بعد أن نفدت الأساور .. سوريات يبعن شعراتهن لمواجهة ظروف الحياة
حين لم تبق أساور للبيع، بسبب الظروف الصعبة، ولأنهن بعن كل ذي قيمة مسبقاً خلال السنوات العجاف التي تمر بها البلاد، ذهبت سوريات لقص شعراتهن، اخر ما يمتلكن، وبيعها، بسبب “الحاجة” وليس “الغزل” كمان كن يفعلن قديماً على لسان الشاعر السوري الراحل نزار قباني ” فكم من دمشقية باعت أساورها ..حتى أغازلها.. والشعر مفتاح”
باعت سامية 40 عاماً (اسم مستعار)، شعر ابنتها الصغيرة بمبلغ 700 ألف ليرة، لتشتري لها قرطاسية المدرسة وحاجياتها الآخرى، كما تقول لتلفزيون الخبر.
“قرار صعب”
تقول سامية وهي زوجة شهيد وأم لخمسة أولاد أنها اضطرت لبيع شعر ابنتها الطويل “كان قراراً صعباً بالنسبة لي، لأني أحب الشعر الطويل للفتاة”.
وتستدرك الموظفة في القطاع الحكومي “بالرغم من حبي للشعر الطويل إلا أن الاعتماد على راتب زوجي التعويضي وراتبي لم يعد كافياً، بسبب غلاء المعيشة الكبير وازدياد حاجيات الأولاد كلما زاد عمرهم”.
وتكمل سامية التي تقطن في حي الزهراء بمدينة حمص: “تختلف أسعار وصلات الشعر حسب وزنه ولونه، وحسب المحل الذي يشتري الوصلات، ومبلغ 700 الف يعتبر مبلغ قليل، لكن كنت بحاجة للمبلغ بشكل سريع لذلك لم أتردد في قبوله”.
“شعر أسود طويل مقابل لابتوب”
وجهتها قالت عبير 22 عاماً (اسم مستعار) لتلفزيون الخبر أنها “باعت شعرها بمبلغ مليون ونصف لحاجتها لشراء لاب توب من أجل دراستها في كلية الهندسة المعمارية”.
وأردفت عبير التي تنحدر من ريف اللاذقية: “شاهدت إعلان لصالون يشتري وصلات شعر، بمبالغ جيدة، فقررت بيع شعري الأسود الطويل لشراء اللاب توب، وبعد مساومة من الصالون اشتراه بمبلغ مليون ونصف”.
وشرحت عبير: “لم اتقبل شكل شعري في البداية، وهو قصير لكن بدأت بالتعود عليه، والشعر يطول مع مرور الوقت، لذلك كان القرار سهلاً بالنسبة لي”.
مصفف شعر: ارتفاع أسعار الوصلات مؤخراً
بدوره، قال مصفف الشعر “رامي” (37 عاماً) لتلفزيون الخبر، إن “أسعار الوصلات تختلف من منطقة لآخرى وحسب نوع وكثافة ووزن الشعر، وتتراوح بين 500 الف و3 ملايين ليرة، وهنالك فرق كبير بين أسعار الشراء والمبيع، حيث يصل المبيع لسعر 5 مليون ليرة”.
وأوضح رامي أن “90 بالمئة من السيدات اللات تبعن شعورهن، تكون للحاجة المادية، حيث ارتفع أسعار وصلات الشعر بالفترة الأخيرة كثيراً”.
وأضاف رامي: “يوجد قسم من السيدات تهدي شعرها ولاتقوم ببيعه، كما أن البعض منهن تحتفظ به للذكرى، أو تقص شعرها الطول كتغيير شكل دون أن تأبه بالوصلات”.
أسعار تستغل حاجة الناس
وذكر سامر (اسم مستعار) صاحب أحد مراكز التجميل في جبلة أن “الأسعار التي تعرض على مواقع التواصل مبالغ فيها، تستغل حاجة الناس، ويختلف سعر شراء الشعر حسب طبيعته إن كان خامة غير مصبوغ أو مصبوغ وقوي أو لا”.
ويصل سعر مبيع وصلات الشعر في جبلة بعد حبكتها وتطريفها، ثم تنقيتها، إلى 5 مليون ليرة حسب طلب الزبون، وفقاً ل”سامر”، الذي اعترف بفرق الأسعار بين الشراء والبيع.
وباعت روان (23 عاماً)، شعرها بمبلغ 100 الف ليرة العام الماضي، لإحدى السيدات في دمشق، حيث قامت بقصه كتغيير شكل، كما عبرت لتلفزيون الخبر.
وأضافت طالبة الهندسة: “لم أكن أعلم بأن الشعر يباع، لكن بعد معرفتي، عرضته على مركز شعر والذي عرض مبلغ 10الاف ليرة فقط، بحجة الحبكة وعدم قوته، لذلك قمت ببيعه عن طريق الانترنت بمبلغ 100 الف ليرة”.
صاحب مركز مشهور في اللاذقية يشرح
وأوضح بسام، صاحب مركز مشهور للشعر في اللاذقية، أن “أسعار مبيع الوصلات يتراوح بين 250 ألف و4 ملايين ليرة، تختلف حسب طولها ووزنها واللون بالإضافة للقوة”.
وبين بسام: “أن الشعر بعد شرائه يمر بعدة مراحل: الحبكة، التنظيف والتعقيم، التصفية، ثم التطريف والتوزيع، وتتراوح تكلفة هذه المراحل بين 25 و150 ألف ليرة سورية”.
“وتختلف أسعار الشراء في اللاذقية تبعا للشعر ووزنه وطبيعته، ويتم الاتفاق مع الزبونة قبل بدء القص على السعر الذي يتراوح من 100 ألف إلى 3 مليون ليرة، وفقاً لبسام.
الشعر ب”الوزن”
وزانت ميساء (35 عاماً) شعرها قبل أن تبيعه، لأن طوله فوق 70 سم، حيث يباع بدمشق على الغرام عند ارتفاع طوله فوق 60سم، كما قالت لتلفزيون الخبر.
وزادت ميساء التي تسكن في منطقة جرمانا بدمشق: “وجود ولد في مرحلة الشهادة الاعدادية أو الثانوية في المنزل، يحتاج إلى تكاليف إضافية كثيرة، لايمكن تغطيتها، لذلك اضطررت لبيع شعري رغم إعجابي به الشديد”.
وتابعت ميساء، الأم لأربعة أولاد: “أسعار شراء شعر تختلف من مركز لآخر، لأنه لايوجد تسعيرة موحدة لها، ويتحكم المركز بها، ولكن بعد فشل بيعه عن طريق الانترنت، قمت ببيعه لمركز يشتري على الغرام”.
وأكملت ميساء: “بعت شعري ب900 ألف ليرة، لأغطي تكلفة الأساتذة والمعهد، لطفلي في الشهادة الإعدادية، رغم معرفتي بأن المركز يبيعها بسعر أعلى بكثير”.
كان يستورد سابقاً ..
يشير بشير (اسم مستعار) صاحب أحد مراكز الشعر في طرطوس ودمشق لتلفزيون الخبر إلى أن “بيع وصلات الشعر المحلي، انتشر بالفترة الأخيرة بسبب حاجات الناس، إلا انه سابقاً، كان الشعر يستورد ويشترى على الغرام حسب التوصية”.
ويتابع بشير: “سعر الشراء موحد تقريباً في جميع المحافظات، إلا أنه يختلف حسب طريقة البيع، حيث يمكن بيعه بشكل مباشر للمركز أو الزبون أو لصالون حلاقة الذي بدوره يبيع للمركز”.
رئيس اتحاد الحرفيين بدمشق يوضح
وحول وجود تسعيرة نظامية أو قوننة لبيع وشراء وصلات الشعر، أوضح رئيس اتحاد الحرفيين بدمشق ناجي حصوة لتلفزيون الخبر، أنه “لايوجد شيء رسمي بخصوص بيع وشراء وصلات الشعر، وهي اجتهادات شخصية”.
وتابع حصوة: “لايوجد أي شىء رسمي لدى اتحاد الحرفيين، ولا المكاتب التنفيذية، والجهات المعنية هي من تضع التسعيرة، حيث لايوجد لدى الاتحاد مايسمى تسعيرة”.
وتنتشر إعلانات صالونات الحلاقة التي تعرض شراء وصلات الشعر بأسعار مختلفة، وتبيعها بأسعار تختلف كثيراً عن سعر الشراء، كتجارة مثلها مثل أي سلعة أخرى.
يشار إلى أن ظروف الحياة الصعبة والوضع الاقتصادي السيء، أجبر الأمهات السوريات على إيجاد حلول بديلة، دعماً لعائلاتهن، وهن اللواتي كن عظيمات على مر تاريخ هذه الأرض.
بشار الصارم – تلفزيون الخبر