فلاش

الهموم المعيشية تلتهم مونة المواطنين في طرطوس وتختزلها


يمرُّ موسم المونة على المواطنين في طرطوس ضيفاً ثقيلاً حاملاً معه عبئاً كبيراً على جيوبهم، والتقشف يخيّم على معظم الأسر في المحافظة، لاسيما “المكدوس” الأكلة الشعبية والمفضلة عند الطراطسة والتي لم تغب يوماً عن المطبخ الطرطوسي، ودائماً ما تتصدّر أولوياته وحاجاته من المونة.

“كلّ مالنا رايحين للأسوأ، والله يرحم أيام العز”، بكلمات تشوبها اللوعة والحسرة على مافات عبّر “أبو يوسف”، موظف متقاعد، عن الواقع المرير الذي وصل إليه حال المواطن السوري، قائلاً لتلفزيون الخبر: “لم يعد هناك كلماتٌ مناسبة تصف الحال التي وصلنا إليها”.

وأضاف “أبو يوسف”: “في الماضي كان موسم المونة بمثابة “عرس” من التحضير والتجهيز والبهجة التي ترتسم على وجوه كلّ الأسرة”.

وتابع قائلاً: “المونة لم تكن مقتصرة على نوع واحد فقط بل كانت متعدّدة، وتحوي شتّى الأصناف وبكمّيّات كبيرة فمن المكدوس والباذنجان والجوز، إلى شراء البندورة وعصرها ونشرها بأواني على أسطح المنازل لتحويلها إلى “دبس البندورة”.

وأردف “أبو يوسف”: “للفليفلة الحمراء حصّة كبيرة حيث يتمّ تحضيرها وتعريقها ونشرها للاستفادة منها “كدبس فليلفة” وفليفلة مطحونة، وأيضاً الملوخية والبامية بالإضافة إلى الباذنجان والقرع “المُقدَّد” لاستخدامهم في فصل الشتاء”.

وأشار “أبو يوسف” إلى أن “المشهد الحالي تغيّر كلّيّاًً ولم نعد نشعر بلذّة موسم المونة الذي أصبح يأتي إلينا باهتاً وثقيلاً على جيوبنا وكأنّه همٌّ كبيرٌ نتيجة الوضع المعيشي السَّيِّئ جدّاًً، والاقتصار والتقشّف هما عنوان تعامل غالبيّة الناس مع موسم المونة في طرطوس”.

بدوره، قال صاحب “سوبر ماركت” يدعى “أبو حسن” لتلفزيون الخبر إنّ: “”موسم المونة العام الماضي أرحم وأقلُّ تكلفةً على المواطنين من العام الحالي، حيث شهد سعر كيلو الجوز الممتاز في العام الماضي 5000 ليرة أمّا هذا العام وصل إلى مبلغ 16000 ليرة أي ثلاثة أضعاف تقريباً”.

كما أشار “أبو حسن” إلى أن “الجوز العادي أيضاً كان سعره 3000 ليرة وأصبح 13000 ليرة”.

وذكر “أبو حسن” أن “دبس الفليفلة كان سعر الكيلو منه العام الماضي 1500 ليرة، أمّا اليوم فأصبح 3000 ليرة”،” مبيّناًً أنّ “إقبال الناس على شراء حاجاتهم من المونة محدود جداً، فمن كان يأخذ كمية بالكيلوات العام الماضي، أصبح حالياً يشتري كمية لا تتجاوز نصف الكيلو من دبس الفليفلة و أوقية ونصف الأوقية من الجوز”.

“إقبال الناس على شراء الباذنجان للمكدوس خجول” هكذا وصف “يوشع” بائع الخضار الحركة الشرائية للمواطنين لمونة المكدوس، قائلاً لتلفزيون الخبر: “حال المواطن هذه الأيام يُرثى لها وبينبكى عليه نتيجة الظروف المعيشية القاسية التي أتعبته وأثقلت كاهله”.

وأضاف “يوشع”: “اقتصر اهتمام المواطن على كيفية تأمين طعامه وبشكل يومي، وتكاد تصبح المونة حلماً بعيد المنال عن المواطن البسيط”، مردفاً أن “كيلو الباذنجان سجل 300 ليرة، وسعرة الجوزة الواحدة 50 ليرة، وكيلو الفليفلة الحمراء 400 ليرة”.

من جهتها، قالت “أم محمد” (ربّة منزل) لتلفزيون الخبر إنّ: “المونة هذا العام مختلفة تماماً عن الأعوام الماضي من حيث الأسعار والكمية، حيث أنّ أغلب الأسر التي أعرفها اختصرت كثيراً في كمية المونة نتيجة غلاء الأسعار وتزامنها مع بدء المدارس وما تحمله معها من مصاريف”.

وأشارت “أم محمد” إلى أنّها “هذا العام قامت بتموين 10 كيلو من الباذنجان لأجل المكدوس، واستغنت عن الجوز واقتصرت حشوة الباذنجان على الفليفلة الحمراء والثوم”.

وأردفت “أم محمد”: “كما أقوم بغمر “قطرميز” المكدوس بزيت الزيتون مخلوط مع زيت دوار الشمس بسبب غلاء ثمن زيت الزيتون ولتخفيف الاستهلاك عليه، ومونتي اقتصرت على البازلاء والثوم و3 كيلو ورق عنب”.

يُشار إلى أن عزوف المواطنين ذوي الدخل المتوسط والمحدود في طرطوس عن التحضير لمونة المكدوس، هو نتيجة الظروف المعيشية الصعبة، بالإضافة لتزامنها مع بدء العام الدراسي وتأمين الأسر حاجات أبنائِها الطلاب من قرطاسية ولباس.


علي رحال – تلفزيون الخبر- طرطوس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى