من يقف وراء إشعال الحرائق في الساحل السوري؟

اندلع أكثر من عشرين حريقاً في ريفي اللاذقية وطرطوس منذ مساء الثلاثاء، يعتقد أنها “مفتعلة” نظرا لكون الوقت من العام غير ملائم لانتشار الحرائق، والتي تكون بالغالب في فصل الصيف، وارتفاع درجات الحرارة الشديد.
وقام الدفاع المدني السوري بإخماد الحرائق، الحراجية بمعظمها، وسط صعوبات كبيرة بسبب تضاريس المناطق الوعرة وصعوبة وصول سيارات الإطفاء واشتداد سرعة الرياح بشكل كبير، ووجود عدة بؤر للحريق في المنطقة الواحدة، و تجدد اشتعال النيران، وبتعاون الدفاع المدني والإطفاء والمجتمعات المحلية، تم إطفاء الحرائق.
وتم توجيه الاتهامات بالوقوف وراء إشعال الحرائق، لعدة جهات.
وأكد وزير الزراعة محمد طه الأحمد في تصريح لوكالة الأنباء السورية “سانا أن” هذه الحرائق هي نتيجة أعمال تخريبية لفلول النظام البائد بهدف زعزعة الاستقرار وإزعاج المواطنين وحرق ممتلكاتهم”.
وأشار الأحمد إلى أن وزارته تعمل جاهدة مع وزارة الداخلية على “محاسبة المتورطين في هذه الأعمال التخريبية وتقديمهم للعدالة”.
من جهة أخرى ظهرت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، تحمل توقيع جماعة “راديكالية” تطلق على نفسها اسم “سرايا أنصار السنة” تبنت الوقوف وراء الحرائق.
كما ظهر تسجيل فيديو لشاب صغير اتهم بأنه مشعل النار، إلا أنه ظهر لاحقاً في فيديو اخر مؤكداً أن الفيديو الأول لم يكن مقصوداً به الحرائق، بل كان مزحة لبث “تيك توك” وأن اتهامه أمر غير صحيح.
وبالإضافة إلى الدوافع الاقتصادية والسياسية، هناك أفراد يشعلون الحرائق لأسباب نفسية أو سعيا للشهرة. يُعرف اضطراب “هوس إشعال الحرائق” (Pyromania) بأنه حالة نفسية نادرة تتميز برغبة قهرية في إشعال النيران، والشعور بالمتعة أو الرضا عند رؤية النيران وأضرارها، ولا يسعى هؤلاء لتحقيق مكاسب مادية أو انتقام، بل يقومون بذلك لتلبية رغبات داخلية مرتبطة بالاضطراب النفسي.
من جهة أخرى، قد يقوم بعض الأفراد بإشعال الحرائق بهدف جذب الانتباه أو تحقيق شهرة على وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال نشر مقاطع فيديو أو صور للحرائق التي تسببوا فيها، ويعكس هذا السلوك حاجة ملحة للاعتراف الاجتماعي، وقد يكون مرتبطا باضطرابات نفسية أخرى، مثل اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.
وتُظهر هذه الحالات أن أسباب اندلاع الحرائق قد تكون معقدة ومتعددة، مما يستدعي فهما شاملا للدوافع المختلفة وراءها، سواء كانت اقتصادية، سياسية، نفسية، أو اجتماعية، وذلك لاتخاذ التدابير المناسبة للوقاية منها ومعالجتها.
وشهدت سوريا في السنوات الأخيرة تزايداً ملحوظاً في حرائق الغابات، خاصة في المناطق الساحلية.
في عام 2020، اندلعت حرائق واسعة النطاق في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة وحمص، ما أدى إلى احتراق آلاف الهكتارات من الأحراج والغابات، وتسبب في موجة نزوح بين أهالي القرى والبلدات المتضررة.
ووُجِّهت اتهامات للنظام السوري السابق ومتنفذيه بالوقوف وراء عدد من حرائق الغابات لتحقيق مكاسب مثل شراء مساحات واسعة من الأراضي بأسعار زهيدة، والإمعان في تفقير سكان المنطقة.
كما وتشير تقارير إلى أن بعض هذه الحرائق قد تكون مفتعلة نتيجة التحطيب غير القانوني والتفحيم وممارسات زراعية غير مدروسة.
وتُظهر الأرقام حجم الكارثة البيئية التي تواجهها سوريا نتيجة الحرائق المتكررة، ما يستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الغابات والغطاء النباتي والحفاظ على التنوع البيولوجي في البلاد.
تلفزيون الخبر