السوريون يواجهون “البنزين” بالسخرية والغناء: مين كان بدو يرمي حالو عن سطح الكازية؟
طبعت أزمة الغاز والمازوت موسم شتاء 2018- 2019 بطوابير البشر والاسطوانات، وهاهي أزمة البنزين اليوم تشعل موسم ربيع 2019 بأحدث طوابير السيارات.
إلا أن السوريين و”بالتخصص” واجهوا أزمتهم الجديدة بالقهر المغلف بالصمت تارة، وبالسخرية والنكات الملقاة على حيطان “الفيسبوك” تارة أخرى في الوقت الذي يقفون فيه عدة ساعات منتظرين البنزين على طوابير المحطات .
فماذ يمكن للمرء أن يفعل خلال ساعات الانتظار على الدور الذي يمتد مئات الأمتار غير تناول الطعام وشرب الأركيلة والمتة وتفقد اشعارات الموبايل والرد على البريد وسماع الأغاني ومشاهدة المقاطع وكتابة المنشورات والرد على المعايدات والمباركة بأعياد الميلاد والتفاعل مع مناسبات الخطوبة والزفاف والوفاة والولادة والطهور ؟.
هناك الكثير يمكن للمواطن فعله وهناك الكثير من المواهب التي انفجرت في انتظار البنزين، فأحد الظرفاء وجد بالانتظار فسحة للإبداع وإطلاق كلمات أغان جديدة، ربما يفكر بتلحينها وبيعها لاحقا لأحد مطربي الكازيات.
وأبرز تلك الأغنيات أطلقها سامر بعد أن شاهد خلاف بين أحد الأشخاص وأحد العاملين في كازية جرمانا بسبب تعطل “فرد الكازية” ووصل الأمر إلى إطلاق النار في الهواء لكن تدخل العقلاء حال دون سقوط جرحى وقتلى في المشاجرة.
فتساءل عن صاحب المشكلة الذي “خربط” الدور على الكازية قائلا ” مين كان بده يرمي حاله من سطح الكازية ؟ كرمال فرد الكازية ؟ يجيب المتهم ” أنا .. أنا .. على دور الكازية .. لو ما يتهدوا فيي .. كانت راحت عليّ .. وكان راح الدور عليي”
وأضاف سامر ” تذكّر .. أوف .. تذكر ..أوف .. كبر الطابور .. و خلص الطابور .. وبعدي عم أحلم بليلي وقف عالدور”.
وكتب روجيه نصر الله على صفحته “إني أسمع جعجعةُ ولا أرى بنزيناً .. علي الديك في حفلة الكازية” مؤكدا أن هناك “أخبار تفيد عن إمكانية دفع البدل خلال فترة تواجدك بالكازية”.
وتابع روجيه في منشور آخر “فتحت باب بيتي شفت جاري حامل بيدونين بينزين، و واقف قلتلو شو جار انحلت؟ قلي لا انحلت ولا توت.. بس الدور واصل لهون يا غالي”.
بينما تساءلت إحدى الفتيات المقبلات على الزواج ” بنزين تفتيلة العروس بالسيارات قبل دخول الصالة على أهل العريس أم على أهل العروس؟”.
وكتب آخر منشورا مهما يصف فيه رحله قامت بها مديرة مدرسة ابتدائية الى الكازية قائلا ” قررت مديرة المدرسة تنظيم رحله الى الكازية ليتعرف الاطفال على المعالم السياحية فاصطحب كل طفل “بيدون” 10 لتر”.
وتابع “وصلوا ليلا الى الكازيه حيث فرح الاولاد بمنظر الميتورات والشاحنات وحيث كانت الفراشات الجميله تطير حول “نبريش البنزين” و العصافير تزقزق حول السائقين”.
وأردف “استمرت الاحاديث الشيقه حتى الخيوط الاولى من الصباح واذ لاح في الأفق صهريج قادم من الشرق يختلط لمعانه مع اشعه الشمس الذهبيه فصاح الرجال الله اكبر جاء البنزين. و بدأت النساء يزغردن..و يتمايلن على ايقاع اغنيه البنزين الشعبية”.
وأضاف ” افسح الجميع الطريق للصهريج المبجل و عندما وصل الصهريج الى الكازيه ترجل سائق الصهريج وسأل صاحب الكازية إن كان عنده وقود للصهريج .. فضحك الجميع و عادوا الى منازلهم فرحين مسرورين بتلك الرحلة التي لم يستمتعوا بمثلها من قبل”.
وانتشرت على صفحات “الفيسبوك” صور للسوريين يشربون المتة والاركيلة وهم واقفون في الطوابير، بينما انتشرت صور قديمة لأشخاص يمتطون الأحصنة والبسكليتات في شوارع دمشق باعتبار أنه الحل الأنسب للتخلي عن البنزين.
وشرحت إحدى الفتيات قصة تعارفها مع صاحب السيارة الواقف أمامها على أحد طوابير البنزين عندما طلب منها ايقاظه من النوم عندما يصل البنزين ثم دعاها لتناول الطعام سويا، القصة التي تكللت بالنهاية بخطوبتهما وتوجههما لانتظار البنزين سوية.
وكتب آخر على صفحته “أ ن ت م ، ت ق ر ؤ و ن ، ا ل ح ر و ف ، ب ا ل ب ط ي ء ، ل ك ن ، ع ن د م ا ، أكتب هكذا تقرؤون بسرعه كأنكم سياره طلعت من الدور، و ر ج ع ت ، ع ا ل ك ا ز ي ة ، م ر ة ، ث ا ن ي ة “.
وفي الوقت الذي أطلق البعض النكات الساخرة من قلب محروق لمواجهة الواقع المرير، أطلق تجار الأزمة أفكاراً استثمارية فكتب أحدهم ” للبيع بداعي النعس دور اول على الكازية .. صحيح الكازية اسا مافتحت بس الموقع استراتيجي..للبيع باعلى سعر”.
بينما نشرت إحدى الشركات إعلانا تؤكد فيه حل أزمة البنزين من خلال توفير “بسكليتات إلك ولنصك الحلو بكافة الأحجام ولكل أفراد الأسرة” وطبعا في نهاية المنشور “نقطة لتصلك الأسعار”.
أما أكثر المنشورات مأساوية فهو ما صرح به مصدر مسؤول بأن “الموظف المكلف بقطع الكهرباء في المدينة واقف على دور البنزين ونسي يقطع الكهرباء وسيتم تعيين موظف آخر نيابة عنه لذلك نعتذر عن استمرار تدفق التيار الكهربائي خلال هذه المدة ونعدكم بقطعها في أقرب فرصة بعد تعيين موظف آخر”.
و ناقش آخرون بشكل اقتصادي قرار وزارة النفط بيع البنزين بالسعر العالمي وتوقعت الدكتورة نسرين زريق أن يؤثر هذا الحال على الاقتصاد ويرفع اسعار السلع وكتبت “رفع دعم زائد مربح بتقصدو؟.. “.
وأضافت زريق “صاريف الشحن ونفقات ادارية تضاف للسعر العالمي(٤٤٠ لليتر) قلتلي .. بنصير اغلى من بيروت.. بس مؤقت الحل للامانة لبين ما نخفف زحمة عالكازية وناخد ٤ ليتر نرجع فيهم عالبيت وننزل عالكازية تاني يوم ننتظر ..عالبطاقة السحرية “.
وأضافت ” أما أسعار السلع وشلل الاقتصاد وشو ممكن يصير بسعر الصرف مابيناتنا ..الرواتب انشالله عمرها ماتصير بسعر عالمي .. والباخرة تبع المكثفات وصلت مع انه جماعة قناة السويس كزابين يعني.. علينا عقوبات بس بنقدر نشتري من لبنان يعني؟ ليش انعملت الازمة اصلا طالما من الاول فينا نجيب مكثفات بالباخرة وبنزين من لبنان ؟.
ولم يوفر السوريون المشاركة في اقتراح الحلول لأزمة البنزين التي تمر بها البلاد فاقترح قسورة حلا منطقيا وقال “ما مستاهله كل هالمرمطه منشان 20 ليتر كل خمس أيام .. صفو سياراتكن ونزلو مشي، ع فكرة التجربة حلوه وما بتنقص قيمتكن، بتزيد”.
من جهته اقترح رئيف بخاري حلا فريدا من نوعه لظاهرة الازدحام على الكازيات وهو أخذ البنزين إلى السيارة بدلا من أخذ السيارة إلى البنزين من خلال التعبئة “بالبيدونات” وكل صاحب سيارة “بيدونه بأيده” توفيرا للوقت والجهد والمال.
وبين السخرية والنكات والأراكيل والبيدونات والطوابير والتعارف والزواج، يقف مواطن “معتر” من هذه البلاد حائرا لا يعرف هل يضحك أم يبكي على ما تمر به هذه البلاد.
كيان جمعة – تلفزيون الخبر