يوم أبَت “الكوفية الفلسطينية” أن تُنَكَّس .. ذكرى انتفاضة الحجارة
شهد يوم الثامن من كانون الأول من عام 1987 اندلاع انتفاضة الحجارة أو الانتفاضة الفلسطينية الأولى، عندما قرر الفلسطينيون في الضفة والقطاع أن يقولوا “كفى” للقمع الصهيوني، وجاءت الشرارة الأولى باستشهاد أربعة عمال فلسطينيين في مخيم جباليا للاجئين في قطاع غزة.
وامتدت الانتفاضة الأولى لتشمل كافة الأراضي الفلسطينية من مدن ومخيمات، وتظاهر الفلسطينيون في أيام الجمع، وأضرب العمال الفلسطينيون عن العمل، ورفض الفلسطينيون دفع الضرائب لـ “إسرائيل”.
وبدأت الأمهات الفلسطينيات بالتدريس المنزلي للمدارس، كل ذلك كان جزءاً من المقاومة الشعبية، وقذف الفلسطينيون في الضفة الغربية بالهويات “الإسرائيلية”، التي تفرض عليهم، كجزء من العصيان المدني الشعبي.
وجنّد العدو “الإسرائيلي” أكثر من ثمانين ألف جندي “إسرائيلي” لوقف زخم الانتفاضة، وقمع نصف مليون فلسطيني عزل، واستخدمت وسيلة للعقاب بـ “تكسير العظام”، التي شجعها اسحاق رابين حين كان وزير حرب العدو.
وفشلت “إسرائيل” حينها في كبح جماح الفلسطينيين، الذين لم يعودوا يحتملون احتلالاً يأكل أرضهم ويقذف بأبنائهم في السجون، ويهدم منازلهم ويقضي على حلمهم بتحرير فلسطينهم.
وحظر العدو “الاسرائيلي”، أثناء الانتفاضة، جميع الرموز الوطنية الفلسطينية، ووصل حظرهم ذاك إلى العلم الفلسطيني، وحتى كلمة فلسطين، ومن يتظاهر حاملاً العلم، أو يعلق العلم في منزله فإن ذلك كان يعرضه للعقوبة بالسجن.
في المقابل، استخدم المقاومون الفلسطينيون سلاحهم الأشهر “المقلاع”، الذي ما زال حتى يومنا رمزاً للمقاومة الفلسطينية الشعبية، التي تجسد مقاومة شعب أعزل أمام آلة حرب العدو.
“المقلاع” الذي لا يعدو كونه حبلاً بقياسات معينة، يعقد من طرفين ثم يعقد من وسطه بطريقة خاصة، تسمح بحمل الحجارة، وإطلاقها باتجاه العدو، في حين لا تتسبب بخطر على راميها ومن حوله من رفاقه، وذلك اعتماداً على صناعة المقلاع اليدوية وطريقة رمي الحجر.
وأصبح “المقلاع” أحد النماذج المعبرة عن الغضب الفلسطيني ضد المحتل، ووثق في الأدب الفلسطيني المقاوم، وجسد في أشعار المقاومة والأعمال الفنية والمسرحية، وصار جزءاً من أساليب المقاومة التي لن تنسى وستخلد في التاريخ، كما خُلدت المقالع في أول استخدام لها قبل آلاف السنين.
كما تظاهر الفلسطينيون من كافة التيارات السياسية، وكانت المظاهرات تنطلق ويزداد حماس الشباب والشابات مع الأغاني الوطنية الشعبية أو المؤلفة خصيصاً للانتفاضة أو الأناشيد الدينية.
وسجنت “اسرائيل” عشرات الفنانين الفلسطينيين، بسبب مساهمتهم في فن الانتفاضة موسيقى وأغانٍ وأناشيد.
ولجأت “إسرائيل” إلى وقف الانتفاضة باستخدام العملاء والمتعاونين، فخلال الانتفاضة الأولى قتل 800 فلسطيني لاتهامهم بالعمالة لـ “إسرائيل”، وكان العملاء يرشدون عن المقاومين وناشري البيانات ومن يقفون وراء جمع الفلسطينيين وتنظيمهم خلال الانتفاضة.
وتؤرّخ نهاية الانتفاضة الأولى (انتفاضة الحجارة) بعام 1993، حين وقعت في البيت الأبيض اتفاقية “أوسلو” بين منظمة التحرير الفلسطينية و “اسرائيل”، “اوسلو” التي زعم “عربانها” أنها الجسر الواصل بين الاحتلال والاستقلال، وماكانت لتكون إلا الجسر الواصل بين الاحتلال ومزيد من الاحتلال.
لتشكل بعدها “أوسلو” أحد أهم سمات العجز والفساد و الحقيقه المُرة لدى الفلسطيني المقاوم، وما أصبح يدركه الشعب الفلسطيني ذهنياً ووطنياً هو أن الحرب مع العدو غير قابلة لما يسمى اتفاقات، ولما يزعمه عرابوها.
يذكر أنه باندلاع انتفاضة الحجارة ظهر مصطلح “الانتفاضة” لترافق جذوره المتوقدة حياة الفلسطيني، بعلمه ونشيده وكوفيته، لتكون رموزاً رافضة لكل أشكال التطبيع مع العدو.
تلفزيون الخبر