ماذا تعرف عن خان شيخون ؟
بعد أن سيطرت وحدات الجيش العربي السوري الجمعة، 17 آب، على عدد من القرى والمزارع بريف إدلب الجنوبي بعد اشتباكات عنيفة مع المجموعات المسلحة، تتجه الأنظار إلى بلدة خان شيخون الاستراتيجية، والتي ستشكل استعادتها علامة فارقة في مسار المعارك، وتحولاً في مصير الحرب ضد المسلحين في المنطقة.
وضجت المواقع والوسائل الإعلامية بخبر اقتراب الجيش العربي السوري من تحرير بلدة خان شيخون التي تسيطر عليها الفصائل المتشددة منذ عام 2014، مع هروب عدد كبير من مقاتلي هذه الفصائل من البلدة بعد إحكام الجيش الطوق عليها من عدة جهات.
وتأتي أهمية خان شيخون من خلال موقعها الاستراتيجي الهام والمصيري بالنسبة لمجريات الحرب منذ سيطرة الفصائل المسلحة عليها، حيث تقع البلدة على طريق حلب دمشق الدولي، وتبعد عن مدينة إدلب نحو 70 كم إلى الجنوب، وعن مدينة حماة نحو 37 كم إلى الشمال.
وبلغ عدد سكانها مع بداية عام 2011 ، 70 ألف نسمة، وشكلت منذ بداية الحرب نقطة استقطاب لمختلف الفصائل المسلحة التي توالت على المنطقة، كما شهدت فيما بعد تناحراً بين هذه الفصائل للسيطرة عليها.
في البداية سيطر مقاتلو ما يسمى “الجيش الحر” على البلدة بعد تشكيله عام 2011، وتمكن الجيش العربي السوري من إحكام السيطرة عليها في تموز 2012، بهدف تأمين طريق دمشق حلب، والطرقات المتجهة نحو ريف حماة الشمالي وسهل الغاب، مجبراً المسلحين على الانسحاب إلى الأرياف والمزارع المحيطة.
ومع بداية 2014، وتزايد أعداد المسلحين القادمين بشكل خاص من تركيا باتجاه حلب وإدلب، شنت فصائل ما يسمى “ألوية صقور الشام” و “درع الثورة” و”جيش الإسلام”، هجوماً مكثفاً على البلدة تمكنت بعده من السيطرة عليها، وقطع الطريق الدولي.
كانت خان شيخون ومحيطها معاقل أساسية انطلقت منها الفصائل الإرهابية التي انضوت في “جيش الفتح”، كما لعبت مع ريفها دوراً بارزاً في دعم وإمداد الفصائل المسلحة في ريف حماة الشمالي، في مورك وكفرزيتا وصوران وغيرها، وهي بلدات ريف حماة القريبة من خان شيخون.
ونتيجة لموقعها الهام، شهدت البلدة تناحراً بين الفصائل الموجودة في المنطقة، حيث دارت معارك بين فصيل “جند الأقصى” التابع لتنظيم “داعش”، وحركة “أحرار الشام” أواخر 2016، أسفرت عن سيطرة “الجند” على مقرات الحركة فيها.
لكن الحركة، وتبعاً لمواقع إعلامية تابعة لها، عاودت التقدم بمؤازرة فصائل أخرى ما أجبر “جند الأقصى” على مبايعة جبهة “فتح الشام”، “النصرة” سابقاً، غير أن “جند الأقصى” عاد وانفصل عن “فتح الشام”، وحاول السيطرة على خان شيخون واتخاذها مقراً لإمارته مطلع 2017.
واحتجز العشرات من مقاتلي فصائل “الجيش الحر” في ريف حماة الشمالي، معظمهم من مقاتلي “جيش النصر”، وقام بتصفيتهم في أواسط شباط 2017، في حاجز الخزانات المجاور لخان شيخون.
وبعدها هاجمت هيئة “تحرير الشام” فصيل “جند الأقصى” في محيط خان شيخون وحاصرته فيها، لينسحب منها في النهاية باتجاه مناطق سيطرة “داعش” شرق البلاد عبر ريف حماة الشرقي.
وفي 4 نيسان2017 ظهرت فيديوهات وصور نشرتها ما تسمى منظمة “الخوذ البيضاء”، تزعم فيها تعرض البلدة لهجوم بالسلاح الكيميائي، شنت على إثره أمريكا عدواناً على مطار الشعيرات العسكري أسفر عن “استشهاد 7 وإصابة 18 آخرين بين عسكريين ومدنيين من القرى المجاورة للمطار.
وكان الرئيس بشار الأسد في حديثه لإحدى الوسائل الاعلامية قال: أن “ما حدث في بلدة خان شيخون التابعة لمحافظة إدلب هو تمثيلية”، مبيناً أن “كل الأدلة التي تستند عليها بعض الدول لاتهام الحكومة السورية هي مقاطع فيديو نشرتها “جبهة النصرة””.
ونشرت صحيفة “فيتيرانز توداي” الأمريكية تقريراً مفصلاً تثبت من خلاله عبر شهادات أطباء سويديين لحقوق الإنسان وخبراء أن “الخوذ البيض” قاموا بجريمة قتل متعمدة بحق الأطفال الموجودين في الفيديو الذي يدعي بأن “الدولة السورية قامت باستهداف المدنيين في خان شيخون بإدلب عبر الأسلحة الكيماوية”، مؤكدين”عدم وجود هجوم كيماوي وكافة مقاطع الفيديو مزيفة وموجهة ضد الدولة السورية”.
وتعني سيطرة الجيش العربي السوري على خان شيخون إطباق الطوق كلياً على مساحة تقدر بمئات الكيلومترات المربعة من ريف حماة الشمالي، بما فيها “مثلث الموت” الذي يربط كل من بلدات الزكاة واللطامنة وكفرزيتا، وكذلك مورك التي تقع فيها نقطة المراقبة التركية التي لطالما احتمت التنظيمات الإرهابية بمحيطها أثناء قصفها لمواقع الجيش السوري والبلدات المحيطة.
وتشهد جبهات ريف حماة الشمالي الغربي وإدلب الجنوبي منذ نيسان الماضي معارك عنيفة بين الجيش العربي السوري والفصائل المتشددة، حيث بدأت وتيرة هذه المعارك تشتد خلال الشهر الجاري محرزة تقدماً كبيراً على الأرض.
تلفزيون الخبر