“البعبع”.. مبادرة شبابية سورية لمجتمع خالٍ من التنمر
بعد أن غدا التنمر ظاهرة اجتماعية تمس مختلف أطياف الشعب السوري، ولفظ يقرأ ويطرح بشكل شبه يومي على مواقع التواصل الاجتماعي، انطلقت مبادرة “بعبع” لتسلط الضوء على خطورة التنمر والتعريف به.
أنشأ المبادرة الشابان غيث صندوق (25 عاماً)، وفرح الفاخوري (23 عاماً)، في خريف عام 2019، بشكل إلكتروني حتى الآن، لنشر الوعي حول نتائج التنمر السلبية، وما يتركه من أثر لا يمحى.
وفي حديث مع مؤسسي المبادرة، قال غيث صندوق لتلفزيون الخبر: نسعى لتسليط الضوء على التنمر ومخاطره على الأفراد والمجتمع بلغة سهلة وبسيطة.
تحمل المبادرة على عاتقها، بحسب صندوق، دعم الشباب والمراهقين للوقوف والتحدث عندما يرون أو يختبرون التنمر.
وأوضح غيث إلى أن “التنمر ظاهرة موجودة في كل المجتمعات، تدخل في تفاصيل حياتنا، يمكن تبريرها بقصد المزاح فقط أو أنه لعب أو مجرد حرية رأي و تعبير.
وأضاف: غدا التنمر مقدمة للكثير من الأحداث والذكريات السيئة، لم يسمع أحد عن الفكرة إلا وشاركنا إحدى القصص التي مر بها هو أو أحد أصدقائه.
بدورها ذكرت فرح الفاخوري، لتلفزيون الخبر أن التنمر “كان محط اهتمامنا منذ زمن وشاركنا في الحديث عن مختلف مناحيه عبر لقاءات إعلامية مختلفة، وبثت الحياة في هذه الفكرة أثناء التخطيط لمشروع تخرج عنوانه الرئيس التنمر”.
وأردفت “ثم تطورت الفكرة فيما بعد بالتعاون بيني وبين غيث، ليتم إطلاق الصفحة الرسمية للمبادرة في العاشر من تشرين الأول الموافق لليوم العالمي للصحة النفسية”.
وتابعت “بدأ المشروع من خلال شخصية “البعبع” التي تستخدم عادة في الحكايا التي يقصها الأهل على أطفالهم لتخويفهم، بالإضافة لتجربة صغيرة أجريت بالتعاون مع 14 شاب سوري من خلفيات اجتماعية متباينة تم طرحها من عبر فيلم قصير وبوسترات في أيلول الماضي”.
واستخدم الفريق في الصفحة الرسمية للمبادرة التي حملت اسم “البعبع / Bogeyman”، أدوات عدة منها “منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، مقالات، مقاطع فيديو قصيرة، إحصائيات ورسوم بيانية، ومقابلات مع أشخاص تعرضوا للتنمر”.
وفي استبيان سابق قام به أحد القائمين على المبادرة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي قبيل التحضير للفيلم طرح سؤال عن مدى انتشار ظاهرة التنمر في المجتمع السوري، وأجابت نسبة 82,2 % من المشاركين في الاستبيان بـ “نعم”.
وتتوجه المبادرة بطرحها لجميع الأعمار، مع التركيز على فئتي الشباب واليافعين بشكل خاص، وذلك بسبب الانتشار الكبير لظاهرة التنمر بينهم.
وأوضح صندوق، أن المبادرة تهدف إلى “بناء ثقافة الاحترام والتفاهم بين مختلف فئات المجتمع، للوصول لمجتمع يتقبل فيه كل الناس بعضهم البعض بكل خلافاتهم واختلافاتهم بدون إلحاق أي نوع من أنواع الأذى بأي من الأطراف”.
و “التنمر هو أحد أشكال العنف الذي يمارسه شخص أو مجموعة من الأشخاص ضد شخص آخر أو إزعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة، بأشكالٍ متعددة كنشر الإشاعات، أو التهديد، أو مهاجمة الشخص المُتنمَّر عليه بدنيًا أو لفظيًا، أو عزل شخص ما بقصد الإيذاء أو حركات وأفعال أخرى تحدث بشكل غير ملحوظ”.
ولفت صندوق إلى أنه “لا يوجد دراسة عن أسباب التنمر في المجتمع السوري حتى الآن، ولكن يبدو أن التسلية هي أحد أهم أسبابه الذي يحدث في الجامعات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي”.
وتوصل مؤسسا المبادرة خلال البحث وراء التنمر وآثاره إلى أنه “يزيد من حالات الانتحار عالمياً، أو يؤدي إلى الإدمان لاسيما في أوساط اليافعين والشباب لما يؤثر على حياتهم ومدى فاعليتهم و صحتهم النفسية والجسدية.
ويرى غيث أن “للحرب أثر كبير على انتشار الظاهرة فالتنمر هو شكل من أشكال تفريغ الغضب لدى الأشخاص، لكن للأسف لا وجود لإحصائيات أو دراسات مؤكدة عن مدى صحة هذا الموضوع”.
وأما عن أشيع أنواع التنمر وأخطرها فهو “التنمر الإلكتروني”، لأنه يلاحق الشخص في أي مكان كان به، كما لا يمكن محاسبة الشخص المسؤول في كل الحالات بسبب الحسابات الوهمية”.
بالإضافة الى أن “طبيعة الأشخاص تدفعهم لأن يكونوا ذوي طبيعة عدائية أكثر على مواقع التواصل الاجتماعي لأنهم مختبئون وراء شاشة ولا يوجد تواصل فعلي وحقيقي مع الأشخاص مما يدفعهم للاعتقاد أن أي تصرف أو رأي هو مسموح بل هو حقهم الطبيعي”.
ولاقت المبادرة حتى تاريخه استجابة واسعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يروي مؤسسا المبادرة أن المقالة الأولى “دليلك الشامل لمعرفة الفرق بين المزاح والتنمر” وصلت لأكثر من 27 ألف شخص من مختلف المحافظات السورية، كما حققت أكثر من 1,400 تفاعلاً”.
وتطمح المبادرة للعمل على الأرض من خلال “إقامة جلسات توعوية تفاعلية للأطفال واليافعين في المدارس للتعريف بالتنمر وأنواعه والمخاطر والآثار السلبية (النفسية والجسدية والمجتمعية) المرتبطة به.
إلى جانب إنشاء مدونة تضم مجموعة من المقاطع المصورة التوعوية والمقالات الصوتية والمكتوبة وتحويلها لمنصة تهدف لنشر ثقافة تقبل الآخر المختلف، بحسب القائمين عليها.
ويأمل كل من فرح وغيث أن يكونا من خلال مبادرتهم سبباً لتسليط الضوء على هذه الظاهرة ضمن المجتمع ودراستها بشكل أكاديمي، وتوسيع نشاطها لتترك أثراً قويماً سليماً يمحو بشاعة وأسى أثر التنمر.
لين السعدي – تلفزيون الخبر