“عروس يافا”.. أقامت “الجمهورية الفلسطينية” واستشهدت .. دلال المغربي في ذكرى العملية الفدائية
قال عنها نزار قباني: “إن دلال أقامت الجمهورية الفلسطينية ورفعت العلم الفلسطيني، ليس المهم كم عمر هذه الجمهورية، المهم أن العلم الفلسطيني ارتفع في عمق الأرض المحتلة على طريق طوله 95 كيلومتراً في الخط الرئيسي في فلسطين”.
دلال المغربي مناضلة فلسطينية لقبت بـ”عروس يافا”، وقادت عملية خطف حافلة جنود “اسرائيليين” عام 1978، مما أدى إلى مقتل أكثر من ثلاثين منهم، واستشهدت في العملية برفقة مقاومين آخرين.
ولدت دلال في عام 1958 في أحد مخيمات بيروت هي ابنة لأسرة فلسطينية من يافا لجأت إلى لبنان في أعقاب النكبة عام 1948، وعرفت منذ طفولتها بحماسها الثوري والوطني، والتحقت بالحركة الفدائية الفلسطينية وهي على مقاعد الدراسة، وشاركت عام 1973 في الدفاع عن الثورة الفلسطينية في بيروت.
دخلت دلال عدة دورات عسكرية وتدربت على مختلف أنواع الأسلحة وحرب العصابات، كما تطوعت بصفة ممرضة، وفي سن العشرين اختيرت دلال رئيسة لفرقة دير ياسين المكونة من 12 فدائياً، للقيام بعملية فدائية تقضي بالسيطرة على حافلة عسكرية “إسرائيلية” ومهاجمة مبنى “الكنيست” للضغط على الاحتلال لإطلاق سراح بعض الأسرى الفلسطينيين.
وعرفت العملية باسم كمال عدوان، وهو القائد الفلسطيني الذي كان مسؤولاً عن جهاز يشرف على المقاومة في بيروت، والذي اغتالته مع مجموعة من المقاومين في بيوتهم في بيروت، تسللت دلال برفقة فرقتها يوم 11 آذار 1978 من الأراضي اللبنانية، ونزلت المجموعة من الباخرة التي مرت أمام الساحل الفلسطيني بعد أن قذفت قاربين مطاطين ليوصلاها إلى الشاطئ.
ونزل الفدائيون إلى الشارع العام واستولوا على عدد من السيارات كان آخرها سيارة ركاب كبيرة اتجهوا بها مع رهائن كثر نحو تل أبيب، وقالت دلال للرهائن: “نحن لا نريد قتلكم، نحن نحتجزكم فقط كرهائن لنخلص إخواننا المعتقلين في سجون دولتكم المزعومة من براثن الأسر”.
ثم أخرجت من حقيبتها علم فلسطين وعلقته داخل الحافلة وهي تردد “بلادي.. بلادي لك حبي وفؤادي، فلسطين يا أرض الجدود إليك لا بد أن نعود”، وبعد أن أصبحت دلال وفرقتها على مشارف تل أبيب كلفت “اسرائيل” فرقة خاصة من الجيش يقودها “باراك” بإيقاف الحافلة وقتل أو اعتقال ركابها من الفدائيين.
وقامت وحدات كبيرة من الدبابات والطائرات المروحية بملاحقة الحافلة إلى أن تم توقيفها وتعطيلها قرب مستعمرة “هرتسليا”، واشتبكت الفرقة مع قوات العدو فاستشهدت دلال مع زملائها، وأسر واحد بعد أن جرح، وسقط من العدو “الإسرائيلي” عشرات القتلى والجرحى، واحترقت سيارة الركاب بمن فيها.
وأقبلت قوات الاحتلال على الأسير الجريح تسأله عن قائد المجموعة، فأشار بيده إلى دلال وقد تخضبت في دمائها، لم يصدق “إيهود براك” أن القائدة إمرأة فأعاد سؤاله على الأسير الجريح مهددا ومتوعدا فكرر الأسير قوله السابق: إنها هي قائدتنا دلال المغربي، فاقبل عليها إيهود باراك بحقده يشدها من شعرها ويركلها بقدمه.
واعترف رئيس وزراء العدو وقتها “مناحيم بيغنفي” في اليوم الثاني للعملية بمقتل 37 من “الإسرائيليين” وأكثر من ثمانين جريحاً، لكنه لم يفصح عن عدد القتلى في صفوف الجيش.
وتركت دلال قبل استشهادها وصية مكتوبة بخط يدها للفلسطينيين جاء فيها “وصيتي لكم جميعا أيها الإخوة حملة البنادق تبدأ بتجميد التناقضات الثانوية، وتصعيد التناقض الرئيسي ضد العدو الصهيوني وتوجيه البنادق كل البنادق نحو العدو الصهيوني، واستقلالية القرار الفلسطيني تحميه بنادق الثوار المستمرة لكل الفصائل، أقولها لإخواني جميعا أينما تواجدوا: الاستمرار بنفس الطريق الذي سلكناه”.
وفي تموز 2008 خابت آمال الفلسطينيين في تسلم جثة الشهيدة دلال المغربي، في إطار صفقة تبادل الأسرى مع حزب الله “عملية الرضوان”، حيث لم تقم “إسرائيل” بتسليمها متذرعة بأن تيارات تحت الأرض (ما يشبه الرمال المتحركة) سحبتها من مقبرة الأرقام، واختفت بذلك جثة “عروس يافا”.
وشكلت دلال حالة خاصة في العمل الفلسطيني المقاوم، ولا تزال حتى وهي شهيدة تزعج الاحتلال، فقد أوعز رئيس وزراء العدو نتن ياهو في آذار 2016 إلى الأمم المتحدة بتقديم شكوى ضد السلطة الفلسطينية لاحتفائها بذكرى استشهادها.
تلفزيون الخبر