المعلمون منقسمون حول منع التدخين في المدارس .. ما المانع من التدخين خارج الصفوف؟
مع بداية كل عام دراسي تعيد وزارة التربية التذكير بقرار منع التدخين في المدارس، القرار الذي يتصدر القانون رقم 62 لعام 2009، يتم تعميمه مجديد على الإدارات، ضمن جملة التعميمات اللازمة والواجبة حتى لو لم تطبق بحرفيتها.
وانقسم المعلمون بين مؤيد بشكل مطلق للقرار، وهم من غير المدخنين بطبيعة الحال، وآخرون استنكروا التضييق على المدرّس، الذي هو في النهاية موظف، معتبرين أن من حقه أن يكون لديه مكان مخصص للتدخين.
تلفزيون الخبر استطلع آراء عدد من المدرسين من مختلف المحافظات والاختصاصات، وجاءت الإجابات لتعكس الانقسام الحاصل بينهم، حيث قال أحد المعلمين إن ” منع التدخين في المدارس قرار صائب، لأن المدارس ليست مقاهي، والعاملين فيها من مدرسين وإداريين هم قدوة للطلاب”.
بدورها مدرّسة لغة عربية من محافظة اللاذقية اعتبرت أن ” القرار غير شكل، بس ماحدا رح يطبق وأولهم المدراء والإداريين عموماً”.
ويشمل قرار منع التدخين في المدارس جميع العاملين فيها، من مدرّسين وإداريين وفي جميع الأوقات والأماكن، ولاتندرج المدارس ضمن الأماكن التي طالب نص القانون فيها على أن تقوم الجهات المعنية بتوفير حيز مستقل جيد التهوية مخصص للمدخنين ووضع شارة السماح بالتدخين.
وقالت المدرّسة سميحة شحادة “كنت أتحسس من تدخين زميلاتنا ضمن غرفة المعلمات مما يضطرني للابتعاد، فما بالكم بالأطفال الصغار الذين لايدركون ما يؤذيهم؟” وتابعت “طبعا أنا مع القرار، حفاظاً على صحة أطفالنا،هذا إن استطاعوا تطبيقه.”
وأشار عدد من المدرّسين إلى أن التشديد على هذا القرار في كل عام، أمر ثانوي بالمقارنة مع احتياجات المدارس والنقص الذي تعاني منه، وقال أحدهم “هاد هو المهم ولا تأمين مراوح جيدة للتلاميذ؟ تأمين التدفئة اللازمة مع قدوم فصل الشتاء؟ الطلاب قاعدين أربعة بالمقعد واحنا راكضين على التدخين بالمدارس”.
وفي ضوء صعوبة منع التدخين في المدارس كما ينص القرار، وعدم التزام عدد كبير من المدرّسين والإداريين، يبرز التساؤل حول جدوى إعادة تعميمه، مع أن بعض المدارس شهدت حالات تفتيش ورفع عقوبات بحق مدرسين “ضبطوا” وهم يدخنون في غرف المدرسين.
وتساءل المدرّس أحمد “شو المشكلة إذا دخن المعلم بحصص الفراغ، هي حرية شخصية، برأي اعطو هامش للمعلم ليحب مهنته أكثر”.
وحول تبرير القرار باقتداء الطالب بسلوك استاذه، اعتبر أحد المدرّسين أن ” هذا الطالب يرى أهله وغيرهم يدخنون، فما العبرة من منعه في غرفة المعلمين، ونحن معه إذا كان يتم تطبيقه في المديريات والوزارة أولاً”.
ونوه علاء، مدرّس من محافظة دمشق، إلى أن ” المشكلة ليست في إصدار القانون بل في تطبيقه، وهذا أمر صعب وشبه مستحيل، بالنسبة لأي مكان من الأماكن التي يشملها القانون، إلا في بعض الحالات”.
وأشار مدرّس آخر إلى أن ” غير المدخن يحق له أن يعبر عن انزعاجه من التدخين، ويطلب عدم التدخين في مكان تواجده في حال لم يستطع المغادرة، لكن لا يجوز له أن يعطي الأحكام بغير ذلك وخصوصاً انه لا يعلم بماذا يشعر المدخن”.
وتابع “الكثير من المدخنين تزداد عصبيتهم عندما تزداد الفترة الزمنية للتدخين، وأظن أن الحفاظ على هدوء المعلم أهم من أي شيء آخر، واعتقد شخصياً، أنه إذا تم تنفيذ القرار بحذافيره سنجد انعكاسات خطيرة على العملية التربوية”.
وأضاف “هذا إلى جانب أن القرار لم يوضح الأهداف المرجوة منه، فإذا كان الهدف تربويا فلا جدوى كبيرة منها طالما أن التلاميذ يرون المدخنين في بيوتهم وفي الشوارع، وان كان هدف القرار صحة المعلم فهذا مستبعد لأن هناك أمور أخرى أهم لصحة المعلم منها “الراتب”.
واعتبرت المدرّسة هناء القرار ” غير منطقي لسبب واحد فقط وهو: إذا كان العامل في المدرسة اعتاد التدخين ما يزيد عن ٢٠ سنة، فكيف نطلب منه ما لا يستطيع؟ ثانياً لنفترض أن جهة تربوية لاحظت ذلك في مدرسة فما هو الإجراء؟ لا أتصور أن عدم التدخين يُنجح العمل التربوي ولا استمراره يُفشله”.
بدورها رأت المعلمة جلنار أنه ” حتى لو لم أكن مدخنة وابنتي في المدرسة، لا أرى سوءاً في أن يدخن المعلم سيجارة أثناء الاستراحة، فلماذا التضييق على المعلم الذي هو بالأساس لديه ما يكفيه من الضغط داخل وخارج المدرسة؟”.
وتنص المادة الثانية من القانون رقم 62 على أن “يمنع التدخين وبيع منتجات التبغ وتقديمها في الأماكن العامة التالية: المدارس ودور الحضانة ورياض الأطفال والمعاهد والمؤسسات التربوية الأخرى، و الجامعات الحكومية والخاصة والمنشات التعليمية الأخرى بما فيها المعاهد العليا والمتوسطة ومراكز التدريب المهني.”
كذلك يمنع القانون التدخين في ” الأندية والصالات الرياضية المغلقة، و وسائل النقل العامة و أماكن تخزين أو بيع أو توزيع المحروقات والغاز، والمصاعد الكهربائية، والمراكز الثقافية ودرو السينما والمسارح والمكتبات، وفي المحال العامة المغلقة وأي أماكن أخرى تحدد بقرار من رئيس مجلس الوزراء”.
رنا سليمان – تلفزيون الخبر