هل مازالت الحلويات المنزلية “تحلي” شتاء السوريين؟
تأتي أصناف الحلويات على رأس قائمة الأطعمة التي يزداد استهلاكها شتاء، ويعلل الناس رغبتهم بتناولها بحاجة الجسم إلى الطاقة التي يمده بها السكر، حسب ما هو معتقد، وبسبب الشعور الزائد بالجوع المرافق للأجواء الباردة والمعتمة التي يتصف بها الشتاء.
من الناحية العلمية، أكدت دراسات أنه بمجرد الشعور بالبرد، ولو لفترات قصيرة، تنخفض درجة حرارة الجسم، الذي يطلق آلية الحفاظ على الذات، فيبعث برسالة عاجلة إلى المراكز المعنية للعمل على إنتاج طاقة آنية.
ومن هنا تبدو الحلويات أكثر إغراء، لكن للسوريين نظرة مختلفة تجاه أكلة باتت تعتبر “كمالية” في قائمة احتياجاتهم ومتطلبات الشتاء القاسية، وصنعها منزلياً أمر شبه ملغي في أكثر البيوت، فيتجهون لأنواع شعبية ورخيصة، أو تلك التي لا يحتاج صنعها أفراناً كهربائية وغازاً.
تقول وعد (ربة منزل) لتلفزيون الخبر:” قبل زواجي كنت أعشق صنع الحلويات بأشكالها، ومع مرور الوقت وإنجاب الاطفال والانشغال الدائم، تراجعت هذه الهواية لدي، رغم حرصي الدائم على وجود أنواع من المربيات المصنوعة منزلياً وبعض الأصناف بين الحين والآخر”.
وتتابع ” أما اليوم فالموانع صارت مختلفة، أسعار السكر ووضع الكهرباء الذي يحتاجه الفرن، أو الغاز الذي بات علينا أن نداريه إذا ما حصلنا عليه، جعل صناعة الحلويات منزلياً يخرج من قائمة الممكن أو حتى المسموح به”.
في الأسواق تحتل الحلويات البسيطة كالعوامة والمشبك و” الخبز الحمصي” أو القرمشلية، واجهات معظم المحال خاصة في الأحياء الشعبية، وتأتي المربيات والدبس والتمر رديفاً لهذه الأصناف، والأخف على جيب المواطن السوري.
وبعيداً عن التكلفة المادية، باتت صناعة الحلويات منزلياً أمراً مرهقاً جسدياً حتى بالنسبة لمعظم النساء العاملات خاصة، إلى جانب “غدر” التيار الكهربائي وغياب الغاز الأمر الذي جعل الأفران المنزلية جزءاً من ديكور المطبخ لاأكثر ولاأقل.
وتؤكد لمياء كلام وعد، وتضيف “جميعنا نرغب بالحلويات شتاء بشكل أكبر، ونجد النتيجة صيفاً بانتظارنا وزناً زائداً لا نعرف كيف نتخلص منه، ومع ذلك يبقى تناول بعض الحلويات التي تزيد شعورنا بالسعادة نوعا من المتعة التي فقدنا معظم أشكالها”.
تبحث لمياء وصديقاتها بشكل دائم على وصفات حلويات بسيطة ولا تحتاج وقتاً أو أي نوع من أنواع الطاقة يمكن صنعها خاصة للأولاد، الذين هم أكثر من يطلبها في كل الأوقات.
وعلى عكس ماهو متعارف عليه، يثبت الطب أن الأطعمة الغنية بالسكر وتلك التي تحتوي على الكربوهيدرات المكرّرة هي من أكثر الأنواع التي لا توفّر السعادة والراحة النفسية لوقت طويل، ذلك بسبب العلاقة المعقّدة بين السكر، الدماغ والصحة النفسية.
حيث وجدت دراسة لجامعة Baylor College of Medicine في تكساس عام 2002، أن ارتفاع معدلات استهلاك السكر المكرر مرتبط بارتفاع معدلات الاكتئاب.
أمّا في دراسة نشرتها مجلة Nutritional epidemiology and public health عام 2015، شملت 70،000 امرأة، وجدت أن اللواتي اتبعن نظاماً غذائياً فيه كمية عالية من السكر المكرّر هنّ أكثر عرضةً للاكتئاب بالمقارنة مع اللواتي حصلن على السكر من الفواكه.
كما تؤكد مصادر طبية أهمية تناول الحلويات المنزلية التي تكون مكوناتها معروفة وواضحة، بخلاف الحلويات المبتاعة في المحلات أو المطاعم والتي غالباً ما تعج بالسكر والسمن الحيواني أو الصناعي.
وبشكل عام ترجع أسباب الإفراط في تناول الطعام شتاءً، بحسب ما أشار فريق “ميد دوز” لتلفزيون الخبر إلى أن الجو البارد يخلق تغيرات تطورية بجسم الكائن الحي ليبقى على قيد الحياة في الظروف الصعبة، وفي الموسم البارد تزيد نسبة هرمونات الجوع أي هرمونات التحفيز على تناول الطعام.
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدأت مطلع شهر شباط بتوزيع مادة السكر عبر مؤسساتها وفق كميات محددة لكل أسرة سورية، بموجب البطاقة الذكية، بحيث لا تتجاوز ال4 كيلو مهما بلغ عدد أفراد الأسرة، وبسعر 350 ليرة سورية للكيلو الواحد، في حين تجاوز سعره ال500 ليرة في الأسواق.
تلفزيون الخبر