نهر الغمقة في محافظة طرطوس

ومجرى النبع صنع منذ القدم بيد السكان وبني قربه قديماً العديد من طواحين المياه القديمة يعود قسم منها إلى زمن بعيد ويحتوي بقربه على الكثير من الممرات و الدهاليز التي كانت ترتبط ببرج صافيتا الأثري والمدينة و تعود لعصور سابقة.

وتتدفق مياه النبع سنوياً بين شهري كانون الثاني وأيار وتتقدم قليلاً أو تتأخر بعض الوقت تبعاً لتقدم أو تأخر موسم المطر، ولكن عندما يفيض يكون تدفقه غزيراً يصل حد مليون متر مكعب في اليوم، ولكنها خفت كثيرا في الآونة الأخيرة.

ومياه النبع لينة تقل فيها شوارد الكلس والمغنزيوم، كما أن شوارد الكبريتات والحديد والنحاس فيها منخفضة جداً، لأن ماءه يأتي من المطر مباشرة، وليونة الماء مرتبطة بتجددها السنوي، لذلك فمياهها مناسبة للاستخدام كمياه للشرب.

وتختلف صور المنبع كثيرا عن صور المصب، فالمنبع في صافيتا عبارة عن صورة جمال طبيعية تسحر المشاهد، في حين أن المصب على البحر كان في فترة من الفترات مجرى للصرف الصحي وبؤرة لتجمع الحشرات والأوساخ، وجرت أكثر من حملة لتنظيف مصب النبع.

وأقيمت بعض التحسينات لمجرى النهر ضمن المدينة منذ سنوات شملت إقامة مجرى مياه ضيق في وسطه مع مصاطب من كل جهة وتم رصف ضفتيه بالحجر، بهدف وصول مياه البحر إلى جسر الكورنيش الشرقي للمدينة، وذلك من خلال صنع قناة لهذه المياه لتعطي منظراً أجمل للمدينة.

ولم يتحقق هذا الهدف لأن أن أعماق مجرى النهر بقيت أعلى من مستوى مياه البحر وبالتالي اقتصر دخول هذه المياه بالشكل المطلوب إلى هذا المجرى على المسافة الممتدة من شاطىء البحر إلى جسر الكورنيش الغربي وهي بحدود خمسين متراً.

أما المسافة الباقية من المجرى المحسنة وهي الأكبر وطولها حوالي ثمانمئة متر فقد دخلتها المياه بشكل بسيط وبعمق لا يتجاوز نصف متر ونتيجة ذلك اقتصر الاستثمار السياحي على ضفتي النهر في الخمسين متراً الأخيرة، حيث أقيمت عليها المقاهي الصيفية التي انقرضت حاليا، أما ما تبقى من المجرى فقد انعدمت فيه الاستثمارات السياحية.

يذكر أن نهر الغمقة يعتبر النهر الوحيد الذي يمر داخل مدينة طرطوس من مدخلها الجنوبي، وسميت المنطقة التي يجري فيها في المدينة باسمه “الغمقة” وهي منطقة سكنية معروفة.