كان شاهداً على طرد الدمشقيين لـ” بلفور ” .. ماذا تعرف عن فندق فكتوريا ؟
لا تنفصل الأحداث التي يعيشها أي مجتمع عن المكان الذي شهد وقوعه، حيث يرتبطان معاً في الذاكرة وفي التأريخ، ويحمل المكان البعد نفسه فيصبح اسم المكان مثيراً لشعور أن تعيش الحدث.
رغم أنه لم يعد له وجود، لا يزال الدمشقيون يتذكرون أن ضفة نهر بردى القريبة من محطة الحجاز وساحة المرجة، احتضنت يوماً فندقاً مجهزَاً بأحدث معدات الفنادق الأوروبية، يحمل إسم ملكة بريطانيا، فيكتوريا.
ويصف الكاتب شمس الدين العجلاني الفندق “أقيم الفندق في نهاية الزاوية اليمنى لضفة نهر بردى، ما بين عامي (1879– 1890)”.
وتعود تسميته نسبة إلى “الكساندرينا فيكتوريا”، ملكة بريطانيا، فحين عزمت هذه الملكة على زيارة دمشق، أخذت دمشق تطلق اسمها على العديد من الأماكن احتفاء بها، فكان جسر فيكتوريا ومشفى فيكتوريا (الزهراوي حالياً)، وفندق فيكتوريا الذي أعدّ لاستقبالها فأخذ اسمها”.
وأضاف العجلاني “قيل إن من أشاده أحمد عزت العابد، المستشار الخاص للسلطان عبد الحميد الثاني العثماني، ووالد أول رئيس للجمهورية السورية عام 1932 محمد علي العابد”.
وأشار “كان فندق فيكتوريا من أهم وأعظم الفنادق في ذلك الوقت، تكلم عنه، ووصَفه، الكتاب والصحفيون والباحثون والسياسيون العرب والأجانب، وكان على درجة عالية من التنظيم”.
وكان مؤلفاً من طوابق ثلاث، يعلوها سقف هرمي الشكل مبني من القرميد الأحمر، وله “تراس”، أما تصميمه الداخلي فتميز بالتمازج بين الطراز الغربي والشرقي، فكانت أسقف الغرف مزخرفة، وكذلك الأقواس العربية والأعمدة، ونوافذه كثيرة منها ما يصل حتى حدود السقف.
واستقطب فندق فيكتوريا “عليّة القوم” عرباً وأجانب، وأقيمت فيه أهم الاحتفالات والحفلات الخاصة والعامة، وكان مقراً لانعقاد العديد من المؤتمرات العربية والإسلامية كما كان مركزاً سياسياً وعسكرياً على مرِّ الأيام والسنين.
أما أهم حدث شهده الفندق الدمشقي، فكان حين جاء اللورد بلفور(صاحب وعد بلفور)، في شهر نيسان من عام 1925 إلى دمشق، ونزل فندق فيكتوريا ومكث فيه فقط 19 ساعة لم يبرح غرفته.
حيث احتشد الدمشقيون شباباً وشيوخاً يحملون الشعارات السوداء، وهم يهتفون بسقوط بلفور، وحصلت مصادمات مع قوات الاحتلال الفرنسي آنذاك، سقط خلالها أكثر من 50 جريحاً، مما اضطر بلفور للهرب من دمشق.
كما نزل فيه الحاكم العسكري العثماني لدمشق، أحمد جمال باشا الملقب بـ”السفاح” عام 1916، وبقي فيه طوال إقامته في دمشق، وكان مقراً للقيادة العسكرية العثمانية طيلة فترة الحرب العالمية الأولى.
وشهدت ردهات الفندق المؤتمر النسائي الأول، الذي عقد في دمشق عام 1930 ، وكانت نور حمادة رئيسة المؤتمر وأقامت في نفس الفندق، كما أن الممثل الهزلي الشهير شارلي شابلن ، نزل في فندق فيكتوريا في زيارته لدمشق عام 1931، لحضور عرض فيلمه الصامت “أضواء المدينة”، وغيره.
أزيل الفندق نهائياً عام 1955م، حين شُيد مكانه مبنى تجاري إسمنتي ضم مكاتب ومحلات كثيرة، هو بناء الحايك، ففي عام 1953 تم البدء في إشادة بناء الحايك ككتلة إسمنتية في “غاية القبح المعماري”، مكان أهم أبنية دمشق التاريخية والتراثية، كما يصف العجلاني.
يذكر أن الملكة فيكتوريا والتي سميّ الفندق على اسمها، لم تأتِ، وتذكر مصادر عدة أنها توفيت قبل أن تقوم بزياراتها إلى دمشق.
تلفزيون الخبر