كما الأنجُم يُومِضون عالياً .. الطب الشرعي بحلب يوثّق أعداد ضحايا الحرب من شهداء ومصابين
“ورأيت الشهداء واقفين ..كلٌ على نجمته سعداء بما قدموا .. من أمل.. بلادا يلبسها الشهداء يرتفعون بها ويعودون بها خضراء وزرقاء ..أحبوا زهر الرمان وزهر الليمون..”.
فكما الأنجم وكما زهر الليمون والرمان والزيزفون يُومِض شهداء حلب اليوم، وهم من تربع الموت وكل من هب ودب من العابثين على أرض شهبائهم التي اختلط ماء ذهبها بحمرة دمائهم، إلى أن انجلى عنها السواد.
شهداء مدينة حلب الذين طالتهم شظايا الموت خلال سنوات الحرب، وثقتهم الطبابة الشرعية بحلب حيث وصل عددهم بين عامي ٢٠١٢ و٢٠٢٠ إلى ٩٤١٤ شهيداً بين نساء ورجال واطفال ومجهولي الهوية.
واعتبرت هذه الإحصائيات دون العدد الحقيقي نظراً لفقدان عدد كبير من الملفات قبل عام ٢٠١٤، وفق ما أكد رئيس هيئة الطب الشرعي، الدكتور زاهر حجو لتلفزيون الخبر.
وأضاف حجو “هناك جثث في معظم حدائق مدينة حلب مايقدر عدده بحوالي ٥٧٠٠ ويتم الآن نقل الوفيات المعروفة من قبل ذويها إلى المقبرة الحديثة، حيث تم نقل ١٧٠٠ جثة ولايزال حوالي ٤٠٠ رفاة”.
وتابع “في حال الانتهاء من الرفاة المعروفة سيتم الكشف عن المجهولين من قبل الطبابة الشرعية بالتعاون مع الدفاع المدني ومكتب الدفن والجهات القضائية والأدلة الجنائية ليصار إلى دراسة هذه الحالات ونقلها الى المقبرة الحديثة”.
وأشار حجو إلى أن “أعداد المصابين لايمكن إحصاؤهم بدقة، فهناك عشرات الآلاف من المصابين منهم من غادر للعلاج خارج سوريا، فمقابل كل شهيد كان هناك اربع إلى خمس اصابات، وهناك حالات عجز كلي أو جزئي تصل إلى قرابة أربعة إلى خمسة آلاف مصاب ممن فقدوا عضو من اعضائهم.
وكانت أحياء مدينة حلب خلال الحرب تشهد تصعيداً متكرراً واعتداءات ومجازر من قبل إرهابيي “جبهة النصرة” الذين كانوا يحتلون أجزاء من أحياء حلب في الجهة الشمالية والغربية.
فبعد تحرير المدينة في أواخر عام 2016، بقيت أجزاء من الأحياء الواقعة شمالاً وغرباً تحت سيطرة إرهابيي “جبهة النصرة”، وهي محيط معامل البليرمون، وحي المالية في جمعية الزهراء، وحي الراشدين في حلب الجديدة، الأمر الذي جعل قسم من مدينة حلب غير آمن.
وكان التنظيم الإرهابي “جبهة لنصرة” يتعمد الاعتداءات على أحياء حلب وبعد كل انتصار يحققه الجيش العربي السوري، وفي المناسبات، سواء كانت وطنية أم دينية أم أعياد، حيث كان إرهابيو “جبهة النصرة” يمطرون حلب بالقذائف الصاروخية.
وكانت استكملت وحدات الجيش العربي السوري يوم الجمعة الماضي تأمين الطريق الدولي دمشق حلب، لتعلن بعد ذلك تحرير كافة المناطق الغربية الملاصقة لأحياء المدينة، والتقدم وتحرير مناطق الريف الشمالي منها.
لتعبُر بذلك سحابة الموت بما خلفته من رماد وعبث ويتامى وثكالى طيلة سنوات الحرب والتي أمطرت من سمائها آلاماً طٍوال وانكساراتٍ برحيلٍ وفقدْ، وليحل مكانها شهداءٌ فرحين لطالما انتظروا زوال الغمّة.
شهداءٌ يتطلعون إلى إخوتهم، أبنائهم، أمهاتهم، آبائهم وإلى أهل مدينتهم بأن عيشوا بسلام قد أخذْنا الموت معنا وترقبنا النصر كثيراً إلى أن انجلى السواد عن طلعة حلب البهية.
روان السيد – تلفزيون الخبر