على وقع اقتراب مؤتمر أستانة وبتأثير تركي .. “أحرار الشام” تراجع أوراقها
مع اقتراب انعقاد مؤتمر أستانة الذي من المفترض أن يكون منطلقا أساس لحل الأزمة السورية، بدأت حركة “أحرار الشام الاسلامية” بمراجعة أوراقها، وأخر ما صدر عنها بهذا الخصوص هو دراسة عامة عن “الثورة السورية”.
وبينت “أحرار الشام” في الدراسة، التي تعد الأولى من نوعها، أنها صادرة عما يسمى “المنبر الفكري”، الذي يجمع بين جناحي الحركة السياسي والعسكري، وعنونته باسم “الثورة السورية وتحديات المرحلة”.
وقالت الحركة في دراستها أنه وبعد مضي ست سنوات من عدم القدرة على تحقيق حسم عسكري في الميدان فأنه ينبغي إعادة النظر في الأهداف المرحلية والاستراتيجية، مضيفة أنه يجب كسر “حالة الركود” التي تعيشها الأزمة السورية.
وأكدت دراسة “الأحرار” للمرحلة أن “الثورة” حاليا تسيطر على حوالي 19% فقط من أراضي الدولة السورية، موضحة أن هذه السيطرة تضم جميع التنظيمات المتشددة من بينها “جبهة النصرة” أو “جبهة فتح الشام” بمسماها الجديد، مستثنية “داعش” والقوات الكردية.
وأفردت الحركة جزءا من دراستها لايضاح الموقف التركي من “الثورة السورية”، قائلة أن تركيا وبعد الانقلاب الأخير منتصف العام الماضي وبعد التوتر الذي شهدته علاقاتها مع روسيا بعد اسقاط انقرة لطائرة روسية، انكفأت على نفسها.
وأوضحت الحركة أن تركيا قدمت مصلحتها القومية والأمنية التي أصبحت أولوية بالنسبة لها، في مقابل جعمها لـ “الثورة السورية” وفصائلها، مع التذكير بأن “حركة أحرار الشام الاسلامية” محسوبة بكلها على تركيا دعما وتوجها وايديولوجية.
وأشارت الدراسة إلى أن تركيا فضلت التعاون مع روسيا فيما يخص الأزمة السورية، ومحاولتها لإنهاء الحرب، التي فيما يبدو تتجه الحركة لتحذو حذو تركيا في انهائها والجلوس على طاولة المفاوضات في محاولة لكسب حصة أكبر.
وهاجمت الدراسة العمل الثوري الذي وصفته بالمشتت، وبينت عدم وجود قيادة موحدة للعمل، وغياب اي تخطيط على المستوى الاستراتيجي أو عمل موحد إلا لفترات وصفتها بـ “الموسمية”، في إشارة فسرها المراقبون إلى “جبهة النصرة”.
وكان اللافت في الحلول التي وضعتها دراسة “أحرار الشام” هو مهاجمتها بشكل ضمني كل من “جبهة النصرة” ومعارضة الخارج من كـ “الائتلاف” و “هيئة المفاوضات، وكان الملفت أكثر وصف الدراسة لما يجري في سوريا بأنه لم يعد صراعا داخليا بل هو صراع دولي أصبحت أطرافه الداخلية صاحبة التأثير الأقل فيه.
وأوضحت الحركة أن الحلول تكمن في إعادة الفصائل لصياغة خطابها الفكري ومشاريعها الخاصة كون بعضها لا يتماشى مع الواقع السياسي والاجتماعي، مشددة على أنه لا بد من العودة إلى “مبادئ الثورة العامة التي تستوعب جميع القوى الثورية”.
وتابعت الدراسة أنه يجب أن يتم ذلك لفتح المجال أمام امكانية الاندماج بين الفصائل لتشكيل جسم وكيان موحد، وفي سبيل ذلك ينبغي التنازل عن الفصائلية والحزبية لصالح تجمع عسكري واحد تذوب فيه كل المكونات على كافة الأصعدة العسكرية والسياسية، ليتحولوا إلى قيادة عسكرية تستعصي على التصنيف الدولي بالارهاب، في هجوم واضح يطال “جبهة النصرة”.
وسياسيا، أكدت الدراسة على ضرورة تشكيل كيان سياسي ينطلق مما أسمته “رحم الثورة داخليا” ويقوم على قيادته نحبة من مكونات الداخل السوري، في هجوم مبطن على “الائتلاف” و”هيئة المفاوضات”.
يذكر أن “حركة أحرار الشام الاسلامية” كانت عانت منذ أشهر مرت من انشقاقات وانقسامات وعلق بعض من قادتها عضويتهم في مجلس الشورى الخاص بها، وعملت الحركة بدعم تركي واضح على اقصاء العناصر المحسوبة على “القاعدة” من صفوفها.
كما عطلت الحركة، بحسب اتهام القاضي الشرعي لـ “جيش الفتح” الشيخ السعودي عبدالله المحيسني، عملية الاندماج بين فصائل الشمال في ادلب وريف حلب، بعد أن وضعت شروطا إضافية بعد الموافقة من أبو محمد الجولاني زعيم “النصرة” على شروطها السابقة.
يذكر أنه من المتوقع أن يرأس الحركة أو أن يصبح قياديا مهما فيها المدعو حسن صوفان “أبو البراء”، وهو أحد قيادات الحركة الذي يوصف بالاعتدال، وذلك بعد أن ألحت الحركة على اطلاق سراحه من سجن صيدنايا بصفقة تبادل مع الدولة السورية.
يشار إلى أن الحركة التي يقاتل عناصرها في محافظات عدة في سوريا منها حلب وحمص ودمشق وحماة، هي حتى الآن غير موضوعة على لائحة الارهاب العالمية وتحظى برضا روسي نسبي بعد أن نقلت تقارير اعلامية عن اجتماعات تمت بين الروس وقيادات في الحركة.