“فطور العيد الحلبي”.. من مقدسات المدينة التي لا تنام
يُعرَف عن مدينة حلب أن لا أحد يستطيع مقاومة أو منافسة “النفس الحلبي” في الطبخ والمأكولات المتنوعة المعروفة منها وغير المعروفة فيها، والتي جعلت “للمطبخ الحلبي” أهمية وشهرة عالمية، فالطبخ لدى الحلبية هو “فن” لا تراه في أي مكان.
وفي مدينة “الطرب والكبب” يكون لليوم الأول لعيد الفطر عادات خاصة به لم تتغير سواءً في أيام الحرب أو السلم، ومن تلك العادات “فطور العيد” الذي يبداً الساعة 3 عصراً.
تبدأ التحضيرات لفطور العيد بحلب بعد أذان المغرب من آخر يوم من أيام شهر رمضان، لتمتلئ شوارع المدينة بروائح الطبخ التي تأتيك من كل الجهات.
وفي الغالب يعتمد الحلبيون في إفطار آخر يوم من رمضان على “الحواضر”، في الوقت الذي يكون فيه المطبخ الحلبي مليئاً طيلة أيام الشهر بأنوع الأطعمة على الإفطار، بينما يشهد اليوم الأخير التحضير “طبخة فطور العيد”.
وطبخة فطور العيد التي يتم التجهيز لها مساء يوم “الوقفة”، توضع على النار مع استيقاظ أول فرد من أفراد العائلة صباح أول يوم عيد، لتجتمع العائلة على مائدة فطور العيد الساعة 3 أو 4 عصراً.
ولايمكن تغيير هذه الطبخة أو محاولة اقتراح أي شيء آخر عداها، فهي لائحة حلبية مقدسة يتم الاختيار منها، فإما “يبرء” أو “سماقية” أو “سفرجلية” أو “كبة بلبنية” أو “محشي” أو “سندوانات” (قباوات).
وفطور العيد الذي يجهز الساعة 4 عصراً، يسبقه بالطبع فنجان قهوة العيد، الذي يعتبر أيضاً عادة مهمة لدى الحلبية واعلان رسمي عن انتهاء شهر رمضان.
ولدى أهالي مدينة حلب عادة أخرى أيضاً، قلّت خلال سنوات الحرب بسبب الظروف التي مرت بها المدينة، إلا أنها لم تتوقف، وبالطبع عادت بشكلها الكامل بعد تحرير المدينة، وهذه العادة هي “سهرة وقفة العيد”.
وعن “سهرة وقفة العيد” فإن مدينة حلب التي لا تنام بالأصل، ترى شوارعها مليئة ومزدحمة وكأنك بمنتصف النهار طيلة ليلة الوقفة وحتى أذان الفجر وصلاة العيد.
وتبقى في يوم “وقفة العيد” كافة محلات المدينة، “يالي الها لزمة ويالي مالها”، مفتوحة، مع السهرات في المقاهي أو حتى على الأرصفة والأسواق المكتظة حتى أذان الفجر، لتغلق المحلات أبوابها حينها وتفرغ الشوارع بشكل كامل إلا من الجوامع والمقابر.
أما نهاية سهرة العيد فهي بعد زيارة المقابر في السابعة صباحاً، تنام بعدها المدينة بسبات، والنوم يسبقه بالطبع “لقمة لقمة عالماشي” لكل فرد بالعائلة من حلو العيد الذي هو “الكرابيج والمعمول” المطفح بـ “الناطف”، لتستيقظ مفعماً بعيد هواءه رائحة الطبخ و”سكبات” الجيران التي تتعب القدمين.
وفا أميري – تلفزيون الخبر