في الميتم نفسه الذي احتضنهما قبل 60 عاماً..يتيم سبعيني يلتقي بصديقه في حمص
بضحكةٍ متقطعةٍ وعينين ارتسمت حولهما خطوط السنوات السبعين، يحكي “كليم ديب” ذو الـ 73 عاماً، عن أغرب الحوادث التي مرت عليه في حياته منذ الطفولة، لأن جذور الحكاية نفسها مرتبطة بتلك الفترة الزمنية.
لا يجد مهرباً من التعبير بيديه للإشارة إلى أي عمقٍ حفر في ذاكرته كي يستحضر بعض التفاصيل، “يا سيدي من لما كان عمري 10 سنين”، يقول كليم لتلفزيون الخبر، باحثاً عن نقطة يستطيع اعتمادها لبدء الحديث.
“الله أكبر شو بدي أتذكر لأتذكر”، يبدأ كليم حديثه لتلفزيون الخبر بالتنويه لمصادفة غريبة، وهي أن صديقه الذي عاش معه في الميتم بحي الحميدية يحمل اسم العائلة نفسها (ديب) إلا أنه لا رابط قرابة يجمعهما.
“ما بعرف أهلي”، يكمل كليم لتلفزيون الخبر، فقد توفي والديّ عندما كان عمري أقل من عام واحد، بسبب مرض الكوليرا وما كان يسمى شعبياً آنذاك بالهواء الأصفر، وبفارق أسبوعين عن بعضهما.
ويضيف كليم ” كنا 3 إخوة، دخل الكبير إلى الميتم قبلي، أما أخي الآخر فقد تم تبنيه من إحدى العائلات في دمشق، في حين ذهبت إلى الميتم وبقيت حتى صف الحادي عشر وخرجت بعدها”.
وعن مصاعب الحياة التي واجهها ما بعد خروجه من الميتم، يكمل كليم “تعلمت كل المهن التي تخطر في بالك، من تمديد الكهرباء والمياه وبالبناء وغيرها، وذلك كي أكسب لقمة العيش في عالم كبير قاس”.
“ابني أندريه جمعنا”، يحكي كليم عن مشاعره لحظة اللقاء مع (أنطون) صديق المتيم بعد 60 عاماً من الفراق ، والذي شاءت الأقدار أن يكون مكان تلاقينا هو المكان ذاته الذي تفرقنا فيه”.
وعن ترتيبات اللقاء، يقول (أندريه)، لتلفزيون الخبر “بحثت عن كل الأشخاص الذين كانو في الميتم الأرثوذكسي بحي الحميدية مع والدي، فكان من ضمنهم مهندس يدعى أنطون ديب، حيث وصلت إليه عن طريق احد سكان الحي وقررت جمعهما في الميتم الذي عاشا فيه طفولتهما”.
“مشهد لا تصفه الكلمات”،يكمل أندريه، فكانت لحظة اللقاء كان عاطفية جداً، تعجز فيها عن ضبط مشاعرك، حيث كان من المدهش قدرتهما على تذكر أدق التفاصيل التي عاشاها معاً، من أقسام الميتم وحتى الطقوس والنشاطات والذكريات”.
مقاطعاً الحديث، “أي أي تذكرت”، يقول كليم، أذكر أننا افترقنا فترة البكالوريا آنذاك، عندما بدأت حرب حزيران مع فترة الإمتحانات وتوقفت الحياة حينها، وما أذكره حتى الآن أن أنطون كان من أكثر الأشخاص ذكاء وتأثرت بهذه الميزة التي تمتع بها شخصياً”.
“أخوك مو بس صديقك”، يضيف كليم، فقد عشنا معاً سنوات طوال، أكلنا وشربنا ولعبنا ودرسنا، ثم فرقتنا الحياة لأكثر من 60 عاماً، إلا أن الذاكرة كانت أقوى من تأثير السنين”.
عمار ابراهيم _ تلفزيون الخبر _ حمص