لماذا تسمّى أسواق الخضار بـ”سوق الهال”؟
للوهلة الأولى سيخطر في البال أن كلمة الهال مقصود بها حب “الهال” المعروف من التوابل، إلّا أن الحقيقة خلف تسمية أسواق الخضار عالمياً بـ”أسواق الهال” تقف خلفها حكاية أخرى من الميثولوجيا السورية.
إذ يقول الباحث والمؤرخ “عامر رشيد مبيض”، إن “هال وهيلانة وهيلاس، كلمات عربية آرامية سورية، معناها (إله نضوج الخضار والفواكه وسنابل القمح)، وأن باب الجنان بحلب كان أوّل سوق هال في التاريخ والعالم”.
وتعتبر “هالة” و “هيلانة” من صفات الشمس، والشمس في المعتقدات العربية الأمورية والآرامية السورية القديمة، هي الإله السوري “حدد” (بعل شمين)، وهليوبوليس (الشمس والمطر).
وبنى العرب الأموريون السوريون مدينة “هليوبوليس” في مصر لإلههم “حدد”، كما شيّدوا في أوروبا مدناً على أسماء آلهتهم، أو مواقع ومعابد لتمجيدها، ومن هنا انتقل اسم “الهال” بمعناه إلى الأسواق العالمية.
كان الأموريون والآراميون السوريون يعبدون الشمس، ولم تكن الشمس تذكر باسمها احتراماً ووقاراً، بل بصفاتها “هال ـ هيلانة ـ هيلاس”.
يُشار إلى أن معبد الإله العربي الأموري الآرامي السوري “حَدَد” اُكتشف في قلعة حلب 1996، ويُعدُّ الأقدم في التاريخ والأكبر في سوريا وما حولها.
وتؤكد الموسوعة الفرنسية، أنّ الذين أسسوا مدناً على ضفتي البحر المتوسط أتوا من سوريا، ونشروا عبادة إلههم “حَدَد”، الذي اشتهر باسم “زوس” في اليونان، و “جوبتير” في روما .
ويأتي حرف السين في كلمة “هيلاس” للتعظيم، ومعنى الهلس: الخير الكثير، إذ يأتي المزارعون بمحاصيل جنانهم (الجنان) إلى سوق الهال (باب الجنان: الخيرات الكثيرة)، ويقدمون التقدمات للشمس، ومن أغانيهم “الهيلا الهيلا” .
ومن حلب انطلقت حضارة الهال، هيلان هيلينستية وهي الشمس رمز القوة الإخصابية للأرض، ولكن بعض المستشرقين جعلوا “هيلاس” جدّاً لليونانيين الأوروبيين رغم أنف التاريخ.
وفي كل المدن التي شيّدت فيها معابد للشمس، كان سوق “الهال”، فالشمس تساعد على مزيد من التجفيف وزيادة المساحات المزروعة، وأصبحت أعظم الآلهة في جميع البلدان الزراعية.
يُذكر أن العرب السوريين أول من نسبوا الألوهة للشمس والقمر والكواكب، وإن النبت في الشهر السادس الذي يبلغ فيه القيظ ذروته كان يعد شهراً مقدساً مكرساً لهذا الإله، فإن النبت في هذا الشهر يعطي أكله وثمره.
تلفزيون الخبر – أرشيف