هل يختبئ فيروس “كورونا” في أجسامنا ؟
بينما يتعافى الملايين من الأشخاص من “كوفيد-19″، فإن السؤال الذي لم يُجب عنه هو إلى أي مدى يمكن للفيروس أن “يختبئ” لدى الأفراد الذين تعافوا؟.
وإذا كان الأمر كذلك، فهل يمكن أن يفسر هذا بعض الأعراض طويلة المدى لـ”كوفيد-19″، أو يشكل خطرا لانتقال العدوى إلى الآخرين حتى بعد الشفاء؟.
وحول ذلك نقلت “روسيا اليوم” عن موقع “ساينس آلرت” استعراض الطبيب والعالم في الأمراض المعدية بجامعة فرجينيا ويليام بيتري حول ما هو معروف اليوم للإجابة عن تلك الأسئلة.
وقال آلرت أن “العدوى المزمنة أو المستمرة لأشهر أو حتى سنوات، يتم خلالها إنتاج الفيروس باستمرار، وإن كان ذلك في كثير من الحالات بمستويات منخفضة، وكثيراً ما تحدث هذه الالتهابات في ما يسمى موقع “المناعة المتميز””.
وشرح آلرت أن “هناك أماكن قليلة في الجسم أقل وصولاً للجهاز المناعي، حيث يصعب القضاء على جميع الالتهابات الفيروسية، وتشمل الجهاز العصبي المركزي والخصيتين والعين”.
وأضاف: “يُعتقد أن الميزة التطورية لامتلاك منطقة ذات مناعة مميزة هي أنها تحمي موقعاً مثل الدماغ، على سبيل المثال، من التلف بسبب الالتهاب الذي ينتج عندما يحارب الجهاز المناعي العدوى”.
وتابع: “ليس من الصعب على الجهاز المناعي الدخول إلى موقع متميز مناعي فحسب، بل إنه يحد أيضاً من البروتينات التي تزيد من الالتهاب، والسبب هو أنه بينما يساعد الالتهاب على قتل عامل ممرض، فإنه قد يتلف عضواً مثل العين أو الدماغ أو الخصيتين”.
وأردف: “فالنتيجة هي هدنة غير مستقرة، حيث يكون الالتهاب محدوداً لكن العدوى تستمر في التفاقم”.
وبين الطبيب أن “هناك طريقة أخرى يمكن للفيروس أن يختبئ فيها في الجسم ويعاود الظهور لاحقاً، حيث تحدث العدوى الفيروسية الكامنة عندما يكون الفيروس موجوداً داخل خلية مصابة، ولكنه خامل ولا يتكاثر”.
وأكمل العالم: “وفي الفيروس الكامن، يوجد الجينوم الفيروسي بأكمله، ويمكن إنتاج الفيروس المعدي إذا انتهى الخمول، وأصبحت العدوى نشطة”.
ويمكن أن يندمج الفيروس الكامن في الجينوم البشري، “مثل فيروس نقص المناعة البشرية، على سبيل المثال، أو يوجد في النواة كقطعة ذاتية التكاثر من الحمض النووي، تسمى الحلقة”.
وأشار الطبيب إلى أنه “يمكن للفيروس الكامن إعادة تنشيط وإنتاج الفيروسات المعدية، ويمكن أن يحدث ذلك بعد شهور إلى عقود من الإصابة الأولية، وربما يكون أفضل مثال على ذلك هو جدري الماء، الذي على الرغم من أنه يبدو أن الجهاز المناعي قضى عليه، يمكن أن يعيد تنشيطه ويسبب الهربس النطاقي بعد عقود”.
ولفت آلرت إلى أن “هناك فيروسات بسلسلة شائعة أثبتت قدرتها على الإختباء ويمكن أن يوجد الفيروس في حالة كامنة إلى أجل غير مسمى في الإنسان المصاب، حيث يُنسخ جينوم الفيروس في كل مرة يجري فيها نسخ الحمض النووي وتقسيم الخلية”.
ونوه آلرت بأنه “خلال فترة الخمول أو الاختباء، يمكن أن يكون هناك القليل من إنتاج البروتين الفيروسي، أو لا يوجد على الإطلاق في الخلية المصابة، ما يجعل العدوى غير مرئية لجهاز المناعة، ولحسن الحظ، لا تثبت فيروسات كورونا حدوث عدوى كامنة”.
وبحسب ما ذكره الطبيب فإنه “بإحدى الدراسات الصغيرة، اكتُشف فيروس كورونا الجديد في السائل المنوي لدى ربع المرضى أثناء الإصابة النشطة، وفي أقل من 10٪ من المرضى الذين تعافوا على ما يبدو”.
وفي تلك الدراسة، “كشف عن الحمض النووي الريبي الفيروسي، ولم يعرف بعد ما إذا كان الحمض النووي الريبي ما يزال من العدوى أو الفيروس الميت في السائل المنوي”.
ويتأخر التعافي من “كوفيد-19” لدى العديد من الأفراد، مع أعراض تشمل السعال وضيق التنفس والتعب، ويبدو من غير المرجح أن هذه الأعراض ترجع إلى استمرار وجود الفيروس، حيث أن الأعراض لا تأتي من مواقع ذات امتيازات مناعية.
وتشمل المواقع الأخرى التي اكتُشف فيروس كورونا فيها، بحسب العالم، “المشيمة والأمعاء والدم وبالطبع الجهاز التنفسي. ولدى النساء اللواتي يصبن بـ”كوفيد-19″ أثناء الحمل، تحدث المشيمة عيوباً في الأوعية الدموية للأم التي تغذي المشيمة”.
ويمكن لفيروس كورونا الجديد “أن يصيب الجنين أيضاً عن طريق المشيمة، كما يتواجد الفيروس في الدم وتجويف الأنف والحنك، لمدة تصل إلى شهر أو أكثر بعد الإصابة”.
وتشير الدلائل المتزايدة إلى أن فيروس كورونا، يمكن أن يصيب المواقع المناعية المتميزة، ومن هناك، تنتج عنه عدوى مزمنة مستمرة، ولكن ليست كامنة.
ومن السابق لأوانه معرفة مدى تأثير هذه الالتهابات المستمرة على صحة الفرد مثل الأم الحامل، على سبيل المثال، ولا مدى مساهمتها في انتشار “كوفيد-19”.
تلفزيون الخبر