وعقدة المجتهد بقيمة 200 مليون ليرة.
و توقفت جميع المشاريع بسبب ظروف الأزمة وبالتالي أصبح هناك فارق كبير جداً بفروقات الأسعار والمبالغ المالية المرصودة، حيث اليوم كل مشروعه منها يحتاج إلى عشرات المليارات.
وكان مدير الدراسات في محافظة دمشق معمر دكاك قد أكدّ لبرنامج “المختار” الذي يبث عبر إذاعة “المدينة اف ام” وتلفزيون الخبر إنه “يجري العمل على إعداد الاضبارة التنفيذية لعقدة المجتهد – باب مصلى التي تعتبر الأضخم في دمشق”.
وبحسب “الدكاك” العقدة عبارة عن “نفق بطول 1100 متر بفرعين، مبيناً بداية التنفيذ ستكون الشهر العاشر المقبل”.
وتربط العقدة بين طريق ابن عساكر شرقاً وطريق المجتهد غرباً ومنهما يتفرع الطريق الواصل إلى منطقة كراجات درعا والسويداء وإلى الميدان جنوباً ومنطقة الصناعة شرقاً.
قصي المحمد _ تلفزيون الخبر