في مثل هذا اليوم رحل تشي غيفارا
يعد تشي غيفارا، إحدى الشخصيّات المشهورة في تاريخِ البشريّة، إذ يرتبط اسمه بالثورة والنضال، كما أنه أيقونةً شبابيّة وقدوةً للشعوب المقهورة.
ولد إرنستو تشي غيفارا في عام 1928 في مدينة روساريو الأرجنتينيّة، لوالده ذي الأصول الإيرلنديّة، ووالدته سيليا ذات الأصول الإسبانيّة، وكانت أسرة غيفارا من الطبقة المتوسطة، حيث انتقلوا للعيش في مدينة ألتا غراسيا الواقعة بالقرب من قرطبة في عام 1932.
عندما وصل غيفارا للمرحلة الجامعيّة في عام 1948 توجه لدراسة الطبّ في جامعة بوينس آيرس في الأرجنتين، وتخرّج منها عام 1953.
وغيفارا ثائرٌ يساريّ أرجنتينيّ، نشأ في كوبا عندما كانت خاضعةً للنظام الشيوعيّ، الذي ارتكبَ أبشع الجرائمِ الإنسانيّة لمدّة تزيد عن نصف قرن، ولذلك فقد شاركَ جيفارا في الثورة الكوبيّة، وقاتلَ في العديدِ من مناطقِ العالم، حتى قُتلَ على أيدي الجيش البوليفيّ.
وتأثّر غيفارا بالفكر الماركسيّ، وبأفكار الزعيم الصينيّ الشيوعيّ “ماو تسي تونغ”، وظهرَ ذلك بوضوح على معالم شخصيّته وأفكاره، وخاصةً على نظريته التي تتعلق بالثورة، حيث كان يعتقد أنّ الثورة يجب أن تنبعث من الجبال والأرياف، ثمّ تنطلق بعد ذلكَ إلى المدن، وهذا ما حاول غيفارا تطبيقه في الثورة الكوبيّة.
وانتقلَ غيفارا للمكسيك في عام 1954، والتقى بمجموعة من الثوار الكوبيين المنفيين، فانضمّ للثورة الكوبيّة، وفي عام 1955 التقى بالزعيم الثوريّ الكوبيّ “فيدل كاسترو”، وخاضَ معه حرب العصابات التي دامت مدّة سنتين، والتي كانَ هدفها القضاء على الدكتاتور الكوبيّ “فولغينسيو باتيستا”.
وبعد معاركَ ضاريةٍ مع الجيش الكوبيّ، والتي أدت إلى خسارة نصف عدد الثائرينَ المتحصّنين في جبال سيرامايسترا، دخل الثوار العاصمة الكوبيّة هافانا عام 1959، وقامَ غيفارا ومن معه من الثائرين بإسقاط حكم “باتيستا”، وبذلك نجحت الثورة الكوبيّة.
وتولّى غيفارا بعد الثورة مجموعة من المناصب، فعمل سفيراً للهيئات الدوليّة الكبرى، ورئيساً للبنك المركزيّ في كوبا، ومسؤولاً عن التخطيط، ووزيراً للزراعة.
ولم يكتفِ غيفارا بنجاحه في الثورة الكوبيّة، فأخذَ يعبّر عن دعمه لحركات التحررّ في الجزائرِ، وتشيلي وفيتنام، وفي عام 1965 قررَ أن يتوجّه لدولة الكونغو الإفريقيّة، بهدفِ تدريب القوّاتِ الشبابيّة من المتمردينَ في حربِ العصابات، ولكنّ جهوده لم تنجح فعادَ إلى كوبا سرّاً عام 1966.
كما توجّه غيفارا إلى بوليفيا متخفيّاً في عام 1967، ليقودَ مجموعاتٍ من القوى المتمرّدة على حكومة “رينيه باريينتوس”، وهناك انفصلت مجموعة حرب العصابات عن التيار الرئيسيّ.
وفي مواجهة مع الجيش البوليفيّ، تمّ نصب كمين للمقاتلين المتبقين الذين يبلغ عددهم 17، بمساعدة من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث جُرحَ غيفارا وألقيَ القبضُ عليه وعلى من بقيَ معه من المقاتلين.
وكان تشي غيفارا كاتباً إلى جانبِ كونه ثوريّاً وطبيباً، حيث بدأ يكتب يوميّاته وهو في العشرينيّات من عمره، فنشرَ والده أوّل مذكرات له بعنوان ” يوميّات دراجة ناريّة” والتي نُشرت بعد وفاته باللغة الإسبانيّة، وتضمّ هذه المذكرات رحلاته إلى الأرجنتين وأمريكا اللاتينيّة، وتبيّن هذه المذكرات قلقه على النّاس الذين يعيشون تحت خطّ الفقر.
كما كتبَ يوميّاته خلال الثورة الكوبيّة، ووضّح فيها قناعته بقدرة الشعب على فعل المستحيل، وبعد انتصاره في الثورة الكوبيّة ألف كتاب حرب العصابات، الذي يقدّم فيه نصائح للحركات الثوريّة الشعبيّة.
أعدم غيفارا في التاسع من شهر تشرين الأول عام 1967 من قبل الجيش البوليفي، ودُفنَ في مكانٍ سريّ، حتى تمّ اكتشاف رفاته عام 1997، فأُعيد جمع الرفات ودفنه في كوبا.
لا تزال شخصية غيفارا التاريخية ملهمة ومحترمة، كما ضمنته مجلة التايم من بين المائة شخص الأكثر تأثيراً في القرن العشرين، في حين أن صورته المأخوذة من طرف ألبرتو، اعتبرت “الصورة الأكثر شهرة في العالم.”
تلفزيون الخبر