“يانجمة الصبح وين وين عليتي” .. من السماء إلى التراث فالأغنيات.. ماهي “نجمة الصبح”؟
يا نجمة الصبح فوق الشام عليتي، الأجواد أخذتي، والانذال خليتي..يا نجمة الشام وين وين عليتي..الاجواد اخذتي، والانذال خليتي..نذراً عليّ إن عادوا حبابي ع بيتي…لأضوي المشاعل وحني العتاب”
هناك الكثير من قصائد الشعر الشعبي أو الأمثال الشعبية المرتبطة بنجمة الصبح منها أغنية “نجمة الصبح” الشهيرة في التراث الفلسطيني التي تم الاستهلال بقطعة منها، حيث يحفل التراث العربي برموز ودلالات استمدها مؤلفوها من محيطهم ولياليهم ونهاراتهم وأيام الحصاد وسهرات السمر والوحدة والاشواق.
فالمنطقة العربية وعلى وجه التحديد بلاد الشام وكتحديد أكثر سوريا وفلسطين البلدين اللذين عاش أهلوهما تجارب إبداعية مشتركة انطلقوا فيها من ومضات منوعة كان منها نجمة الصبح.
وتظهر ماتعرف بنجمة الصبح ساطعة متلألئة في آخر الليل وقبيل طلوع الفجر من جهة الشرق أو الجنوب الشرقي، ويتغير موقعها حسب المكان الذي يكون المرء فيه.
وتضيء هذه النجمة من بعيد رغم أنها تظهر قريبة من الأرض، وفي الليالي التي يغيب فيها القمر تبرز نجمة الصبح بشكل يملأ كبد السماء بالوهج والوضوح.
وتُعرف نجمة الصبح بأنها كوكب الزهرة، وقد تعارف الناس على تسميتها بنجمة الصبح وتستخدم في الغالب للدلالة على انقضاء الليل بالسهر.
الزُهرة أو “أناهيذ” ثاني كوكب في مجموعتنا الشمسية من حيث قربه إلى الشمس، وهو كوكب ترابي كعطارد والمريخ، شبيه بكوكب الأرض من حيث حجمه وتركيبه، وسمي فينوس نسبة إلى إلهة الجمال.
والزُهْرة أيضاً هي البياض النير، ومن هنا يأتي اسم هذا الكوكب لانعكاس كمية كبيرة من ضوء الشمس عليه بسبب كثافة الغلاف الجوي الكبيرة لقربه أكثر إلى الشمس من الأرض فإنه يكون بنفس الناحية التي تكون بها الشمس عادة.
ولذلك فإن رؤيته من على سطح الأرض ممكن فقط قبل الشروق أو بعد المغيب بوقت قصير، وهنا يسمى نجم الصبح أو نجم المساء، وعند ظهوره في تلك الفترة، يكون أسطع جسم مضيء في السماء.
كما تربط المعتقدات بين الإسلام و كوكب الزهرة أو “نجمة الزهرة أو الصبح”، ويتضح ذلك من حقيقة أن يوم المسلمين المقدس من بين أيام الأسبوع هو يوم الجمعة، وهو يوم الزهرة، كما يقول إخوان الصفا: إن “يوم الخميس هو المشتري، ورب يوم الجمعة الزهرة، والسبت زحل”.
وتحظى نجمة الصبح في التراث الشعبي بأهمية عاطفية لكونها ترمز إلى الوضوح التام، والنقاء الذي يجعل شعاعها يصل إلى مسافات بعيدة وكأنها تحمل طاقة أقوى من بقية الأجرام السماوية الأخرى.
وورد ذكر نجمة الصبح في قصص وأساطير كثيرة عبر التاريخ القديم وكانت في كثير من مواضع ذكرها ترد كنذير لقرب المحبوب، ومن الأساطير ماكانت تستخدمها للدلالة على الشيطان الذي ينتظر حلول الليل ليهتك الفتيات السهارى.
لكنها (نجمة الصبح) أكثر وروداً لدى الشعراء بأنها خير شاهد على السهر من أجل المحبوب، أو أن هذه النجمة كانت محل رعاية الشخص طوال الليل، وأنها النجمة الوحيدة التي بقيت معه حينما غابت بقية النجوم.
ويغلب على القصائد التي تذكر فيها نجمة الصبح طابع الحزن والحنين من ذلك ماجاء في شعر بدر شاكر السياب، حيث ذكر نجمة الصبح في شعره وكانت شاهدة على حياته حينما يدخل ضوؤها من شباك داره ويشع في جنباتها فيكشف ما فيها.
يذكر أن كوكب الزهرة ألمع جُرم في السماء بعد الشمس وبدر القمر ويظهر من جهة الشرق قبل شروق الشمس و في هذه الحالة سمي قديماً بنجمة الصباح، وخلال دورته حول الشمس ينتقل إلى الطرف الآخر خلال خمسة أشهر ليظهر بعد غروب الشمس ويُسمى حينها نجمة المساء.
روان السيد – تلفزيون الخبر