المناهج الجديدة .. بين تخوّف الأهالي ورؤية وزارة التربية
تشكل عملية تطوير المناهج التي بدأتها وزارة التربية السورية منذ سنوات، هاجساً يؤرق الأهالي والطلاب وحتى المعلمين، ما بين رافض لهذا التطوير ومن يرى فيه مضيعة للوقت لعدم تناسبه مع الأدوات وقدرات مدارس سوريا، وما بين مرحبّ بها ومن يراها ضرورية وخطوة هامة للتماشي مع متطلبات عصر سريع التغيير.
وفي هذا الإطار، أجرى تلفزيون الخبر استطلاعاً للآراء شمل عدداً من الأهالي والطلاب والمعلمين، للتعرّف على مواطن الخلل والملاحظات التي تعيق بنظرهم تحقيق الهدف الذي جرى تغيير هذه المناهج لأجله، وأهم الإيجابيات والسلبيات في المناهج الجديدة.
وبين الاستطلاع، عدم رضى قسم كبير من الأهالي عن مجمل التطوير الذي شهدته هذه المناهج، خاصة في مرحلة التعليم الأساسي، فاعتبر البعض أن “الكتب الجديدة معقدة وفيها الكثير من حشو المعلومات والكثافة غير الضرورية، وأن المدارس غير مؤهلة بمجملها لمجاراة هذا التغيير”.
فيما أشار آخرون إلى أن “الكوادر التدريسية غير مؤهلة، فالمناهج موضوعة على أساس الاعتماد على البحث والاستنتاج، لكن أسلوب الإعطاء لازال قديماً، ولا يراعي الاختلافي في مستويات الطلاب وقدراتهم”.
فيما اعترض آخرون على اعتماد الدروس على المصادر الخارجية مثل الانترنت، الذي لا يتوافر بشكل دائم لدى الجميع، والصعوبة التي تدفع الأهالي إلى الاعتماد على المدرس الخاص، مما يترتب عليه تكاليف مرهقة”.
المدرّسون بدورهم أبدوا العديد من الملاحظات حول المناهج المطورة، فذكروا أنها “تتيح المجال للإبداع، لكنها لا تراعي الأعداد الكبيرة من الطلاب في الصفوف، واشتكوا عدم توفر مستلزمات هذا التطوير والتغيير”.
بعض الطلاب ممن شاركوا في الاستطلاع، اعتبروا “أن المناهج الجديدة أفضل وأكثر سهولة، ولا يحتاجون فيها إلى الحفظ البصم بشكل كبير، لكنها تساعدهم على البحث الذاتي والعمل الجماعي، منوهين إلى أن ليس جميع المدرّسين يراعون التركيز على البحث والفهم”.
وحول هذه النقاط جميعها، أوضحت منسقة التربية للمرحلة الابتدائية، زمزم بيطار، لتلفزيون الخبر أن “فكرة أن المناهج الجديدة تتطلب مستلزمات ضخمة غير صحيحة، فهي صممت بحيث يكون كتاب التلميذ وسيلته الأولى والكافية”.
وتابعت بيطار ” في المناهج الجديدة، ولو أخذنا مثالاً مواد العلوم أو الرياضيات والتي تتضمن إقامة تجارب، تم تزويد الكتب بصور توضيحية تغني عن القيام بالتجربة عن طريق الملاحظة والفهم”.
وأكدت المنسّقة أنه ” يتم تزويد المدارس بشكل دائم وبالتنسيق مع دائرة تقنيات التعليم، بكل الوسائل المطلوبة، ومما لاحظناه أثناء جولات عشوائية قمنا بها في عدة ملاحظات، أن المعلم أحياناً لا يكون على علم بوجود هذه الوسائل في مدرسته”.
وأشارت بيطار إلى أن “المناهج الجديدة أسهل في التعامل وإيصال المعلومة للطالب، وذلك على عكس الرأي الذي ساد خلال الفترة الأولى من طرحها، والذي جعل الكثير من الأهالي يتخوفون من التعامل معها”.
وبيّنت بيطار أنه ” يتم إخضاع المعلمين لدورات سنوية في المناهج المطورة، ويبقى على المعلم مسؤولية المبادرة والاجتهاد الشخصي لاستخدام الأدوات وتطبيق استراتيجيات التعليم في الصف، وتحفيز الطلاب على تغيير نمط التعامل مع الدرس”.
وعن اعتماد المجموع النهائي للدرجات، أسلوباً لتقييم الطالب، اعتبرت بيطار أنه ” الأمر يحتاج إلى تغيير ثقافة الناس حول هذا الموضوع، ولا يمكن أن يحصل بين يوم ليلة، منوّهة إلى اعتماد الوزارة طريقة جديدة في احتساب الدرجات، حيث تعطى 40 بالمئة منها للمشاريع والمبادرات في الصفوف الانتقالية”.
وأكملت المنسقة ” وصلتنا اعتراضات بأن هذه المشاريع مكلفة ومرهقة مادياً، لكن الحقيقة أنه وبمراجعة أي كتاب سيجد الأهالي أن هذه المشاريع تعتمد على مخلفات البيئة، أو فكر وإبداع الطالب، وهذا كان الغرض منه”.
وأضافت ” لكن ما حصل أن الأهالي وبدلاً من إتاحة المجال للطالب للتعبير عما استفاده من الدرس بتطبيق عملي، اتجهوا نحو المكتبات التي تبيع مشاريع جاهزة والتي استغلت الموضوع تجارياً، علماً أن هذه المشاريع تطلب مرة في الفصل أو في العام الدراسي”.
موضحة أن ” في المرحلة الابتدائية، ليس الهدف هو تقديم المشروع بحد ذاته، لكن اكتساب مهارة التخطيط لمشروع، واعتماده في مرحلة قادمة أسلوباً لتقييم الطالب”.
وعن عدم قدرة المعلم على التعامل مع الأعداد الكبيرة في الصف الواحد، بيّنت بيطار أن ” استراتيجيات التعلم الجديدة والتي يجري تدريب المعلمين والمدرّسين لاستخدامها، عن طريق تقسيم العمل إلى مجموعات والمناقشة الثنائية، يساعد كثيراً على متابعة العدد الكبير”.
مضيفة أن ” الممارسة هنا تلعب دوراً كبيراً في تغيير الأسلوب التقليدي المريح والسهل والمعتمد على التلقين، لكن عملية تطوير المناهج لا يمكنها انتظار تقبل المعلم لفكرة التغير الذي يلقى معارضة كبيرة في البداية كما كل تغيير”.
أما بالنسبة لاعتماد الدروس على شبكة الانترنت، أكدت بيطار أن ” المطلوب من الانترنت قليل جداً، ولا يخلو بيت سوري اليوم من الشبكة، علماً أن الكتاب هو المصدر الرئيسي إلى جانب لفت الانتباه إلى الأقارب والمحيطين كمصادر تعلم”.
وأشارت بيطار ” تدخل المناهج المطورة عامها الرابع، وسبقها 5 سنوات تحضير، وتركز بشكل كبير على البحث العلمي في مرحلة مبكرة، ويتم تعديلها كل عام بناء على المقترحات والملاحظات التي تصل مركز التطوير”.
ولفتت المنسقة التربوية إلى أن موقع الوزارة ومركز التطوير يتضمن حقائب تعليمية، متاحة حتى للمعلم الذي لم يحصل على تدريب للاستعانة بها، ويتم تحديثها بشكل كامل”.
وتابعت “ومن المهم التأكيد على أهمية ما تعرضه المنصات التربوية من دروس، والتي تشكل مرجعاً للطالب والمعلم، والزودة بخط ساخن للمعلمين بشكل دائم”.
ونوهت بيطار إلى “البرامج التي تعرضها القناة التربوية السورية، والتي توضح الارتباطات بين المناهج والمفاهيم التربوية الموجودة فيها، وطرائق الأداء مع أمثلة حية وفيديوهات مساعدة”.
يذكر أن وزارة التربية أعلنت يوم الثلاثاء 1 أيلول موعداً لبدء العام الدراسي الجديد 2020_2021.
رنا سليمان _ تلفزيون الخبر