ذكرى ميلاد “فتى الربيع” أنطون سعاده مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي
يصادف الأول من آذار، ميلاد زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي، أنطون سعاده، الملقب بـ “فتى الربيع”، كونه ولد في أول يوم من الشهر الذي يبشر بقدوم الربيع، ولرمزية الحالة بالنسبة للقوميين .
وُلد أنطون سعادة في 1 آذار عام 1904 في بلدة الشوير اللبنانية الواقعة في جبل لبنان، لأبوين هما الدكتور والمفكر خليل سعاده ونايفة نصير.
وهاجر سعاده عام 1919 إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فعمل خلال تواجده فيها بمحطة قطارات، وانتقل بعدها الى البرازيل، وخلال هذه الفترة بدأ ببذل الجهود والتعلم بشكل ذاتي فأتقن ثلاث لغاتٍ جديدة هي البرتغالية والألمانية والروسية، بالإضافة الى الانكليزية والفرنسية .
وانصب اهتمامه بعد ذلك على قراءة الفلسفة والتاريخ وعلم الاجتماع والسياسة، وشارك والده بعد ذلك في إصدار جريدة الجريدة ومجلة المجلة .
وعاد أنطون سعاده من البرازيل إلى لبنان عام 1930، وبقي في ضهر الشوير مسقط رأسه فترةً قصيرة، انتقل بعدها إلى دمشق مركز النشاط السياسي المعارض للانتداب الفرنسي، لدراسة إمكانيات العمل السياسي فيها.
ثم عاد الى لبنان ليؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي بعد وضع أسس عقيدته ومبادئه، وبقي الحزب سريًا بسبب التشديدات الأمنية والسياسية، التي وضعها الانتداب الفرنسي على سوريا الشمالية (سوريا ولبنان)، لينكشف أمره عام 1935 .
وأعتُقل سعاده والعديد من أعضاء الحزب الآخرين، بتهمة إنشاء جماعات سرية والإخلال بالأمن العام والإضرار بتشكيل الدولة، وحُوكم نتيجةً لذلك بالسجن لمدة ستة أشهر من قبل الانتداب الفرنسي والحكومة اللبنانية آنذاك.
وألّف سعاده خلال وجوده بالسجن، كتاب نشوء الأمم، وهو كتاب علمي يبحث في آلية نشوء الأمم وطبيعة السكان وتحكم الجغرافية فيها، وبحث في علم السلالات، ووضع قواعد نشوء الأمم التي هي الأرض والانسان والتفاعل والزمن .
وزار سعاده بعد تأسيس الحزب، عدة مناطق من سوريا الطبيعية، ونشر فيها العقيدة السورية القومية الاجتماعية، وخاصة في أواسط المثقفين والطلبة في تلك الفترة، لينتشر الحزب بين مئات الألاف من السوريين .
واستشعر سعاده الأخطار المحدقة بالأمة السورية منذ 1937، منها الخطر التركي واليهودي حيث قال “إن الخطر اليهودي هو أحد خطرين أمرهما مستفحل وشرهما مستطير، والثاني هو الخطر التركي” .
وتحدث أيضاً “إن الأتراك قد أخذوا منذ الآن يحسبون الإسكندرون السورية تركية، ويوثقون علاقاتهم القومية بها حتى أنهم أطلقوا عليها اسماً تركياً جديداً. ولم يكتفوا بذلك، بل هم يتطلعون الآن إلى ما أمام الاسكندرون، إلى حلب ثم الجزيرة” .
تعرّف أنطون سعادة إلى جولييت المير في الأرجنتين عام 1939، ونشأت بينها وبين أنطون سعاده علاقة حب قوية تكللت بالزواج عام 1941، وأنجبا ثلاث بنات هن : صفية – أليسار – راغدة .
وعمل سعاده من خلال مبادئ حزبه الـ 13، على نهضة الأمة السورية ووحدة مجتمعها، وشدد على أن السوريين هم وحدهم أصحاب الحق في تقرير مصير سوريا وسياستها وحياة أبنائها .
أفكار زعيم الحزب لم تنال إعجاب الانتداب الفرنسي وعملت على اعتقاله عدة مرات، الى أن سلمه حسني الزعيم بصفقة مع حكومة الانتداب عام 1949، ليقوموا بإعدامه بعد أقل من 24 ساعة يوم 8 تموز، في محاكمة صورية، كانت وصمة عار على القضاء اللبناني .
وقال سعاده يوم إعدامه ” أنا لا يهمني كيف أموت، بل من أجل ماذا أموت.. لا أعدّ السنين التي عشتها، بل الأعمال التي نفّذتها.. هذه الليلة سيعدمونني، أما أبناء عقيدتي فسينتصرون وسيجيء انتصارهم انتقاماً لموتي” .
وتابع سعاده أمام المحكمة “كلّنا نموت، ولكن قليلين منا يظفرون بشرف الموت من أجل عقيدة.. يا خجل هذه الليلة من التاريخ، من أحفادنا، من مغتربينا، ومن الأجانب.. يبدو أن الاستقلال الذي سقيناه بدمائنا يوم غرسناه، يستسقي عروقنا من جديد” .
الجدير بالذكر أن للحزب القومي غاية والتي وجدت مبادئه الـ 13 من أجلها، وهي بعث نهضة (الخروج من حالة البلبة إلى حالة من القوة والوضوح) سوريا قومية اجتماعية، تعيد للأمة السورية روحها وحيويتها وقوتها.
يشار الى أن الحزب القومي ينادي بمدنية الدولة وعلمانيتها، عن طريق فصل الدين عن الدولة ومنع رجال الدين من التدخل بشؤونها السياسية والقضائية .
يزن شقرة _ تلفزيون الخبر