“التوأم” أخوة من نوع خاص
يتشاركان لحظة التكون الأولى، يحضنهما رحم واحد في نفس الوقت، يخرجان للحياة معاً، أخوان، بصورة مختلفة بشكل ما عن معنى الأخوّة المتعارف عليه، ويعيشان تفاصيل مختلفة جميلة وفي بعض الأحيان متعبة.
كيف يستقبل الأهل خبر الحمل التوأمي؟
يختلف رد فعل الأهل لدى تلقيهم خبر وجود جنينين بدل الواحد، ما بين الخوف من التعب الذي ستواجهه الأم أثناء الحمل وبعده من تحمل مسؤولية العناية وتربية طفلين في نفس العمر ولهما نفس الحاجات والمتطلبات، وما بين الترحيب بالفكرة والمطالبة بحصولها من قبل البعض.
ويجعل الواقع الاقتصادي الحالي للسوريين، مسألة انجاب طفل واحد هماً كبيراً في ظل غلاء المعيشة وحليب الأطفال، عدا عن انقطاعه فترات، والحفاضات واللباس وغيره من متطلبات الأطفال التي لاتنتهي.
وتجعل الكثيرين يقفون حائرين أمام احتمال مضاعفة هذا العبء في حال كان الجنين توأماً، حيرة تنتهي بالتسليم والرضى، مثلما حدث مع مهند ووئام الذين كانا ينتظران مولودهما الثاني مع قرار بأن يكون الأخير، ليفاجئا بأن الجنين توأم.
بالنسبة لوئام خافت كثيراً وهي تفكر بما ينتظرها من عذاب، أما مهند فحسب تعبيره ” أحضرت ورقة وقلم وبدأت بالحساب، هاد أمر واقع وبدنا نتعامل معو، وأهلا وسهلا فيهم”.
خافت نور كثيراً لدى سماع النبأ من طبيبتها، حامل بتوأم، وهي أم لطفل عمره 3سنوات، تحكي لتلفزيون الخبر” فكرت أنني سأتعذب كثيراً، لكنني فرحت لدى معرفتي بأنهما توأم بنات، كانت الأشهر الأولى صعبة للغاية، فبدلاً من طفل واحد يبكي لديك اثنان، ولا أعلم كيف كنت سأقدر على التحمل دون مساعدة أمي”.
وتابعت نور “الآن أعيش تجربة خاصة بوجودهما بعد أن أصبح عمرهما عامين، فرغم أن ( ميريل ومينسيا) ليستا توأم حقيقي، ولا تتكلمان جيداً بعد، تفهم كل منهما ماتريد الأخرى، تأكلان معاً وتلعبان معاً، علاقتهما جميلة جداً رغم التعب”.
رغم المفاجأة التي شعرت بها ريم لدى معرفتها بحملها بتوأم من الصبيان، شعرت بسعادة للخبر، وتصف لتلفزيون الخبر ” أحسست بأنها رزق من رب العالمين، تفاجأت طبيبتي بسعادتي فمعظم النساء يخفن من الحمل بتوأم”.
وتضيف ضاحكة ” كان حملاً متعباً جداً، الناس اليوم ترى التوأم بأجمل شكل فيحسدونني، ولا يعلمون التعب الكامن خلف هذا المظهر الجميل” وتتفق مع نور على جمال وخصوصية التجربة، والعلاقة بين الطفلين (هادي وكريم).
تبدأ حياة غالبية التوائم من اختيار اسمين متقاربين إما في المعنى أو اللفظ، خاصة إذا كانا من نفس الجنس، ليأتي التشابه بالشكل وحتى الصوت عاملاً مميزاً، يعطي لحياة التوأم ميزتها الخاصة، بسلبياته وإيجابياته.
سوزان ورزان توأم حقيقي في العشرين من العمر، وتقول سوزان عن حالتهما لتلفزيون الخبر ” نحن نشعر كأننا شخص واحد، ومنذ كنا صغاراً تشاركنا كل شيء، وحتى المجتمع حولنا عودنا على ارتباطنا ببعضنا بأي شيء، فاسمي دائماً مقرون باسم أختي في أي مناسبة”.
وتضيف سوزان ” في بعض الأحيان كنا ننزعج من طريقة التحديق بنا لمحاولة تمييزنا عن بعض، فعندما كنا صغاراً كانت أمي تلبسنا ملابس متشابهة، وعندما كبرنا أصبحت الفروقات أوضح”.
وتابعت ” نحن نشعر ببعضنا كثيراً واحياناً نقول نفس الجملة في نفس الوقت، مما يثير استغراب الآخرين، واذا افترقنا لا تستطيع إحدانا أن تغفو بعيداً عن الأخرى”.
تتعمد سوزان ورزان اليوم اختيار ملابس مختلفة وقصة شعر مختلفة وحتى العمل في مهنتين مختلفتين، وهما تدرسان نفس الفرع في الجامعة، في محاولة لتخفيف تعلقهما ببعض .
ويستغل التوأم “داني وهاني” التشابه الكبير بينهما في بعض الأحيان، فمرة أضاع داني هويته فما كان منه سوى الاستعانة بهوية أخيه التوأم، عدة أيام، إضافة إلى تقدم أحدهما إلى امتحان نيابة عن أخيه في إحدى المرات، كما يسرَان لتلفزيون الخبر.
فيما يستفيد “أحمد” من تشابه صوته مع صوت أخيه التوأم “علي” فقط في الرد على الهاتف أحياناً، فوجود شامة على خد أحمد وارتداء علي نظارة طبية جعل التمييز بينهما سهلاً لدى الآخرين”.
وتوضح الطبيبة النسائية واخصائية التوليد “شيرين حيدر” لتلفزيون الخبر أن “الحمل التوأمي نسبته 3 بالمئة عالمياً، وله عوامل مؤهلة منها الاستعداد الوراثي، وتزيد نسبته إذا كان عمر الأم بين ثلاثين والأربعين، إلى جانب أدوية الإخصاب، مع التنويه إلى أن التحريض ممكن أن يسبب الحمل بتوأمين أو أكثر”
وبيّنت الطبيبة أن “الحمل التوأمي عالي الخطورة على الأم والجنين، فإذا كان التوأم في كيس حمل واحد، وهو ما نسميه التوأم الحقيقي، من الممكن حصول بعض المشاكل مثل نقل الدم وتفاوت الحجم بين التوأم”.
وأضافت “ويرفع الحمل التوأمي من احتمال حصول ولادة مبكرة، واحتياج الطفلين للحاضنة في أحيان كثيرة، وبالنسبة للأم الحمل التوأمي يجعل أعراض الوحام في الأشهر الأولى أصعب، إضافة إلى المشاكل الناجمة عن ثقل الوزن فوق الطبيعي، وإرتفاع نسبة الإصابة بالسكري والضغط، الأمر الذي يجعل هناك حاجة لمتابعة طبية أكثر”.
ونوّهت حيدر إلى أن “التوأم الحقيقي يتمتعان بملامح متشابهة إلى جانب إنهما من جنس واحد، وأثبتت الدراسات أن هناك تواصل روحي وتخاطر وعادات مشتركة وميول متشابهة بينهما”
ولفتت الطبيبة” في بعض الأحيان يكون الخبر صادماً للأهل، فإحدى المريضات انتابتها نوبة بكاء هيسترية لدى سماعها خبر حملها بتوأم، لكن الأغلبية تفرح للخبر، والبعض يطلبن طريقة للحمل بتوأم وهذه الظاهرة ازدادت مؤخراً لعدة أسباب”.
وتابعت ” بعض النساء لا يرغبن بالحمل أكثر من مرة فيرغبن بتوأم ، أو بسبب سفر الأب مثلاً، ترغب السيدة في الانجاب لمرة واحدة، وترحب النساء اللواتي تأخرن بالإنجاب بالحمل التوأمي”.
يذكر أنه وبحسب الإحصائيات يناهز عدد التوائم (الثنائية والثلاثية) أكثر من 125 مليون شخص في العالم، أي ما يقارب 1.9% من عدد سكان الأرض، 10ملايين توائم منها متشابهة.
رنا سليمان – تلفزيون الخبر