“قوس النصر” أو “التترابيل” شاهد على عراقة مدينة اللاذقية منذ ألفي عام
“قوس النصر” أو “القوس المربّع” أو “الكنيسة المعلّقة” أو “التترابيل”، هو أحد أهم علامات مدينة اللاذقية المميزة، لدرجة أنه يُتخذ أحياناً رمزاً للمدينة أو “لوغو” لها.
و يشكّل “قوس النصر” قيمة تاريخية مُضافة صامدة منذ أكثر من ألفي عام في حي الصليبة العريق بالمدينة القديمة.
وتحدث الباحث التاريخي حيدر نعيسة لتلفزيون الخبر عن “قوس النصر” وقال “قبل ألفي عام بنى الرومان “قوس النصر” في مدينة اللاذقية، لكن بإيدي سوريّة، ومن الأحجار الوردية المنتشرة على شاطئ البحر”.
وأضاف “يعود تاريخ بناء “قوس النصر” إلى العهد الروماني في أواخر القرن الثاني الميلادي، وقد بناه الإمبراطور الروماني “سبتموس سفيروس” إكراماً للمدينة التي حقق انتصاراته على أعدائه فيها”.
وتابع “تعود القصة إلى خلاف نشب بين الأباطرة الرومان، وقف أهالي مدينة اللاذقية مع الإمبراطور “سبتموس سفيروس”، وحقق نصره بمساعدتهم، فكافأ المدينة وأهلها بثلاث”.
وأكمل “هي بناء “قوس النصر “و جر المياه إليها من “عين العيدو ” التي تتبع لناحية كنسبا على طريق اللاذقية – حلب، حيث صبت هذه المياه في ساحة أوغاريت الآن التي كانت مركز المدينة في العهد الروماني”.
وأضاف “كما كافأ الرومان المدينة بجعلها مدينة مفتوحة محرّرة من الضرائب، ولم تفُرض الضرائب في تلك الفترة على أهلها”.
و أكمل “كان من عادة الرومان إقامة ما يسمى القوس أو “التترابيل” في أبرز مكان بالمدينة أو أهم شارع أو وسط الساحة الكبيرة فيها، فبنوا “قوس النصر” شرقي حي الصليبة على المنحدر الغربي لهضبة الطابيات، في الجهة الشرقية من مدينة اللاذقية القديمة”.
و عن شكل “قوس النصر” قال نعيسة “لقوس النصر شكل مكعّب ارتفاعه 16 متر، أُقيم على أربعة دعائم حجرية متينة، تحمل المنقوشات بداخله رسوماً تزينية ومنحوتات نافرة لإشارات النصر الرومانية (سيوف- تروس – رماح – دروع – خوذ) وغيرها من العتاد والأسلحة التي استخدمها المحاربون والفرسان الرومان”.
وتابع “يتألف “قوس النصر” من أربع فتحات يقوم فوق كل منها عقد حجري متقن ويلاحظ على أعمدة وجدران القوس تشويه فعل الزمن والتآكل الناتج عن عوامل المناخ”.
و تم تهديم الجدار الشمالي له بفعل مرور الزمن فأعيد ترميمه، واستخدم هذا القوس ككنيسة لمدة من الزمن بعد أن سُدت فتحاته بالجدران.
وأكمل “قامت الجهات المعنية بهدم الأبنية المجاورة للقوس وإزالة تلك الجدران التي كانت تسد الفتحات وبقي القوس كما كان تحت مستوى الأرض بنحو مترين”.
و شهد “قوس النصر” أعمال ترميم من قبل دائرة الآثار في اللاذقية، كما أُحيط بحديقة، وهو من أهم المباني المسجّلة في قائمة المباني الأثرية في اللاذقية، وإلى الشمال الشرقي من القوس تقع أعمدة باخوس الشهيرة.
وبقي “قوس النصر” شاهداً على عظمة فن العمارة واتقان البناء الذي جعله يصمد أكثر من ألفي عام، ويعد معلما من معالم المدينة ومن أهم آثارها القديمة التي بُنيت بصخور شاطئها الوردية قبل آلاف السنين.
سهى كامل – تلفزيون الخبر – اللاذقية