في اليوم العالمي للغة العربية .. إلى أين وصلت لغتنا ؟
اغتُصِبَت كما اغتُصِبَت بلادها، وُشوِهَت كما تشوهت كثير من ملامح تلك البلاد، هي في أهميتها لاتقل شأناً عن تلك اللغات التي استبدلها أبناؤها بها لا بل هي أعلى شأناً، اللغة العربية التي تفسح لمن يغوص في أعماقها الإبحار الى أعماقٍ بعيدة.
“هي لغة مطواعة وهذا أهم مايميزها، فهي اللغة الوحيدة التي تتفوّق على قريناتها من اللغات الحية بعدة سمات، من خلال قابليتها للتطور على الرغم مما يرميه بها أعداؤها من ثباتها وجمودها، لكنها على العكس هي لغة متطورة ومتجددة”
هذا ما بدأ به رئيس اتحاد الكتاب العرب في سوريا، نضال الصالح في وصف اللغة العربية لتلفزيون الخبر، متابعاً ” اللغة العربية من اللّغات العالميّة الأكثر انتشاراً، وهي اللغة التي اختارت لها الأمم المتحدة يوم الثامن عشر من كانون الأول يوماً عالمياً لها لتصبح لغة رسمية فيها وفي المؤسسات التابعة لها”.
وفي الحديث عن عصرية اللغة العربية وقابليتها للتطور، قال الصالح “تتجاوز كثيرمن كلمات اللغة العربية أصولها المعجمية حيث تتطور بتطور الحياة وتطور العصرعلى سبيل المثال كلمة (ظرف) تستخدم في أكثر من موضع”.
وأشار إلى “أهمية مجامع اللغة العربية في الوطن العربي بهذا الخصوص، علماً أن أهم وأقدم تلك المجامع مجمع اللغة العربية في دمشق، حيث تأتي أولى مهامهم تلك بإعادة النظر في اللغة ليس على مستوى القواعد فحسب، بل على مستوى العلاقة مع الحياة”.
ولفت الصالح إلى أنه “نستطيع أن نصف اللغة العربية على أنها لغة حياة على حين أن لغات أخرى كالإنكليزية القديمة على سبيل المثال لا تعرف أي تطور لها”، موضحاً “نحن اليوم نستطيع أن نقرأ الشعر الجاهلي مثلاً على أن صاحبه يقوله أمامنا و هذا لايتوفر في اللغات الأخرى”.
وتحدث رئيس اتحاد الكتاب العرب في سوريا عن “الروايات الحديثة التي تعتمد في متنها حوارات عامية”، مشدداً على أن “ذلك يفسد اللغة، ومن المفترض أن يكون هناك رقابة عليها”، لافتاً إلى أنه لا يوافق على المؤلفات التي تحتوي انتهاك واضح للغة”.
وتابع “هناك وجهات نظر تسوّغ استخدام (العاميات) في الروايات، وهذا يجعل الرواية عصية على الفهم لاسيما وأن العاميات متنوعة، ولايوجد حتى في القطر الواحد عامية مشتركة بين مدينتين، فالعامية الدمشقية تختلف عن العامية الحلبية على سبيل المثال”.
وأشار إلى أن “اللغة العربية وحدها هي الكفيلة بتعزيز الحس الجمعي العربي، ويجب إعادة إحيائها والإعلاء من شأنها بدلاً من الانقضاض عليها”.
وشدد الصالح على أن “وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً تستبيح اللغة العربية استباحة بشعة حيث تنهش جمالياتها، ويجب أن يكون لهذه الأمة الناطقة بالعربية أبناء بررة أوفياء لهذه اللغة، وماعدا ذلك يعني مزيداً من الدمار لها”.
تجدر الإشارة إلى أنه مع ازدياد حالات الهجرة بعد اندلاع الحرب في سوريا تخلى الكثير من السوريين المهاجرين عن لغتهم الأم نظراً لظروف اللجوء والشروط التي تفرض عليهم لتعلم لغة بلد اللجوء.
ولا يخفى على أحد حرص كثير من العرب الذين يعيشون في دول أوروبا على سبيل المثال على الحفاظ على اللغة العربية نظراً لما لها من أهمية في حفظ هوية الأجيال، التي من الممكن أن تكون نشأت في بلاد اللجوء تلك مما ينسيها اللغة الأم.
حيث أكد معلم اللغة العربية الذي يعيش في ألمانيا و الذي أنشأ مدرسة خاصة فيها لتعليم اللغة العربية وليد عايش لتلفزيون الخبر أنه “و نظراً لأن اللغة العربية لا تُدَرَس في المدارس الألمانية وترسيخها ضروري، أسس مشروعه و هو مدرسة مختصة بتعليم اللغة العربية”.
وتابع عايش “هذه المدراس التي تعلم العربية ليست رسمية لكن الحكومة الألمانية تقدم الدعم لها”، مردفاً “هناك أطفال ألمان أيضاً يتعلمون اللغة العربية نظراً لحبهم لتعلم لغات كثيرة”.
وأشار إلى أن “هناك مشاكل تواجه المدرسة، منها أنه غير مسموح بفتح المدرسة إلا يومين في الأسبوع”، مضيفاً أن “الفئة المستهدفة في تلك المدارس هي من عمر ست سنوات حتى 13 سنة”.
ولفت عايش إلى أن “هناك جهل كبير بين العرب بأهمية الحفاظ على اللغة العربية على الأقل بين الأطفال لتنشئتهم عليها، وهنا تأتي المحاولات لتسهيل مهمة تعليم اللغة العربية التي تكون من خلال التشجيع والرحلات وجذب الأطفال”.
يذكر أنه هناك كثير من المحاولات الفاشلة للدفاع عن اللغة العربية، والتي تزيد الطين بلة منها ما أثير مؤخراً في تعميم أصدره الاتحاد الرياضي يقتضي استخدام عبارات محددة لم تستساغ من قبل البعض، ووضعها في مكاتب فروع الاتحاد الرياضي والصالات الرياضية والملاعب والنوادي، مما أثار الجدل في ذلك.
كثيرةٌ هي التحديات التي واجهت وتواجه اللغة العربية، من مسرفين في استخدامها بلا منطقية ومن مشوهين لها ولأصالتها، حيث يبقى الاعتدال في ذلك ومراعاة أهم النقاط التي تدعو إليها بلاغة العربية بأن “لكل”مقامٍ مقال” هو الأساس في ذلك.
روان السيد – تلفزيون الخبر