كاسة شاي

صندوق الأهل السري ورغبة اكتشاف الأطفال ما بداخله

مع تطور الشكل العمراني للبيوت السورية، عبر مئات السنين، واختلاف شكل المفروشات داخلها، وارتباطها بالتقدم التكنولوجي، حافظت هذه البيوت على بعض الخصائص والعادات التي لم تفارق سكانها.

وبين الكثير من التفاصيل المختبئة، في غرف المنازل، أو الواضحة في زواياها أو رفوف مطابخها، تبقى ذاكرة السوريين الغنية بتفاصيل مروا بها في طفولتهم، وقامت بتكوين ذاكرة جمعية لديهم، في الكثير من الحالات مع اختلاف بعض التفاصيل.

ومن هذه المنازل، منزل أبو سمير، ذو التصميم العربي، الذي يأسر عين زائره لكثرة المقتنيات القيمة المعلقة على جدرانه، والتحف الموضوعة في زواياه العريضة، التي ورثها عن أهله، والتي تعطي للبيت جمالية وقيمة معنوية لكل من يزوره.

وقال أبو سمير، لتلفزيون الخبر “هذه التحف ورثتها عن أهلي، وحين تزوجت وكان أولادي الخمسة أطفالاً لا يدركون قيمتها، أخفيتها ضمن صندوق خشبي، وضعته في غرفتي وأقفلت عليه حتى صار الأولاد شباباً” .

وتابع أبو سمير “كان خوفي الدائم من أن يصل الأطفال الى هذا الصندوق، حيث كنت أمنعهم من الاقتراب منه، وأعتقد أنهم اكتشفوا ما بداخله أثناء تنظيف أمهم للغرفة، فكانوا يجتمعون حولها في كل مرة لرؤية ما بداخله أثناء التنظيف”.

مهند أحد ابناء أبو سمير الخمسة، قال لتلفزيون الخبر “في إحدى المرات، تراهنت أنا وإخوتي أثناء اللعب، على قدرتي على فتح الصندوق وإخراج أحد الخناجر القديمة منه للعب بها، وبعد عدة محاولات قمت بكسر القفل، الذي كلفني كثيراً يومها”.

وتابع “بعد عدة جولات تحقيق، ومحاولتي التملص من العقوبة، اعترفت بفعلتي، واستقبلت العقوبة برحابة صدر” ويتابع ضاحكاً “لليوم جسمي بيوجعني” .

وبالانتقال من بيت أبو سمير (العربي)، إلى شقة تبعد عنه حوالي الشارعين، حيث يقطن وائل مع أسرته المكونة من زوجته، وطفل في الخامسة من العمر تبدو عليه ملامح الشقاوة وحب الاكتشاف والفضول.

تحدث وائل لتلفزيون الخبر قائلاً: “أغلب الخزن بالبيت مربطة، لأنو قصي (الطفل)، ما بخلي شي بمكانو، ورغم كل محاولاتي، خلاني حط الشغلات المهمة بصندوق التخت، لأنو صار خبير بقطع الحبال وفك كلشي مربوط”.

وأضافت زوجة وائل “حطيت ألبوم صور العرس وشوية هدايا قزاز وكم كتاب، بصندوق التخت، لأنو نص صوري وغراضي القديمة، صاروا للكب بعد ما وصل لألن هوي وعم يلعب”.

أما قصي صاحب الخمسة أعوام، فكانت توقعاته عن ما يوجد داخل صندوق السرير، مختلفة عن حقيقة ما بداخله، فهو يعتقد أن هذا السرير يحمل فقط “ألعاب وأكلات طيبة”، منعوه عنها أهله لأسباب يجهلها.

وأوضحت المدربة والناشطة في قضايا الاطفال، مي أبو غزالة، لتلفزيون الخبر، التأثيرات النفسية التي تسببها هذه الحالة قائلة: “يحمل الطفل بالفطرة حب الاكتشاف والفضول بداخله، ومنعه عن الاكتشاف ينافي لفطرته وطبيعته”.

وأضافت أبو غزالة “يفضل إبقاء كل الأغراض بمتناول يد الطفل، والشرح عنها إن كانت خطرة لمنعه من الاقتراب منها، ووضعها في مكان بعيد عنه ولكن ليس من الضرورة أن يكون مخفياً”.

وتابعت المدربة “بعض المقتنيات ذات القيمة المعنوية، نستطيع أن نشرح له عن محتواها كالكتب والصور، ونعطيه بديل لها يتناسب مع عمره، لإرضاء شعوره الفضولي” .

وأشارت أبو غزالة الى أنه “في حال قام الأهل بإخفاء المقتنيات بشكل دائم، مع مرافقتها بسلوك عنيف لمنعه من الوصول اليها، تتكون بشخصيته حينما يكبر حالة من الفضول التي تتجاوز خصوصيات الآخرين، وربما تتطور في بعض الحالات فيصبح الطفل سارق”.

وتبقى الخزنة أو الصندوق السري، محط أنظار معظم الأطفال، والذين لن يملوا حتى اكتشافه، بمختلف الأساليب، ومهما كلفهم ذلك، وفي التاريخ أمثلة كثيرة عن عباقرة قادهم فضولهم الى خدمة البشرية مثل ألبرت أنيشتاين الذي قال “انا لست موهوب انا فضولي”.

يزن شقرة _ تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى