لماذا يسمى معهد حلب العلمي بـ “مدرسة الأميركان”.. هل كان لدينا “أميركان” في سوريا ؟
يعتبر معهد حلب العلمي من المدارس الثانوية المعروفة بقدمه وشهرته في مدينة حلب، الواقع بمنطقة الكرة الأرضية، ويعرف باسم “مدرسة الأميركان” من قبل أهالي حلب بدون معرفة معظمهم سبب ظهور هذه التسمية المتداولة وأصلها أومن أطلقها ولماذا “أميركان”، فهل كان في سوريا “أميركان” من قبل؟.
وللأسف وبعد سنين طويلة من الصمود سياسياً وعسكرياً في وجه أمريكا التي تسعى جاهدةً لوضع قدم لها في سوريا، جاء الباب مفتوحاً لها لأول مرة في التاريخ خلال الحرب السورية، وعبر “القوات الكردية” التي سمحت بإقامة قواعد ودخول القوات الأمريكية لبعض المناطق.
ولا بد للإشارة إلى المعلومة السابقة من أجل العودة منها لموضوع “مدرسة الأميركان” وسبب تسميتها بذلك، علماً أن “المعهد” وجد بحلب منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى عام 1916، فهل كان في سوريا أميركان حينها؟
يعود تاريخ نشأة معهد حلب العلمي لعام 1860، بعدة أقسام وأسماء كاسم “قسم البنات في مدينة عنتاب” و”كلية وسط تركيا” و”ثانوية الصبيان الانجيلية بحلب” و”كلّية حلب الأمريكية”، انتهاءً بكلّ من “معهد حلب العلمي الخاص للبنين” و”معهد حلب العلمي الخاص البنات”.
وأصل وجود معهد حلب العلمي هو لما يسمى “مجلس الوكلاء الأميركي للإرساليات الأجنبية”، من أيام عهد الدولة العثمانية، حيث هدف المجلس كان إرسال بعثات لدول العالم تبشيرية وخدمةً للمسيحيين الأرمن، وكان من أحد وجهات تلك البعثات “مقاطعة عنتاب العثمانية”.
وأنشئ المعهد، الذي هو حالياً مدرسة ثانوية، في عنتاب تحت مسمى “قسم البنات في عنتاب”، ومن ثم “معهد عينتاب” ليتحول إلى “كلية وسط تركيا”، وليأتي عام 1915 ويصدر قرار بإغلاق الكلية نهائياً، ونتيجة المجازر التي ارتكبتها تركيا بحق الأرمن، نقل المعهد إلى حلب.
و كان طلاب المعهد في غالبيتهم من الأرمن، بشكل رئيسي من البروتستانتية الأرمن، وكنتيجة للمذابح الأرمنية التي ارتكبتها تركيا خلال عام 1915، تم نقل المعهد إلى حلب في عام 1916، وبعون من الجالية الأرمنية في حلب الّتي بلغ تعدادها حينها حوالي 150 ألفاً.
وفي عام 1924 تم ترخيص معهد حلب العلمي رسمياً من قبل “حاكم حلب” مرعي باشا الملاح واعتمدت تسمية “كلية حلب” رسمياً عليه عام 1928.
ومر على “الكلية” العديد من الأحداث والمشاريع التوسعية كبناء أبنية للبنين وأخرى للبنات بأقسام متنوعة وتعليم عبر النظام الأمريكي، الذي جاء من أصل الانشاء عبر “مجلس الوكلاء الأمريكي للارساليات الأمريكية”.
وفي عام 1967 وبعد أزمة المدارس الخاصة في سوريا، ونتيجة لحرب الستّة أيّام، غادر المجلس الإرسالي الأجنبي البلاد بشكل كامل، تاركاً ملكية المعهد مقسومة مناصفةً بين السينودس الإنجيلي الوطني في سوريا، ولبنان (قسم البنين ومدرسة النشء الجديد)، وبين اتحاد الكنائس الأرمنية الإنجيلية (قسم البنات ومدرسة الرسالة).
ويقول بعض الأشخاص أن “عائدات معهد حلب العلمي حالياً تعود لأميركا أو المجلس الأمريكي الذي أنشأ المعهد في عنتاب”، إلا أن لا معلومات مؤكدة حول هذا الأمر الذي يبقى “أقاويل”، وما هو معروف أن ملكية المعهد قسمت على الشكل المذكور سابقاً.
وتوقّف معهد حلب العلمي إثر ذلك عن كونه “كلّية” بعد مغادرة المجلس، ليتحوّل إلى مدرسة تشمل رياض الأطفال ومرحلتي التعليم الأساسي والثانوي. لكلا البنين والبنات، ويدير المعهد ممثّل من الجهة الصاحبة (سواء كانت السينودس أو الاتحاد الأرمني) بالاشتراك مع مدير منتدب من وزارة التربية.
وتطور “معهد حلب العلمي” خلال السنين عبر توسيعه وإقامة أبنية جديدة وملاعب كرة قدم وسلة، بالإضافة للمساحات الخضراء، بشكل يميزه عن باقي المدارس في حلب، ويدرس المعهد حالياً المنهاج السوري الحكومي، عدا عن مادة اللغة الانكليزية التي تدرس بمنهاج أمريكي، كما يصنف المعهد على أنه خاص.
وبسبب تاريخ نشوء “معهد حلب العلمي” وأصوله فإن تسمية “مدرسة الأمريكان” درجت منذ القدم بين أهالي حلب، لتصل إلى الجيل الجديد الشاب بدون معرفة معظمهم سبب وأصل تلك التسمية.
يذكر أن معهد حلب العلمي خرَّج العديد من الشخصيات المهمة كناظم القدسي، الرئيس السابق لسوريا وفاتح المدرس الرسام سوريّ معروف، ومصطفى العقاد المنتج ومخرج الأفلام العالمي.
وفا أميري – تلفزيون الخبر