عداء للهجرة واستخدام السلاح ضد الأجانب .. ماهو الفكر اليميني المتطرف؟
يطلق مصطلح “اليمين المتطرف” على كتل حزبية سياسية تدعو إلى حماية التقاليد والأعراف داخل المجتمع، وذلك عن طريق التدخل القسري واستخدام العنف واستعمال السلاح لفرض تلك القيم.
وشهدت السنوات الماضية الأخيرة صعود العديد من التيارات والأحزاب السياسية التي تنتهج النزعة اليمينية المتطرفة في العديد من الدول الأوروبية والأمريكية، حتى وصلت إلى قمة السلطة في بعض الدول.
وتذكر مواقع سياسية متخصصة أن”هذه الأحزاب حققت مكاسب سياسية هامة في العقد الأول والثاني من القرن الواحد والعشرين، وشاركت في حكومات وصارت ممثلة فى برلمانات بلدانها وكذلك في البرلمان الأوروبي”.
وعزت هذه المواقع أسباب تصاعد حركات اليمين المتطرف إلى “انهيار الاتحادات واندماج بعضها البعض بعد الحرب العالمية الثانية، وكذلك الركود الاقتصادي والأزمة العالمية الأخيرة”.
حيث جعلت هذه العوامل المجتمعات الأوروبية تنظر بعين الريبة إلى الأجانب، الذين يرون فيهم مزاحمين على الوظائف والمناصب فى بلادهم، وانطلاقاً من هنا ظهرت دعوات إلى كبح جماح الهجرة والتضييق على المهاجرين.
وأصبحت ردود الأفعال العدائية تجاه الأجانب، برنامجاً انتخابياً لدى بعض الأحزاب اليمينية وخاصة في قارة أوروبا.
ومع الانتشار المكثف للمهاجرين واللاجئين، بدأ اليمين المتطرف يهتم أكثر فأكثر في موضوع الهجرة والاندماج، فتصدر النقاش السياسي في عدد من بلدان أوروبا الغربية ذات التقاليد العريقة في الهجرة بحكم الماضي الاستعماري.
وبحلول تسعينيات القرن العشرين، باتت الهجرة الشغل الشاغل لليمين المتطرف الذي يُسوق إشكالاتها العديدة (وأولها الاندماج والهوية) لإضفاء قابلية على خطابه العنصري والمعادي للأجانب في حقيقته.
وفي عام 2008 أعلنت أحزاب من اليمين المتطرف من دول أوروبية في مدينة أنفير البلجيكية تأسيس منظمة جديدة تهدف إلى مكافحة ما أسمته بـ”الأسلمة” في القارة العجوز، وشارك في تأسيس المنظمة أحزاب من فرنسا وألمانيا وبريطانيا والنمسا وإيطاليا والدنمارك وسويسرا وبلجيكا وإسبانيا وهولندا واليونان.
وبدأ اليمين المتطرف، وعلى رأسه الجبهة الوطنية في فرنسا، في تسويق خطاب تخويفي يُحذر من أن أوروبا في طريقها إلى خسارة هويتها بسبب الهجرة الواسعة القادمة من البلدان المسلمة وخاصة بلدان شمال أفريقيا.
ووجد هذا الخطاب تقبلاً متزايداً بعد هجمات 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة، إذ اتخذت أحزاب اليمين المتطرف تلك الأحداث ذريعة للبرهنة على مواجهة قلقها على الهوية الأوروبية والسلم الأهلي في القارة.
وظهر اليمين المتطرف في “إسرائيل”، والذي يعد قوى الشعبية ويدعو صراحة إلى عدم التسامح مع العرب والمسلمين وقتلهم، كما يدعو إلى قتل الأطفال.
ويعتبر عام 2018، عام عودة اليمين المتطرف إلى الحكم، ففي البرازيل فاز جايير بولسونارو، بانتخابات الرئاسة، وصعد التحالف اليميني الشعبوي إلى الحكم وذلك فى إيطاليا، أما في ألمانيا فقد خرج “النازيون الجدد” في مظاهرات عنيفة يومية ضد المهاجرين.
ومع موجة صعود اليمين المتطرف في أوربا وأمريكا، تنامت حوادث الكراهية ضد المسلمين والأجانب المهاجرين، ففي السويد أقدم مجهولون مطلع رمضان الماضي على إحراق مسجد في مدينة هسلهولم، كذلك هاجم مسلحون مسجد “محمود” في مدينة مالمو منذ عدة أيام.
وفي وقت سابق نشر يان جونسون، المدير السابق لمجلة سامتيدن الوسيلة الإعلامية للحزب الديمقراطي الاشتراكي السويدى اليمينى المتطرف، عبر حسابه على موقع تواصل اجتماعي رسوماً كاريكاتيرية مهينة للمسلمين.
وفي عام 2017، طالب الادعاء الألماني بتوقيع عقوبة السجن مدى الحياة لامرأة تدعى “بيآته تشيبه” والتي تعد عضوة بارزة في خلية “إن إس يو” اليمنية المتطرفة، المسؤولة عن مقتل تسعة أشخاص بينهم أتراك ويونايين خلال الفترة بين عامى 2000 و2007.
وفي عام 2016، أظهر تقرير إعلامي أن النمسا شهدت زيادة كبيرة في عدد الحوادث التي تنطوي على الخوف من الأجانب والخوف من الإسلام ومعاداة السامية، وذلك بعد وصول أعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين وأغلبهم مسلمين.
وذكر التقرير الصادر عن جهاز المخابرات الداخلية فى النمسا أن “السلطات وجهت اتهامات في نحو 1690 قضية لها علاقة بالتطرف اليميني خلال عام 2015”.
وأوضح هذا التقرير أن “عدد “الأعمال المتطرّفة” لليمين عام 2015 وصل في المجمل إلى 1150 قضية، بعدما كان 750 العام 2014 وتراوح ما بين إطلاق الألعاب النارية على مراكز إيواء المهاجرين والتحريض على العنف عبر الإنترنت.
وفي 15 آذار عام 2019 قام “يميني متطرف” مزوّد بأسلحة نصف آلية بإطلاق النار عشوائياً على المصلين داخل مسجدين في مدينة كرايست تشيرش النوزيلندية، ما أدى إلى مقتل 49 شخصاً وإصابة العشرات.
وأصدر القاتل بياناً عنصرياً على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن ينفذ الهجوم، ويبدو أنه استوحى بيانه من نظريات منتشرة في أوساط اليمين المتطرف وتقول إن “الشعوب الأوروبية” يجري استبدالها بمهاجرين غير أوروبيين، حسب ما ذكرت وكالات.
تلفزيون الخبر