ظاهرة تزداد مع التقدم بالعمر وبين العازبين والمطلقين والأرامل .. ماهي الطريقة الأولى للانتحار في سوريا ؟
تشهد حالات الانتحار تزايداً على مستوى العالم، بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية الأخير، الذي صدر في 10 أيلول “اليوم العالمي لمنع الانتحار”، والذي كشف أن حالة انتحار واحدة تحدث كل 40 ثانية، و90 حالة كل ساعة، وهي أرقام تبدو صادمة ومقلقة على المستوى العالمي.
وتتعدد الأسباب التي تدفع 800 ألف شخص للانتحار سنوياً بحسب التقرير، إلا أن “النهاية المأساوية” هي قاسمهم المشترك، حيث يعتبر الانتحار ثاني مسبب للوفاة عند فئة الشباب بين 15-24 عاماً بعد حوادث الطرق، والفتيات بين 15-19 بعد الأمور المتعلقة بالحمل والولادة.
وفي سوريا انتحر منذ بداية عام 2019 وحتى نهاية شهر أيار 60 شخصاً معظمهم من النساء، بحسب رئيس هيئة الطبابة الشرعية في سوريا، زاهر حجو”.
وأكد حجو لتلفزيون الخبر أن “معظمهم انتحروا بإطلاق الأعيرة النارية بالدرجة الأولى، حيث ارتفع استخدام الأسلحة عند النساء اللواتي كن يلجأن قبل الحرب للانتحار بالمبيدات الحشرية والمواد السامة”.
وأضاف حجو أن “حالات الانتحار في سوريا عن طريق الشنق تأتي في الدرجة الثانية ويليها إلقاء النفس من أماكن عالية”.
وبين حجو أن “حالات الانتحار شملت معظم المحافظات السورية إلا أنها تركزت بشكل خاص في ريف دمشق”، مبيناً أن “الإحصائية لا تشمل محافظات الرقة وإدلب ودير الزور”.
وأكد حجو أن “نسبة الانتحار تعتبر منخفضة جداً في سوريا مقارنة بأنحاء العالم، رغم ظروف الحرب التي تمر بها البلاد منذ 8 سنوات”.
وتتعدد العوامل التي تدفع الإنسان للانتحار، وتقول أخصائية الطب النفسي، لينا دكروج لتلفزيون الخبر إنه “يرتبط بعضها بظروف اجتماعية أو نفسية أو دينية، ويأتي العمر في مقدمتها، حيث تزداد خطورة الانتحار مع التقدم بالعمر، لاسيما بعد سن 65 عاماً بنسبة 16% عن بقية الأعمار الأخرى، علماً أن الانتحار يبلغ ذروته عند الرجال بعمر 45 والنساء بعمر 55”.
وبينت دكروج أن “نسب الانتحار تتأثر بالحالة الاجتماعية، حيث ترتفع عند غير المتزوجين، والمطلقين والأرامل، مضيفةً أن الانتحار يتأثر كذلك بالعرق حيث تشير الأرقام إلى ارتفاع النسبة عند ذوي البشرة البيضاء بمرتين من أصحاب البشرة السمراء”.
وأشارت دكروج إلى أن “الدين يعتبر من العوامل الهامة في ردع الناس عن الانتحار، حيث يعتبر محرَّماً في بعض الديانات، كما وتزداد النسبة عند المهاجرين أكثر من السكان الأصليين”.
“ويلعب التوجه الجنسي دوراً هاماً في الإقدام على الانتحار، حيث يعاني المثليون من نظرة المجتمع السلبية تجاههم الأمر الذي يدفعهم لإنهاء حياتهم، كما تؤثر المهن على الأشخاص، فترتفع نسب الانتحار عند الأطباء ورجال الشرطة والفنانين والمحامين وموظفي شركات التأمين”، بحسب أخصائية الطب النفسي.
وعن ارتباط الحروب بالانتحار، ذكرت دكروج أن “نسب الانتحار لا ترتفع في فترات الحروب، بل يزداد التمسك بالحياة، ويقابل ذلك فترات الاستقرار الاقتصادي”.
وبالنسبة للعلامات التي تدل على ضرورة الانتباه لشخص ربما يفكر بالانتحار، قالت دكروج إن “هناك مؤشر عالمي يسمى “ريد فلاغ” يمكن من خلال الاطلاع عليه معرفة الأشخاص المقبلين على الانتحار وتقديم المساعدة لهم”.
ويشمل “الريد فلاغ” بحسب دكروج “المطلقين حديثاً والمنفصلين عاطفياً عن حبيب، وكل من فقد قريب، والاندفاعيين الذين لا يملكون خططاً مستقبلية وفاقدي الأمل، إضافةً إلى الوحيدين ومن لديهم سلوك إجرامي أو توهمات أو محاولات انتحار سابقة”.
وأضافت دكروج أنه “لا بد من الانتباه للنساء بعد الولادة حيث يتعرضن لحالة اكتئاب يجب مراعاتها، وكذلك الأمر بالنسبة لمدمني الكحول وأصحاب الأمراض المزمنة، ومرضى الفصام أو الذين يأخذون مضادات الاكتئاب، وكل من تعرض لإعتداء جنسي”.
وشهدت سوريا حالات انتحار كثيرة هزت الرأي العام مؤخراً أبرزها لشاب عشريني رمى نفسه من الطابق العاشر في مشفى تشرين الجامعي باللاذقية بعد وفاة والدته.
وفي ظل تقصير الجهات الرسمية المختصة بدمج برامج الدعم النفسي في مختلف المؤسسات، وإنشاء مراكز مختصة لاستقبال “النفوس الموجوعة” من جهة، ونظرة المجتمع السلبية الذي مازال في معظمه يطلق صفة “الجنون” لكل من يرتاد عيادة طب نفسي، لا تجد تلك النفوس يداً تربت على كتفها، ولا ترى أمامها سبيلا في اختصار طرق أوجاعها .
توفيق بيطار – تلفزيون الخبر