“السوريين منورين مصر”.. حملة لدعم السوريين بمواجهة الدعوات القضائية والعنصرية
أطلق ناشطون وفنانون مصريون، حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان “السوريين منورين مصر”، تصدرت خلال ساعات قليلة أكبر نسبة تدوال على موقع “تويتر”، وتفاعل معها العديد من الفنانين والإعلاميين والناشطين المصريين والسوريين.
وجاءت الحملة الالكترونية ردا على مذكرة قضائية رفعها المحامي المصري سمير صبري، وطلب فيها حصر أموال السوريين في مصر ، قائلا “باتوا يملكون أهم مصانع الألبسة والنسيج ، وسيطر بعضهم على مناطق تطوير عقاري في أهم وأرقى المناطق المصرية”.
وقال المحامي الذي ذُهل من النجاح والمشاريع التي تفوق فيها السوريون على المصريين “وجه بشوش وكلمة حلوة وابتسامة مع كرم حاتمي… رباعي مثلث الجسر الذي عبر عليه السوريون إلى قلوب المصريين وكانت بمثابة جواز المرور لبقائهم على أرض المحروسة”.
إلا أن آلاف المصريين الذين شاركوا في حملة “السوريين منورين مصر”، عبروا من خلالها عن حبهم للسوريين ورفضوا هذه المذكرة معتبرين أنها إجراء “عنصري” ضد السوريين في مصر.
و من بين الفنانين المتفاعلين مع الحملة الفنان محمد هنيدي الذي أكد أن “مصر وسورية كانتا ولا تزالان حتى الآن دولة واحدة، وأضاف “كنا دولة واحدة من قبل ومهما حصل هنفضل بردة دولة واحدة، السوريين منورين مصر”.
وكذلك الفنان آسر ياسين الذي شارك “الهاشتاغ” في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” قائلا: “بلدكم زي ما هي بلدنا”.
وكتب عمر السعيد “السوريين منورين مصر هذا وطن لكل العرب، مصر كبيرة أوي عيب بقى”، بينما قال الفنان أحمد السعدني “السوريين ليهم في مصر زي المصريين”، وقال الفنان محمد إمام “ودي محتاجة تراند!! انتوا اخواتنا ودي بلدكم”.
بدوره أعلن عضو لجنة الصناعة في مجلس النواب المصري النائب طارق متولي، استياءه من تنظيم البعض حملة تشويه ضد السوريين المقيمين على أرض مصر .
واعتبر الكثير من المصريين أن الوجود السوري في مصر يعتبر من الإيجابيات التي شهدها المجتمع المصري في العقد الماضي، فالتاريخ دائماً يؤكد أن وجود السوريين في مصر – بأفواج كبيرة تسمح بحدوث حركة تأثير ثقافي – يكون أحد مؤشرات انتعاشها على المستوى الاجتماعي والفكـري والثقافي والاقتصادي لاحقاً.
بينما كتب أحد الناشطين أن “روّاد حركة تحديث مصر في القرن التاسع عشر تحديداً كانت بالأساس أفواج الشوام المهاجرين من سوريا ولبنان ، واللي كان استقرارهم في مصر لعدة عقود كفيل بإظهار حركة تقدمية فكـرية ممتازة في كل شيء، الحياة والادارة والثقافة والغناء والصحافة والسينما والتخطيط والوعي، الخ ..”
وأضاف “فالسوريين مش بس منوّرين مصر، وإنما وجودهم ضرورة تاريخية كذلك ، خصوصاً في عصر الإضمحلال الحالي لإعادة هوّيتها الحقيقية كما كانت عليه”.
وبعض الناشطين المصريين أعرب عن خوفه من عودة السوريين إلى بلادهم، مؤكدا أن “المشكلة و الشيء المثير للقلق هو احتمالية رجوع السوريين إلى بلادهم بعد تحسّن الأوضاع هناك، وتفويت دورة تاريخية جديدة على مصر تسترجع فيها هوّيتها الانفتاحية على الآخرين”.
وكان المحامي قال في مذكرته القضائية إنه “خلال فترة قصيرة نجح السوريون رغم ظروف الحرب والهجرة واللجوء في تحقيق ذاتهم وفرضوا وجودهم بين العمالة المصرية بل وتفوقوا عليها وشجعتهم الحفاوة المصرية على المضي في مشروعاتهم التي لاقت النجاح والشهرة”.
وأضاف: “دخلت الأموال عن طريق السوريين في مجالات كثيرة، واشتروا، وأجروا المحلات التجارية بأسعار باهظة وفي مواقع مميزة، واشتروا كذلك الشقق والفيلات، وأصبحت مدينة السادس من أكتوبر وكأنها مدينة سورية، وبدت مدينة الرحاب التي تبعد عن القاهرة موقعا تجاريا وسكنيا للسوريين وعائلاتهم”.
وتشير الأرقام الرسمية المصرية إلى أن “قيمة التدفقات الرأسمالية الناتجة عن تأسيس شركات جديدة مملوكة لمستثمرين سوريين فى مصر خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2018 بلغت 69.93 مليون دولار”.
وأشار التقرير الحكومي إلى أن ” عدد الشركات المؤسسة من قبَل سوريين منذ أول كانون الثاني 2018 حتى شهر أيلول الماضى، وصل إلى 818 شركة، وهو ما يُمثل ربع عدد الشركات المؤسسة بواسطة أجانب فى نفس الفترة”.
وكان البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، أصدر تقريرًا في أيار من عام 2017 ، بعنوان “توفير فرص العمل يحدث الأثر المنشود”، يؤكد نجاح السوريين في إنشاء مشروعات تجارية واستثمارات تقدر بـ800 مليون دولار في السوق المصرية منذ عام 2011 حتى ذلك الوقت.
وذكر التقرير الأممي أن “المشروعات السورية تدخل في عدد كبير من القطاعات، مثل النسيج، والمطاعم، والأسواق المحلية، وشركات تكنولوجيا المعلومات، بجانب أن عدد كبير من المصريين يعمل بها، إضافة إلى أن الشركات السورية توفر التدريب للمصريين، وتضخ العملة الأجنبية، وتعزز الصادرات”.
و كان صرّح رئيس تجمع رجال الأعمال السوري بمصر ورئيس لجنة المستثمرين السوريين في اتحاد غرف التجارة المصرية المهندس خلدون الموقع، لوسائل الإعلام، أن “مصر احتوت أكثر من 500 ألف سوري خلال السنوات الماضية”.
وأشار خلدون إلى أن “السوريين الموجودين في مصر، يعملون في مجالات مختلفة، لكن الصناعات النسيجية وصناعة الملابس بأنواعها من أهم الصناعات التي أقامها السوريون بمصر” مؤكدا أن “عدد رجال الأعمال السوريين بمصر نحو 30 ألف رجل أعمال”.
وتعتبر الجالية السورية في مصر بين أكثر الجاليات السورية اندماجا خارج سورية، أما الاستثمارات السورية في مصر فأغلبها لرجال الأعمال المقبلين من مدينة حلب.
ودفع النجاح السوري في مصر بعض المصريين إلى افتتاح محلات ومطاعم وتسميتها بأسماء سورية أو افتتاح مطاعم لتقديم مأكولات المطبخ السوري .
يذكر أن عدد اللاجئين السوريين في مصر، ينحصر بين نصف مليون ، و350 ألف سوري، حسب وزارة الخارجية المصرية، لكن عدد المسجلين في مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لا يتجاوز 140 ألف لاجيء سوري.