طقوس الزواج عند الحلبية.. الحلقة الخامسة والاخيرة : ليلة الدخلة
بعدما استعرضنا في الحلقات السابقة مراحل الزواج من انتقاء العروس الى خطبتها وعقد القران ومد الجهيز وطقوس العرس وصولا الى دخول العريس الى حفل العرس فسنستعرض في هذه الحلقة طقوس حفل العرس وليلة الدخلة.
يدخل العريس المنزل الى جانبه السخدوج ( السخدوج هو الصديق المقرب للعريس ) مع والده، وتقوم النساء المدعوات طلباً للحشمة بتغطية انفسهن بأردية خاصة.
وتقود النساء العريس باتجاه الدرج المؤدي إلى غرفة العروس الجالسة في المربع، وتظهر العروس أعلى الدرج مغطاة وجهها بالشاش الزهري وحتى هذه المرحلة لا تكون العروس قد رأت عريسها عادة.
وتتظاهر قريباتها – في تمثيلية طريفة – بإعاقة نزولها، وتسليمها لعريسها، وتلح قريبات العريس على وجوب نزولها، ورفضهن الصعود. يبدو ان أهزوجة ( ما بنزل .. ما بنزل ..يا دادا ما بنزل .. إلا بحلق الماس ) كانت تمثل هذه العادة .
أحيانا وفي حال أبدت العروس رغبة كبيرة في تدليل عريسها ترتدي قفازين اثنين في يديها وتكون الشموع معلقة ومضاءة على أصابعها العشرة في اشارة الى انها ستوقد أصابيعها العشرة إكراما له. ( كانت هذه القفازات المزودة بالشموع تباع في اسواق ” المدينة ” الاثرية) ويقال حينها : شعلتله اصابيعها العشرة شمع.
يصل الطرفان لحل وسطي، بأن يصعد العريس درجة وتنزل العروس درجة، حتى يلتقيان في منتصف الدرج، وتقترب ام العريس لتكسر قرص من السكر يسمى ” قرص شراب ” فوقهما، ويقوم والد العريس بجمع وشبك ايديهما، فيما يسمى ” تمسيك إيد بإيد “.
يرفع العريس الغطاء عن وجه عروسه وهي المرة الاولى التي يراها بها، ويجلسان معا بالصمدة فيما تتزايد احتفالات النساء خلال تبديل مكان محابس الزواج واعادة تلبيس العروس مصاغها الذهبي ” المليك ” الذي كانت قد لبسته سابقا يوم عقد القران.
ثم يأخذها العريس إلى مخدع الزوجية ويمشي أمامهما صبي وسيم تفاؤلا بأن يكون اولادهم بوسامته. وتنصرف بعدها النساء المدعوات، وتبقى والدة العروس لتنام في غرفة قريبة من غرفة العرسان للاطمئنان عليهما.
في بعض الحالات التي كان يمارسها البعض تبقى النساء بانتظار خروج العريس، ليعطي أم العروس الواقفة عند الباب منديلاً مصبوغاً بالدم لتفتحه امام الناس وترقص ملوحة به، وحينها تبدأ قريبات العروس باطلاق ” الزلاغيط “، وقد اختفت هذه العادة تدريجياً.
ليلة الدخلة
في مخدع الزوجية يجب ان تكون هناك طاولة طعام عليها اللحوم المشوية والفواكه والحلو العربي لعشاء العروسين ويجب تواجد المكسرات التي يسميها الحلبيون ” آلة الخزانة ” لتسليتهما.
لم تكن المكسرات المعروفة حالياً متوفرة حينها فكانت المكسرات عبارة عن الفستق الحلبي المملح والبرغل المحمص الخشن والقمبز المملح والبزر وغيره.
من العبارات المتبادلة المعروفة فيما بينهما أن يقف العريس أمام المرآة الحجرية لتنعكس عليها صورته ويسألها بسؤال فيه تورية :
بكم بتشتري المراية ؟ ..لتنظر هي الى صورته المنعكسة على المرآة وتجيبه : بشتريها بروحي ..
او تسأله العروس عند تناول الطعام : عندك راحة ( تقصد حلوى الراحة بالفستق )، فيجيبها : راحة العمر..
الصباحية
في الصباح التالي يحضر أصدقاء العريس باكراً لاصطحابه في دعوة على نفقتهم الى حمام السوق، ويبقون فيه من الصباح حتى المساء، معدين وليمة غذاء فاخرة على نفقة اصدقائه، والهدف من الموضوع ابعاد العريس عن العروس لترتاح قليلا .
أما النساء من أهل العروس و العريس فيحضرن اليها ويفطرن في منزل العريس المامونية والشعيبيات، وترتدي العروس ثوباً خاصاً لهذه المناسبة اسمه ” الصباحلك ” وهو ثوب أبيض طويل ومزركش، ثم ترتدي اثواب النوم ( التفريعات) وعادة يكن بألوان الاسود ثم الاحمر لاستعراض ” جهيزها وجمالها.
تقبل العروس أيدي النساء كبار السن من أهل العريس في اشارة الى انها صارت كبناتهن وتقدم لهن الاحترام، وتبقى النساء يغنين ويرقصن إلى ما بعد تناولهن طعام الغداء، ويجب ان يكون غداء فاخرا من الكبب والمحاشي والقبيوات، ويعيب على العروس رقصها الزائد فيجب ان تستقبل الضيوف بهدوء دلالة على ” التقل “.
ومن الجدير بالذكر أن حالة تعدد الزوجات كانت محدودة نسبياً، ولا يجوز عادة ان يتزوج الشاب على زوجته بأخرى ما دام ساكنا في بيت أبيه، ويمكنه ذلك في حال استقل بسكن خاص له.
المحامي علاء السيد – تلفزيون الخبر