صانع ضحكة السوريين ..نضال سيجري وخمس سنوات على الرحيل
لا يعد يوم الحادي عشر من تموز من عام 2013 في تاريخ الفن السوري كما قبله، يوم 11 تموز هو اليوم الذي انتهى فيه صراع المحبوب نضال سيجري مع المرض ليودِّع فيه نجم ضيعة ضايعة أحباءه ويصبح ذكرى حزينة تسكن قلوبهم.
رحيل نضال ألبس خشبة المسرح السوري السواد و لم يكن هذا مجازاً، لأن جثمانه سجي على خشبة المسرح القومي في اللاذقية بناءً على وصيته.
عشق سيجري أبا الفنون حتى النهاية وكان تلميذاً نجيباً في المدرسة المسرحية السورية وترسَّم خطوات روادها وعلى مدى سنوات عمره التسع والأربعين كان بطلاً مسرحياً فريداً.
وكانت حصيلته الفنية خلال مسيرة استمرت قرابة العشرين عاماً تضم أكثر من خمس عشرة مسرحية للمسرح القومي ومسرح الطفل وعشرة أفلام سينمائية روائية وقصيرة وأكثر من ثمانين تمثيلية ومسلسلاً تلفزيونياً.
وكان الرابط بين هذه الأعمال قدرة سيجري الفريدة على الإتيان بشخصيات جديدة مع كل عمل دون الوقوع في أسر التكرار والنمطية.
وكثيراً ما استغرب المحيطون به من قدرة هذا الإنسان الوديع على أن يتحول إلى شخص آخر على خشبة المسرح أو أمام عدسات الكاميرا فكأنه يحوِّل آلامه وأوجاعه إلى طاقات كامنة تولّد إبداعاً.
وخير دالٍّ على ذلك عندما بدأ تصوير الجزء الثاني من عمله الأشهر ضيعة ضايعة، كان المرض بدأ ينتشر في جسمه ولكنه لم يتوقف وتحامل على آلامه وجلسات العلاج الصعبة.
واختتمت حكاية قرية أم الطنافس ومصيرها الذي ينتظرها، أما عمله الأخير “الخربة” فشارك فيه بعد أن فقد صوته نهائياً وانتشل الأطباء له حنجرته المريضة.
ألم نضال من المرض كان يهون أمام وجعه على وطنه عندما تلمس بحساسيته ما ينتظره فتحول الفنان إلى ساحة العمل الوطني وتشهد له مشاركاته في جلسات الحوار ولقاءاته مع كل الأطياف بسعة أفقه وإيمانه بوطنه.
لم يكن شارلي شابلن العربي فناناً سورياً عُجِنَ بالإبداع والموهبة الأصيلة فحسب بل كان قبل ذلك ابناً باراً لسوريا الأم العظيمة كما وصفها دائما ببحة حنجرته حتى فقد تلك الحنجرة وتحول إلى الإيماء وهو يدعو أبناء جلدته للاحتكام إلى الحوار ونبذ السلاح.
و لطالما صرخ متألماً “سوريا عم توجعني” وكم من مرة نادى أبناء جلدته والحزن يستصرخه “أيها السوريون العظماء سورية تبكيكم”
ولكن حزن نضال على سوريا وهو يذوي شيئاً فشيئاً ويقترب بخطواته من الموت لم يفقده إيمانه بها فكتب قبل رحيله بأشهر “من هم أجداده هؤلاء العشاق.. سلطان باشا الأطراش.. ابراهيم هنانو.. فارس الخوري.. يوسف العظمة.. حسن الخراط.. عز الدين القسام.. جول جمال.. الشيخ صالح العلي.. أبو خليل القباني.. بدوي الجبل.. وغيرهم الكثيرون من العشاق فعليه ألا يخاف”.
أغدق سيجري الحب لسوريا والسوريين، ودعا السوريين للمحبة والإخاء، كما وأضحك كثيرين من سوريين وعرب وأدخل البهجة بكلامه وإيماءاته ليبعثر شيئا من بؤسهم، وما ترك بصمته الجلية فقط في الفن السوري بل في فن الحياة التي لا تخلو من الإنسانية والسلام.
روان السيد – تلفزيون الخبر