مقاهي الأرصفة الصيفية الريفية ..ترفيه “على قده”
تمنع المسافات البعيدة التي تفصل ما بين الريف والمدينة في أغلب المناطق السورية، كثير من السوريين من الحصول على بعض المتعة التي ينشدونها في الأجواء الصيفية، خاصة في فترة المساء، الأمر الذي ساهم خلال السنوات الأخيرة في انتشار نوع من الترفيه البسيط ” على قده” متمثلاً بمقاهي الأرصفة الصغيرة في القرى.
وتحمل هذه المقاهي التي تكون غالبا أرضية رصيف أو أرض صغيرة مجانبة للقرية دون سقف، توضع فيها بعض الكراسي والطاولات، إلى جانب “كشك” صغير يحضر فيه صاحبه بعض الأطعمة البسيطة والمشروبات، إلى جانب ” الأركيلة” بالطبع، ترفيه لأهالي هذه القرى بعيد عن صخب المدن والعادات والمظاهر السيئة (بالنسبة للبعض)، التي تغزو مقاهي ومطاعم المدن.
ولا يقتصر رواد هذه المقاهي على الشباب من صغار السن، مع أنهم يشكلون الفئة الأكبر منهم، لكنها تستوعب جميع الأجيال وتخلق فرصة “لتغيير الجو” غير مكلفة في بيئة نظيفة اجتماعياً وصحياً، فبعضها يتموضع بين الأشجار أو إلى جانب عين ماء قريب.
وتختلف وجهات النظر بين مشجع لهذه الظاهرة التي بات يداخلها بعض السلبيات، ومنتقد لها بسبب ما تجتذبه من ضجة للمنازل القريبة، وهي التي تنشط مساءً بشكلٍ خاص، في موسمها الصيفي القصير.
وقال محمد شاب في الثامنة عشر، لتلفزيون الخبر: “بعد انتهاء المدارس نجد في هذه المقاهي فرصة للاستمتاع بتكلفة مادية بسيطة، فنجتمع انا وأصدقائي فيها ونسهر للعب الشدة وشرب الأركيلة حتى الصباح احياناً، وهو ما لا نستطيع فعله في منازلنا بشكل يومي”.
وأضاف محمد “هذه المقاهي القريبة والتي لا تفتح إلا صيفاً، تريحنا من البحث عن ترفيه لا يتوافر سوى بالمدن البعيدة عنا نسبياً، والمواصلات غير المتوافرة لساعات متأخرة من الليل”.
من جانبه، يجد مهند (16 عاماً) في هذه المقاهي فرصة عمل، حيث قال: “أعمل في أحد هذه الأكشاك مع قريب لي، وهي تؤمن لي مصروفاً بسيطاً خلال العطلة الصيفية، بالإضافة إلى قربها من منزلي، الأمر الذي شجع أهلي على الموافقة على عملي فيها”.
وللأهالي رأيين مختلفين بهذه الظاهرة الصيفية، منهم أبو سامر الذي قال: “أجد هذه الفكرة جيدة ومناسبة للجميع، فمن ناحية لم أعد أقلق إذا ما تأخر ابني في العودة إلى المنزل، فأعرف أين يسهر ومع من وأطمئن إلى ما يفعلونه، فهذا الزمن مخيف بالنسبة للشباب من حيث نواحٍ كثيرة”.
وتابع أبو سامر “المدينة بعيدة والسهر فيها مقلق بالنسبة لنا نحن الأهالي وغير مسموح يومياً، إضافة إلى أن اجتماع ابني ورفاقه في مكان قريب خفف الضجة في المنزل خاصة ليلاً والتي كنا نعاني منها سابقاً”.
ميزة أخرى أضافتها بعض هذه المقاهي كنوع من تطوير عملها، حيث أصبح الكثير منها يضم شاشة تعرض عليها المباريات كافة، الأمر الأكثر جذباً للشباب، وإراحة لبال الأهالي الذين كان يصر اولادهم على السهر في أماكن بعيدة لمتابعتها أو اقتناء الكروت الخاصة في المنزل الأمر الذي يربك العائلة.
على أن الأمر لا يخلو من بعض المساوئ، حيث رأى وضاح أن “هذه المقاهي رغم أنها عادة تقام على أطراف القرى، تكون قريبة من بعض البيوت وتسبب ضجة كبيرة وإزعاجاً بالموسيقى الصاخبة أحيانا أو عند عرض مباراة ما”.
وأشار وضاح إلى أنه “ازدادت مؤخراً الدراجات النارية التي تتخذ من الشوارع أمام هذه المقاهي ساحة للاستعراض، خاصة في حال تواجد فتيات في المقهى، الأمر الذي يضيف إلى الإزعاج الخوف من الحوادث خاصة مع كثرة المنعطفات والطرقات غير المستوية في القرى”.
ورغم هذه السلبيات تبقى هذه المقاهي شيئاً مرحباً به بين معظم الأهالي حيث تشكل بديلاً عن المطاعم باهظة الكلفة في المدن، ومكاناً مناسباً لبعض الحفلات الصغيرة لمناسبات مثل أعياد الميلاد أو حفلات النجاح، تناسب الأوضاع المعيشية الصعبة للسوريين عامة وأبناء الريف بشكل خاص.
رنا سليمان _ تلفزيون الخبر