ماذا حدث في تركيا وما الذي تغير ؟
نجح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تحويل نظام الحكم في تركيا من برلماني إلى النظام الرئاسي، وذلك بعد تصويت الأتراك بنسبة 51،2 % بالموافقة على التعديلات الدستورية، مقابل 48،7 %صوتوا بـ”لا”، وذلك بعد فرز كامل صناديق الاقتراع، يوم الأحد.
وستعلن التعديلات “أردوغان” رأساً للسلطة التنفيذية في الدولة، كما ستمنحه صلاحيات تعيين نوابه وبعض الوزراء وكبار الموظفين العموميين، إضافة إلى أن تشكيل الوزارة أو إلغاؤها سيكون أمراً مرتبطاً بمرسومٍ رئاسي.
ووفقاً للتعديلات، سيحتاج المرشح لمقعد الرئاسة لتفويض شعبي عبر جمع توقيعات من 100 ألف ناخب، لضمان قانونية ترشحه وعدم استبعاده.
ولن يجد الرئيس التركي نفسه مضطراً إلى قطع علاقته بحزبه بعد فوزه في الانتخابات، كما هو الحال في الدستور الحالي للبلاد، فيما ستكفل التعديلات للرئيس البقاء في السلطة لدورتين كحد أقصى، مدة كل منهما 5 سنوات، ما يعني أن أردوغان يمكن أن يبقى رئيساً حتى العام 2029.
وستمنح التعديلات للرئيس الحق بإعلان حالة الطوارئ في البلاد، على أن يصدِّق البرلمان على القرار وستقتصر صلاحية تقديم مقترحات لقوانين جديدة على نواب البرلمان، على أن تكون مسؤولية إعداد قوانين الموازنة العامة من اختصاص الرئيس بموافقة البرلمان.
ونصت التعديلات الدستورية الجديدة على زيادة عدد نواب البرلمان التركي من 550 نائباً إلى 600 نائب، وتخفيض سن الترشح لعضوية البرلمان من 25 عاماً إلى 18 عاماً.
وستجرى الانتخابات البرلمانية والرئاسية في يوم واحد كل 5 سنوات، فيما يمكن للبرلمان أن يعلن عقد انتخابات مبكرة بالبلاد في حال صوّت 360 نائباً من أصل 600 بالموافقة على ذلك.
ومنحت التعديلات للبرلمان الحق بفتح تحقيق مع رئيس البلاد في حال ارتكب جرماً ما، بشرط موافقة ثلاثة أخماس نوابه على ذلك عبر اقتراع سري.
وتتضمن التعديلات الدستورية الجديدة خفض عدد أعضاء المحكمة الدستورية التركية من 17 عضواً إلى 15 فقط.
كما نصت التعديلات على تغيير اسم المجلس الأعلى للمدعين العامين والقضاة ليصبح مجلس القضاء والمدعين العامين.
ويحق للرئيس التركي تعيين 4 أعضاء من أصل 14 عضواً يشكلون الهيئة العامة للمجلس، فيما يعين البرلمان 7 منهم، باستثناء مستشار وزارة العدل الذي سيُعين تلقائياً كعضو دائم.
وتحظر مواد الدستور الجديد تأسيس محاكم عسكرية باستثناء محاكم الانضباط.
وبعد مفاوضات طويلة، تمكن حزب العدالة والتنمية الحاكم، في نهاية عام 2016، من تمرير مشروع التعديلات الدستورية داخل أروقة البرلمان التركي، بعد أن نجح في إقناع حزب الحركة القومية المعارض بالتصويت لصالح تمرير المشروع وطرحه للاستفتاء العام.
وطعنت المعارضة التركية في نتائج الاستفتاء، داعية إلى إعادة فرز الأصوات في سبعة آلاف صندوق انتخابي، على اعتبار أنها “خطيرة على الديمقراطية وتكرّس دكتاتورية الرئيس”.
وتظاهر آلاف الأتراك في عدة مدن تركية ضد نتائج الاستفتاء، مما يدل على الانقسام الواضح في المجتمع التركي بين محبين لإردوغان وكارهين له ومعترضين على انفراده بالحكم ومؤسسات الدولة.
وسيكون من الصعب تفادي الانقسام، بسبب رفض الرئيس التركي للانتقاد وانتقامه من معارضيه سواء في الأحزاب المعارضة أو في الحكومة والمؤسسات والإعلام عن طريق إغلاق الصحف والقبض على الصحفيين في وسائل الإعلام المناهضة لسياساته.
ووسط تضارب مواقف الدول والمنظمات، بين مؤيد لنتائج الاستفتاء ورافض لها مسبقاً، ركزت صحف عربية في عناوينها على أن نتائج الاستفتاء أعطت “صلاحيات مطلقة” للرئيس التركي، معنونة “تركيا على أعتاب الديكتاتورية”.
وفي ذات السياق، هنأت دول قطر والبحرين، إضافة إلى عدة منظمات إسلامية كـ “حماس” الفلسطينية و”حركة النهضة” التونسية وجماعة “الإخوان المسلمين” في مصر، بنتائج الاستفتاء، وتراوح الترحيب بين “التهنئة للرئيس التركي” و “التعبير عن احترام خيار الشعب التركي”.
وبدوره، رحب ما يسمى رئيس إدارة الشؤون السياسية في “جبهة النصرة ” زيد العطار، بنتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية التركية.
وفي تعليق له، الاثنين، عبر قناته على “تيليغرام”، رحب العطار “بكل حدث أو تغيير يساعد تركيا على التحرر من القيود، ويطلقها نحو عالمها الإسلامي، ويساهم في استقلال إرادتها واستقرار بلادها، الأمر الذي سيدفعها أكثر لدعم قضايا الشعوب المسلمة والوقوف إلى جانبها”.
وفي قراءة سريعة لنتائج الاستفتاء، لفت الصحفي سركيس قصارجيان عبر صفحته على “فيسبوك” إلى أنه “رغم مرور التعديلات لكن إذا اخذنا بعين الاعتبار ان الدستور هو العقد السياسي لأي مجتمع فإن هذه النسبة تظهر انشطاراً في المجتمع التركي لا يصلح التأسيس على نتيجته لحياة سياسية جديدة”.
وأشار إلى أن “الولايات ذات الغالبية الكردية جميعاً دون استثناء صوتت بلا، ما يعني تعاظم الشعور لدى الاكراد ان هذا الدستور لا يمثلهم”.
وسيتم تطبيق التعديلات الدستورية الجديدة بعدما حظيت بالموافقة، في 3 تشرين الثاني 2019، وهو التاريخ ذاته الذي حدده البرلمان لعقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا.
يذكر أن نظام الحكم الحالي في تركيا هو نظام برلماني، تنقسم فيه السلطة بين هيئتين، هما الحكومة والبرلمان، الذي يُنتخب فيه الأعضاء من قِبل الشعب في انتخابات برلمانية تشارك فيها كل الأحزاب التركية المستوفية للشروط
حمزه العاتكي – تلفزيون الخبر