حيّ “عين أم ابراهيم” في اللاذقية.. أصل الحكاية والتسمية
يُعتبر حي “عين أم ابراهيم” من الأحياء الشهيرة في مدينة اللاذقية، معظم الأهالي يعرفون هذا الحي بمختلف أعمارهم.
لكن لماذا سميّ هذا الحي بـ “عين أم ابراهيم”، فهي حكاية قديمة تُظهر عراقة هذا الحي وغناه وأهميته التراثية والجمالية.
وعن حي “عين أم إبراهيم” تحدث الباحث التاريخي حيدر نعيسة لتلفزيون الخبر، قائلاً “هذا الحي له ملامح خاصة، يُعد مضرب المثل بسوء الطالع، حيث فُقد منه أكثر من 15 معلما من معالمه التاريخية الأثرية الجمالية”.
و “عين أم ابراهيم، أخفض أحياء مدينة اللاذقية وأصغرها، يقع في وحدة طبيعية ما بين هضبة القلعة وهضبة الفاروس، مازال يُسمى بعين أم ابراهيم رغم أنه “لم يبق لا عين ولا أم ابراهيم”، بحسب نعيسة.
و سميّ حي “عين أم ابراهيم” بهذا الاسم نسبة لوجود ضريح أم السلطان ابراهيم بن الأدهم فيه، الذي أُزيل عام 1977، حيث تم نقل رفاتها إلى جبلة، و عين المياه التي كانت تجري فيه طُمست أيضاً، لذلك فَقد سبب التسمية.
وتابع “السلطان ابراهيم بن الأدهم هو أحد ملوك وسلاطين بلخ في أفغانستان، و هو متصوّف عربي شهير و سلطان فارسي كان يسمى بـ “سلطان الزاهدين” تخلّى عن المُلك والثروة والقصور والسلطة، و ساح في البلاد الواسعة.”
و”طاب للسلطان ابراهيم بن الأدهم البقاء في بلاد الشام، تحديداً في الساحل السوري، فأقام في جبلة وتصوّف فيها إلى أن توفي ودفن في جبلة عام 1778 ميلادي”.
و”بعد أن أصبح المُلك شاغراً، جاءت والدته السلطان أم ابراهيم مع الوزراء لتبحث عنه، علمت أنه في جبلة، حاولت أن تقنعه بالعودة إلا أنه رفض وبقي في جبلة حتى وفاته”.
وتابع نعيسة “بعد وفاته بقيت والدته في الساحل السوري، أقامت في اللاذقية وتوفيت فيها، أطلق على الحيّ الذي أقامت فيه بـ عين أم ابراهيم، نسبة إلى ضريحها الذي بقي في هذا الحي حتى العام 1977، لتتم إزالته ونقله إلى جانب ضريح ابنها في جبلة بحجة التوسع والتجميل.”
و”كان موقع ضريح السلطانة أم ابراهيم، قبل أن تتم إزالته، في المنطقة بين المؤسسة الاستهلاكية وجامع الجود اليوم، بقربه كانت تجري عين مياه، تم طمسها أيضاً، وشجرة نوع “ميس” كانت منتشرة في مدينة اللاذقية لكن هذا النوع من الأشجار لم يعد موجود الآن.”
و”بالقرب من ضريح أم السلطان ابراهيم كان يوجد محراب عالي و تكية مولوية وضريح لشيخ مولوي من زمن السلطان عبد العزيز، إضافة إلى جامع يسمى جامع أم السلطان، وحارة تسمى حارة التركمان، تمت إزالتها جميعها في العام 1977 بحجة التوسيع والتجميل، ليفقد الحي قيمته الجمالية والتراثية العريقة.”
و “كان الحي معروف بأرض زراعية واسعة تسمى أرض الخس، اشتهرت بزراعة الخس في المنطقة مكان الملعب البلدي والبانورما اليوم، وطريق آخر محفوفة بالصبار من عين أم ابراهيم إلى عين التمرة على البحر.”
وتابع نعيسة “كما أن المنطقة التي يقع فيها اليوم اتحاد الفلاحين، كانت مليئة بأشجار الخرنوب وهي أشجار جميلة جداً لم يعد لها وجود في المدينة حالياً.”
“وكان حي عين أم ابراهيم مدخل لمدينة اللاذقية، كما هو حال مدخل المدينة اليوم عند جامعة تشرين، يوجد فيه مركز يسمى “مركز دخولية” لدفع رسوم الدخول و الضرائب وغيرها”، بحسب الباحث التاريخي حيدر نعيسة.
واليوم مازال حي عين أم ابراهيم موجوداً، لكنه أصبح في وسط المدينة، من ملامحه الجميلة الحديقة الواسعة الموجودة بداخله، إضافة الى فرع المرور القديم والمركز الثقافي الجديد، إلا أنه تم تجريده من قيمته التاريخية و خسرت مدينة اللاذقية بذلك مواقع أثرية مهمة للسياحة الدينية والسياحة بشكل عام.
سها كامل – تلفزيون الخبر – اللاذقية