بين لحية مغبرة على الجبهة ولحية “يجلجلها” الكريم .. ضاعت الطاسة في حلب
اشتهرت مدينة حلب تاريخيا بتنوعها الديموغرافي الكبير ، ولكن لا يخفى على احد بأنها بالمجمل مدينة ذات طابع محافظ بالعموم، على مستوى جميع الأديان التي يعتنقها سكانها .
وتعود اللحية تاريخيا بحسب عدة دراسات إلى عصر النبي موسى عليه السلام، أي منذ بداية انتشار الدين اليهودي الذي يعتبر اللحية مجد للرجال مترافقة مع تجديل أطراف زنار الوجه ودلالة حلق اللحية تكون بالتعبير عن الدمار والخراب.
وذكرت اللحية كواجب في الدين المسيحي في سفر “اللاويين”ومع تغير العادات اليوم ، فاغلب المسيحيين لا يلتزمون باللحية على عكس معظم رجال الدين المسيحي , واقتصرت اللحية على رمزية التعبير عن الحزن لوفاة أحد المقربين ، فعادة تترك لأربعين يوما.
إسلاميا اختلف علماء الدين الإسلامي بين من يعتبر اللحية فرضاً وبين من يعتبرها محببة وبين من يعتبرها غير موجودة بالدين الإسلامي حتى, وزاد البعض ليقول أن اللحية أصلها يهودي وليس لنا فيها واجب وان ما ينقل عن أحاديث للرسول (ص) عن وجوب اللحية هي لوقتها وأهله.
وكان يعتقد تاريخيا أن صاحب اللحية في الحرب يرهب العدو أيام المواجهة المباشرة ( أيام السيف والرمح) وبهذا فإن اللحية ذات هدف في الحرب ، فضلا عن صعوبة إزالتها أوقات المعركة .
حلب المدينة الغنية بالمذاهب والطرق الصوفية كالنقشبندية و الرفاعية والعقيلية وغيرها، اتفق اغلب أهلها على أن اللحية ، أو ما يتعارف عليها بالقول “الدقن” تدل على الالتزام الديني بالدرجة الأولى بالرغم من أن نسبة كبيرة من الزعران كانت تتبناها .
مع دخول التنظيمات المتشددة وانتشارها في سوريا أصبحت اللحية في مناطق المسلحين هي الدليل الأول على قوة صاحبها فطول اللحية تعني المكانة الأقوى أي أن اللحية كالرتبة العسكرية. ولكن بحسب طولها .
والتزم السكان في أغلب مناطق سيطرة المتشددين بالقوانين التي فرضوها حول طول اللحية، تطبيقا لشريعتهم المفترضة .
وظهرت في مناطق سيطرة الحكومة السورية موضة اللحية أيضا ولكن بشكل جديد, فقام الزعران ( وهم من باتوا يعرفون بالشبيحة ) بالحفاظ على لحاهم طويلة ولكن بطريقة مشذبة, من أجل البروظة، وبث الرعب في قلوب الناس، غاز وخبز ودفع فواتير بدون الانتظار على الطابور كأقل المكاسب.
ومع تطور الحرب السورية انتشرت عادة اللحية الطويلة عند الشباب الحلبية، فبعضهم نسي أن أصل اللحية في السنوات الست الأخيرة غير محمود فتحولت لموضة.
يقول رائد وهو حلاق شعر عالموضة، لتلفزيون الخبر : يأتي الشباب لعندي من اجل تزبيط اللحية بما يناسب الموضة الجديدة لتكون بشكل تدريجي من الأطول إلى الأقصر, وبعضهم يصففونها كالشعر تماما.
ويقول محمود طالب في الجامعة صاحب لحية طويلة “إن اللحية اليوم موضة ورفيقتي بتحب اللحية الطويلة وطول نهار بتبعتلي صور ممثل جديد بلحية جديدة , وانا لست الوحيد المهتم بالموضوع فبعض أصدقائي يستخدمون الكريمات لتكون ذقونهم ملساء “ما بتشوك”.
وأضاف أن احد شباب حارتهم كان يملك لحية طويلة وكان يدعي بأنه متطوع عند “فلان ” فكان يتعمد إثارة الشغب بالحارة و مع الجيران قبل اكتشاف كذبته.
من جهتها قالت ديما إنها واغلب صديقاتها “يحببن موضة اللحية والشغلة مو شغلة مسلحين وشبيحة بل هي مجرد موضة جديدة وتغيير شكل” .
وغيث صاحب شركة سياحة طبية قال بأنهم يعتمدون اليوم إعلانات خاصة للترويج لعمليات زراعة اللحية والتي تلقى رواجا جيدا بين عمليات التجميل الأخرى.
مؤخرا وبعد تحرير شرق مدينة حلب من التنظيمات المتشددة كان للحية نصيب من أحاديث الجمهور في شبكات التواصل الاجتماعي فانتشرت عدة صور لمسلحين تحت عنوان “قبل وبعد” أي قبل و بعد ازالة اللحية .
و بين موال للحية ومعارض ، وبين لحية مغبرة على جبهة ولحية “يجلجلها” الكريم، تبقى اللحية مثلها مثل كثير من العادات والتقاليد والقيم التي غيرتها الحرب في حياة السوريين على مدى ست سنوات.
فراس جليلاتي